باب قيام النبي صلى الله عليه وسلم بالليل في رمضان وغيره
فتح الباري شرح صحيح البخاري
ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
باب قيام النبي صلى الله عليه وسلم بالليل في رمضان وغيره
فتح الباري شرح صحيح البخاري: كتاب
التَّهَجُّدِ:
بَابُ قِيَامِ النَّبِيِّ ﷺ بِاللَّيْلِ فِي
رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ.
١١٤٧- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ
المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ:
أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، كَيْفَ كَانَتْ صَلاَةُ رَسُولِ
اللَّهِ ﷺ فِي رَمَضَانَ؟ فَقَالَتْ: مَا
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَزِيدُ فِي
رَمَضَانَ وَلاَ فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً: يُصَلِّي
أَرْبَعًا، فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي
أَرْبَعًا، فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاَثًا.
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟
فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ
وَلاَ يَنَامُ قَلْبِي».
الشرح:
قوله: (باب قيام النبي ﷺ بالليل في رمضان وغيره) سقط قوله:
"بالليل" من الصغاني.
ذكر فيه حديث أبي سلمة، أنه
سأل عائشة: كيف
كانت صلاة رسول الله ﷺ؟ وقد تقدمت الإشارة
إليه في "باب كيف كان النبي ﷺ يصلي
بالليل".
وفي الحديث دلالة على أن صلاته كانت
متساوية في جميع السنة، وفيه كراهة النوم قبل
الوتر لاستفهام عائشة عن ذلك، كأنه تقرر عندها منع ذلك، فأجابها
بأنه ﷺ ليس في ذلك كغيره، وسيأتي هذا الحديث
من هذه الطريق في أواخر الصيام أيضا، ونذكر فيه إن شاء الله تعالى، ما بقي من
فوائده.
١١٤٨- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي
أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقْرَأُ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلاَةِ اللَّيْلِ
جَالِسًا، حَتَّى إِذَا كَبِرَ قَرَأَ جَالِسًا، فَإِذَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ
السُّورَةِ ثَلاَثُونَ أَوْ أَرْبَعُونَ آيَةً، قَامَ فَقَرَأَهُنَّ، ثُمَّ رَكَعَ.
الشرح:
قوله: (حتى إذا كبر)
بينت حفصة أن ذلك كان قبل موته بعام، وقد تقدم بيان ذلك مع كثير من
فوائده في آخر "باب من أبواب التقصير".
قوله: (فإذا بقي عليه من السورة ثلاثون
أو أربعون آية قام فقرأهن ثم ركع) فيه رد على من اشترط على من افتتح النافلة
قاعدا أن يركع قاعدا، أو قائما أن يركع قائما، وهو محكي عن أشهب وبعض الحنفية.
والحجة فيه ما رواه مسلم وغيره من طريق عبد الله بن شقيق، عن عائشة في
سؤاله لها عن صلاة النبي ﷺ، وفيه: كان إذا قرأ قائما
ركع قائما، وإذا قرأ قاعدا ركع قاعدا. وهذا صحيح، ولكن لا
يلزم منه منع ما رواه عروة عنها، فيجمع بينهما بأنه كان يفعل كلا من ذلك
بحسب النشاط وعدمه. والله أعلم. وقد أنكر هشام بن
عروة على عبد الله بن شقيق هذه الرواية، واحتج بما رواه عن أبيه،
أخرج ذلك ابن خزيمة في صحيحه، ثم قال: ولا مخالفة عندي بين الخبرين؛ لأن
رواية عبد الله بن شقيق محمولة على ما إذا قرأ جميع القراءة قاعدا أو قائما،
ورواية هشام بن عروة محمولة على ما إذا قرأ بعضها جالسا وبعضها قائما.
والله أعلم.
الحمد
لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن
المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

ليست هناك تعليقات: