Top Ad unit 728 × 90

أخبار المدونة

احاديث نبوية شريفة

شرح الحديث القدسي إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر

شرح الشيخ زيد بن مسفر البحري
شرح - الحديث - القدسي - إن - أخوف - ما - أخاف - عليكم - الشرك - الأصغر
شرح الحديث القدسي إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر 
عن محمود بن لبيد رضى الله عنة: قال رسول الله : (إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر قالوا: يارسول الله وما الشرك الأصغر قال: الرياء. إن الله تبارك وتعالى يقول يوم تجازى العباد بأعمالهم: أذهبوا الى الذين كنتم تراءون بأعمالكم في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء!!) اخرجة احمد

الشرح:
توقف بنا الحديث عند قول المصنف رحمه الله، " وفي الحديث ":
هناك ما يسمى بالخبر
وهناك ما يسمى بالأثر
وهناك ما يسمى بالموقوف
وهناك ما يسمى بالمقطوع
فقوله: (وفي الحديث): " الحديث " في اصطلاح المحدثين:
" هو ما أوثر عن النبي من قول أو فعل أو تقرير أو صفة يعني: صفة له عليه الصلاة والسلام: إما صفة خَلقية أو صفة خلقية. " وأما الخبر: فهو عند بعضهم كالحديث
وقال البعض: " عن الخبر هو ما أوثر عن النبي أو عن غيره
فيكون الخبر بهذا الاعتبار أشمل من الحديث وأما تعريف الأثر:
فهو ما أوثر عن النبي فإذا قيل: " وفي الأثر " فلا يراد من ذلك أن مأثور عن النبي إلا إذا قُيِّد: كما لو قيل: " وفي الأثر عن رسول الله "
وأما الموقوف:
فهو ما أوثر وروي عن الصحابي، فما يقوله الصحابي يُعد موقوفا إلا إذا كان هذا الصحابي يقول شيئا لا يتعلق بالاجتهاد، بمعنى: ليس فيه مجال للاجتهاد
كما لو أخبر عما يكون في المستقبل أو أخبر عما يكون في القبر أو أخبر عما يكون يوم القيامة، فهذا يعد من قبيل المرفوع إلى النبي عليه الصلاة والسلام حكما.
وأما المقطوع:
فهو ما أوثر عن التابعي فمن بعده: فإذا قال الإمام مالك بن أنس أو قال الحسن البصري قولا فيُعدُّ هذا القول مقطوعا فقوله عليه الصلاة والسلام: (أخوف ما أخاف عليكم):
في هذا بيان حرص النبي عليه الصلاة والسلام على أمته، وحرصه على أمته كثير، لكن خوفه يعظم ويزداد من هذا الأمر المخبر عنه في هذا الحديث.
ولذا جاء بصيغة " أفعل التفضيل ": فهناك شيء يخاف منه وهناك شيء يشتد الخوف منه فلم يقل:
 (أخاف عليكم) وإنما قال: (أخوف ....)
فأفعل التفضيل يدل على عظم درجات هذا الخوف من هذا المذكور في هذا الحديث وفيه:
بيان أن الرياء أشد ما يُخاف على الصالحين؛ لأن الخطاب موجه إلى الصحابة، وهم أصلح الناس
فدل على أن أعظم ما يخاف على الصالحين هو" الرياء "
قال عز وجل: {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}
فهذه آية تدل على عظم حرصه عليه الصلاة والسلام، وحرصه على من؟ على المؤمنين
وقوله عليه الصلاة والسلام: (الشرك الأصغر): تدل هذه العبارة على أن هناك شركا أكبر
والشرك الكبر يختلف عن الشرك الأصغر في عدة أمور:
الأمر الأول:
أن الشرك الأكبر يُخلد صاحبه في النار
أما الشرك الأصغر فإن صاحبه لا يخلد، وغنما يعذب على قدر هذا الذنب إلى أن يرحمه الله فيدخله الجنة ابتداء
وهذا قول الجمهور
أما على أحد قولي شيخ الإسلام فيقول في أحد قوليه: " إنه لا يدخل الجنة تحت المشيئة يعذب في النار بقدر ذنبه ثم يكون مآله إلى الجنة
من الفروق:
أن الشرك الأكبر يحبط جميع الأعمال:
قال تعالى: (وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ)
قال: " أعمالهم ": فدل على أن جميع الأعمال تذهب أجورها بالموت على الشرك الأكبر.
أما الشرك الصغر فإنه يحبط العمل الذي قارفه:
قال عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم في الحديث القدسي: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه)
ومن الفروق:
أن الشرك الأكبر يخرج صاحبه من الملة أما الأصغر فغنه لا يخرجه عن الملة
من الفروق:
أن صاحب الشرك الأكبر لا يحاسب حساب موازنة وإنما تجمع عليه أقواله وأفعاله فيقرر ثم يسحب إلى النار:
قال تعالى: (فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً)
أما الشرك الأصغر فإن أعماله تدخل في الموازنة: (فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
فينظر إلى حسناته وسيئاته فتوزن حاله كحال صاحب الكبيرة
ومن الفروق:
أن الشرك الأكبر لا يدخل تحت المشيئة قال تعالى: (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ)
بينما الشرك الأصغر على قول الجمهور داخل تحت المشيئة: إن شاء الله رحمه بفضله، وغن شاء عذبه على قدر ذنبه بعدله عز وجل
 ومن الفروق:
أن الشرك الأكبر:
هو اتخاذ الند لله عز وجل في عبوديته أو ربوبيته أو في أسمائه وصفاته 
بينما الشرك الأصغر:
هو ما جاء في النصوص بتسميته شركا، ولم يصل إلى حد الشرك الأكبر ويمكن أن يقال:
إن الشرك الأصغر ما كان وسيلة إلى الشرك الكبر، فكل ما كان وسيلة إلى الشرك الأكبر فإنه من الشرك الأصغر
ويتفق الشرك الأكبر مع الشرك الأصغر في أن كلا منهما لابد فيه من التوبة، فليس في أحدهما كفارة كبعض الذنوب، إنما الكفارة أن يتوب إلى الله عز وجل.
فسئل عليه الصلاة والسلام: " السائل: هم الصحابة
وهذا يدل على حرص الصحابة في التفقه في دينهم، وفي الاطلاع على ما يفسد عبادتهم
فلما كان هذا الأمر من الخطورة بمكان سألوا عنه ومواقف الصحابة في مثل هذا كثيرة جدا
" فسئل عنه: فقال: (الرياء): في هذا بيان أن الشرك الأصغر هو الرياء.
وهذا تعريف منه عليه الصلاة والسلام.
والشرك الأصغر يسمى بالشرك الخفي على القول الراجح وقد سبقت هذه المسألة
فإن بعض العلماء يقول: " إن الشرك ثلاثة: أكبر، وأصغر، وخفي "
وبعضهم يقول وهو رأي ابن القيم: يقول: " إن الشرك نوعان: أكبر وأصغر "
فيكون الشرك الخفي من الشرك الصغر: ومما يدل على ذلك:
أن النبي خرج على الصحابة كما جاء في سنن ابن ماجة، خرج على الصحابة وهم يذكرون المسيح الدجال، ويخشونه:
فقال عليه الصلاة والسلام: (أخوف ما أخاف عليكم الشرك الخفي!
قالوا: يا رسول الله، وما الشرك الخفي؟
فقال: " الرجل يصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر الرجل إليه "
وهذه هي المراءاة .
إذا قلنا: " إن الشرك الخفي هو الشرك الأصغر لم يعنِ ان الشرك الأكبر ليس فسه شرك خفي
وإذا قلنا بذلك أيضا فليس معنى ذلك أن الشرك الجلي لا يكون في الشرك الأصغر
فالشرك بنوعيه الأصغر والأكبر فيهما: (جلي، وخفي) فمثال الجلي في الشرك الأصغر: الحلف بغير الله: قال عليه الصلاة والسلام كما في حديث ابن عمر: (من حلف بغير الله كفر أو أشرك)
فهذا شرك جلي أصغر
وأما الشرك الخفي في الشرك الأصغر: فهو " الرياء " كما ذكر هنا
وأما الشرك الجلي في الشرك الكبر: أن يركع أحد لمخلوق هذا شرك جلي ظاهر أو أن يعبد صنم
أما الشرك الخفي في الشرك الأكبر: أن يبغض ما جاء به الشرع:
قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ}
فقولنا: " إن الشرك الخفي هو الشرك الأصغر عند الإطلاق "
والشرك الخفي:
قال عليه الصلاة والسلام كما في مسند الإمام أحمد: (الشرك أخفى من دبيب النمل على الصفا)
فكيف النجاة من هذا الشرك؟
إذا كان وصفه عليه الصلاة والسلام للشرك الخفي من أنه أخفى من دبيب النمل على الصفا:
" الصفا " هو الحر الأصم الذي لا يعلق به غبار
فإذا مشى عليه النمل: هل يظهر لمشيه أثر؟! لا يظهر
إذا كان النمل على الصخور الصماء لم يظهر أثر لمشيه فما ظنكم بالصفا؟!
فهذا يدل على خطورة الشرك ولذا حسن قوله: (أخوف ما أخاف عليكم)
بصيغة أفعل التفضيل. وقد جاء عند الحكيم الترمذي: (وهو غير الترمذي صاحب السنن):
قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ألا أدلكم على ما يذهب صغاره وكباره؟
تقول: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم))
و " الرياء ": يتعلق بحاسة البصر من الرؤيا
ولم يعنِ أن ما يتعلق بحاسة السمع لا يدخل فيه بل إن ما يكون من العبادات يطلع عليها بحاسة السمع تكون من الرياء: وهو ما يسمى بــ " السمعة " ولذا بعض العلماء لا يفرق بينهما:
يقول: " الرياء هو السمعة، والسمعة هي الرياء " ولكن الصحيح أن هناك تفريقا بينهما من حيث المعنى أما من حيث الحكم فهما سواء: قال النبي عليه الصلاة والسلام – كما في الصحيحين:
 (من يرائي يرائي الله به، ومن يُسمع يسمع الله به) فتزيين العمل المدرك بحاسة البصر يكون " رياء "
وتزيين العمل المدرك بحاسة السمع كالتسبيح مثلا يكون " سمعة " وقال " ابن عبد السلام ":
" الرياء " ــــــــــــ هو إظهار العمل لطلب ثناء الناس
وأما السمعة: ـــــــــــ أن يعمل لله في سره ثم يخبر به الناس بعد ذلك مراءة وحبا للثناء. قال المصنف:
وعن ابن مسعود رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار) رواه البخاري
الشرح:
ابن مسعود رضي الله عنه سبق بيان شيء من سيرته في أحد الأحاديث السابقة:
ــــ وهو " عبد الله بن مسعود الهذلي " ــــ كنيته: " أبو عبد الرحمن " ــــ من قرَّاء الصحابة
ــــ تلقَّى من فم النبي عليه الصلاة والسلام سبعين سورة
ــــ قال عليه الصلاة والسلام: (من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأ على قراءة ابن أم عبد)
ـــ وكان من أعلم الصحابة بكتاب الله، حتى إنه ليحلف فيقول: " والله لو أعلم أحد أعلم مني بكتب الله تبلغه المطايا لأتيته "
ــــ توفي سنة اثنتين وثلاثين للهجرة (32 هـ) ومناقبه كثيرة عن ابن مسعود رضي الله عنه:
قال: قال رسول الله : (من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار) قال ابن مسعود، وأقول: " من مات وهو لا يدعو من دون الله ندا دخل الجنة "
فكأن ابن مسعود رضي الله عنه قال بمفهوم هذا الحديث: فالجملة الأولى من النبي عليه الصلاة والسلام. أما الجملة الثانية فقال: " هي من عندي " وهو لم يأت بها تخرصا، وإنما أتى بها عن طريق المفهوم. والمفهوم معتد به عند الأصوليين:
فقال: " من مات وهو لا يدعو من دون الله ندا دخل الجنة " لو قال قائل:
لِمَ يقل: " من مات وهو لا يدعو من دون الله ندا لم يدخل النار " حتى يتوافق هذا المفهوم في لفظه مع ظاهر الحديث؟ فالجواب عن هذا:
أنه قطع بناء على النصوص الواردة في دخول الموحد الجنة دخولا قطعيا 0
فقطع له بدخول الجنة بناء على ما جاء من نصوص تقطع بدخول الموحد الجنة دخولا قطعيا لا مرية فيه 0 ثم هو رضي الله عنه لم يبلغه حديث " جابر " الآتي معنا:
ولمسلم عن جابر: (من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار)
فهذا المفهوم الذي فهمه ابن مسعود رضي الله عنه من هذا الحديث صرح به جابر في الحديث الآخر
فكأنه رضي الله عنه لم يبلغه ما بلغ جابر من تصريح النبي صلى الله عليه وسلم بهذا المفهوم.
فقوله عليه الصلاة والسلام: و (من مات): " من " اسم شرط
وأسماء الشرط كما هو مقرر عند الأصوليين تفيد العموم
فتشمل حتى العابد الذي عبد الله عز وجل حياته كله ثم قبل وفاته دعا من دون الله ندا
فهي شاملة للذكر والأنثى للمتقدم في السن أو المتأخر فيه للعابد أو لغيره ويستفاد أيضا:
أن الأعمال بالخواتيم فقد علق عليه الصلاة والسلام هذا الحكم بالموت:
فقد يكون الإنسان حياته كلها مشركا ثم يمن الله عز وجل عليه بالإسلام فيكون مآله إلى الجنة
وقد يكون العكس: بأن يكون الإنسان عابدا لله ثم يختم له بسوء ولذا قال عليه الصلاة والسلام كما عند البخاري: (إنما الأعمال بالخواتيم) قال عليه الصلاة والسلام – كما في الصحيحين:
قال: (إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينه إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها)
قال بعض العلماء: " إن مثل هذا السوء في ختام حياة الإنسان لا يكون ن شخص أصلح سريرته لأن الله عز وجل كريم محسن لا يضيع أجر من أحسن عمله، وإنما يحصل هذا لمن خبثت سريرته وتدنست طويته "
ولذا قال ابن القيم: يبشر العابد: إن هناك رواية: (إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس)
فهذه الجملة: " فيما يبدو للناس " تبين المقصود. ولذا جاء عند ابن ماجة:
من حديث ثوبان: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:
 (يأتي أناس من أمتي بحسنات كجبال تهامة يجعلها الله هباء منثورا، فقالوا: يا رسول الله جلهم لنا صفهم لنا أن لا نكون منهم؟
فقال: (إنهم يصلون كما تصلون، ويصومون كما تصومون، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم قوم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها)
من الفوائد:
أن الحكم هنا كما هو معلق بالموت كذلك حبوط العمل ومعلق بالموت:
فلو أن شخصا ارتد وكان قد عمل أعمالا صالحة فارتد ثم عاد إلى الإسلام قبل أن يتوفاه الله فإن أعماله السابقة لا تحبط. وهذا هو القول الصحيح من قول العلماء.
أما قوله تعالى: (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ)
فهو مطلق مقيد قوله تعالى: (وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ)
فعلق حبوط العمل على الموت وقوله عليه الصلاة والسلام: (وهو يدعو من دون الله ندا):
وقوله: (وهو يدعو): جملة حالية أي ــــــ أنه مات حالة كونه يدعو من دون الله ندا وقوله: (وهو يدعو) يشمل الدعاءين: دعاء المسألة ودعاء العبادة
فإذا دعا أحد دعاء مسألة لا يقدر عليه إلا الله فمات دخل النار.
ومن دعا غير الله دعاء عبادة فمات دخل النار
وهذان النوعان سبق الحديث عنهما: فدعاء العبادة:
كالصلاة والزكاة الحج والصوم
فأنت تقوم بهذه العبادات، ولسان حالك يقول: " ربي اغفر لي رب ارحمني، ربي أدخلني الجنة "
فأنت لم تصل ولم تصم ولم تزك ولم تحج إلا لحصول رحمة الله وأما دعاء المسألة:
كأن يقول: " يا ربي ارحمني اللهم ارزقني " فإذا صرف هذان الدعاءان لغير الله فمات هذا الصارف دخل النار. وقوله عليه الصلاة والسلام: (وهو يدعو من دون الله ندا): " الند " ــــــــ هو الشبيه والنظير ولذا يقال " فلان ند فلان " يعني: شبيه له ونظير له ومثيل له
وكما أن الند يكون في الشرك الأكبر يكون أيضا في الشرك الأصغر يدل لهذا:
أن رجلا قال لرسول الله : " ما شاء الله وشئت " فقال: (أجعلتني لله ندا بل ما شاء الله وحده)
وقول ما شاء الله وشئت من الشرك الأصغر
وقوله عليه الصلاة والسلام: (دخل النار):
دخل: فعل مثبت يعني في حالة الإثبات ليس في حالة النفي وفرق عند علماء الأصول بين الفعل في سياق النفي وبين الفعل في سياق الإثبات. فقوله هنا " دخل النار" فعل في سياق الإثبات فيدل على مطلق الدخول لكن لا يفهم منه التأبيد في النار وهذا الإطلاق مقيد بنصوص أخرى:
قال تعالى: (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ)
وقال عليه الصلاة والسلام: (فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله)
يفهم من ذلك أن هذا التحريم على النار لا يكون للمشرك
وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ قَدْ ضَلُّواْ ضَلاَلاً بَعِيداً {167} إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً {168} إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً)
فقيده بالتأبيد
وقال تعالى: (وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) لأن العصيان قد يكون عصيانا أكبر مخرجا عن الملة
(وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً)
ثم ذكر المصنف رحمه الله: قال: " ولمسلم عن " جابر " رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار)
الشرح:
ولمسلم: عن جابر رضي الله عنهما، وذلك لأن أباه صحابي وهو " جابر بن عبد الله بن حرام السُلمي " ولأبيه مناقب متعددة وهو من المكثرين من أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام وهذا الحديث المذكور يسمى بـت " حديث الموجبتين " قال عليه الصلاة والسلام:
 (أتدرون ما الموجبتان؟ من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار)
فقوله عليه الصلاة والسلام: (من لقي الله):
اللقيا مرت معنا في الحديث القدسي: (يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة)
وقد مضى الحديث هناك عن رؤية الكفار ربهم هل يرى الكفار الله عز وجل في عرصات يوم القيامة أم أنهم لا يرونه؟ الإجماع انعقد على أنهم لا يرونه رؤية نعيم، لكنهم اختلفوا: هل يرون الله عز وجل في العرصات كما يراه المؤمنون أم لا؟ مسألة تقدم الحديث عنها وقد استوفى الحديث عنها شيخ الإسلام رحمه الله في الفتاوى فقوله: (من لقي الله لا يشرك به شيئا): قوله "(لا يشرك) ":
هنا فعل في سياق النفي ليس في سياق الإثبات فيعم فهذا الأجر المترتب في هذا الحديث لا يحصل إلا إذا خلا الإنسان من الشرك كله ومن عمومه صغيره وكبيرة ولذا فإن الفعل المنفي عند علماء أصول الفقه يدل على العموم فقوله هنا: (لا يشرك به شيئا):
بمعنى أنه لا يشرك به لا شركا أصغر ولا أكبر، لا خفيا ولا جليا لا دقيقا ولا عظيما وقوله: (شيئا):
شيئا نكرة في سياق النفي والنكرة في سياق النفي عند علماء الأصول تفيد العموم
بمعنى: أنه لا يشرك بالله عز وجل لا حقيرا ولا عظيما، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل، ولا من هو دونهم
ثم قال: (دخل الجنة): ودخل ـــــــــــــــــــ هنا فعل في سياق الإثبات: فهو محتمل إلى أن يكون دخوله للجنة غي مسبوق بعذاب ويحتمل أن يكون دخوله للجنة مسبوقا بعذاب ولذا جاء الفعل في سياق الإثبات فهذا مطلق فيكون دخول الموحد للجنة على صورتين: إما دخولا كاملا: وذلك بألا يسبقه عذاب كأن لا تكون له سيئات أو تكون له سيئات فيعفو عنه عز وجل وإما أن يكون دخولا ناقصا: وذلك بأن يسبق دخوله عذاب كأن تكون له معاصي فيعذبه عز وجل بعدله، ثم يكون مصيره إلى الجنة


الحمد لله رب العالمين
مدونة فذكر
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
شرح الحديث القدسي إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر Reviewed by احمد خليل on 9:40:00 م Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.