شرح العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
أحاديث رياض الصالحين: كتاب الأمور
المنهي عنها: باب النهي عن التغوط في طريق النَّاس وظلِّهم وموارد الماء ونحوها.
قَالَ الله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب:
٥٨].
١٧٨٠- وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي
الله عنه، أَنَّ
رَسُول اللَّهِ ﷺ قَالَ: «اتَّقُوا الَّلاعِنَيْن» قَالُوا ومَا
الَّلاعِنَانِ؟ قَالَ: «الَّذِي يَتَخَلَّى في طَريقِ
النَّاسِ أَوْ في ظِلِّهِمْ» [١] رواه مسلم.
أحاديث رياض الصالحين: كتاب الأمور المنهي عنها: باب
النهي عن البول ونحوه في الماء الراكد.
١٧٨١- عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، أَنَّ
رسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى أَنْ يُبَال في
المَاءِ الرَّاكدِ. [٢] رواهُ مسلم.
الشيخ:
الحمد لله وصلّى الله وسلم على رسول الله
وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث تتعلق بالتحذير من ظلم
المسلمين، والتعدي عليهم بوضع ما يؤذيهم في الطرقات من بول أو غائط أو غير ذلك،
يقول الله جَلَّ وَعَلَا: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا
بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: ٥٨]، وفي الحديث: من ضار
مسلمًا ضاره الله، ومن شق على مسلم شق الله عليه فالواجب على المسلم أن يحذر
ما يؤذي إخوانه ويضرهم في الطرقات أو غيرها، سواء كانوا جيرانًا أو غير جيران، يجب
الحذر، ومن هذا الحديث يقول ﷺ: "اتقوا
اللاعنين الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلهم"، والحديث الآخر: "اتقوا
الملاعن الثلاثة: البراز في الموارد، وفي الظل، وتحت الشجر" فالمؤمن
يحذر جميع ما يؤذي الناس، سواء كان في موارد الماء، أو في طريق الناس، أو في ظلهم،
أو أشباه ذلك مما يتأذون به، وهكذا قارعة الطريق لا يكون فيها ما يؤذي الناس.
وهكذا البول في الماء الدائم، الرسول نهى
قال: لا يبولن أحدكم في الماء الدائم؛ لأن البول فيه وإن كان كثيرًا قد يتجمع
ويتزايد فيضر الماء وينجسه، ثم هو يقذره على الناس وإن لم ينجسه، إذا علم الناس
أنه قد بيل فيه تأذوا منه وتقذروا حتى في الشرب، فالواجب الحذر من البول في الماء
الدائم، والتغوط فيه أشد وأقبح، وهذا ينبئ أنه ينبغي للمؤمن أو المؤمنين جميعًا أن
يتباعدوا عن كل أذى، وأن يتواصوا بذلك؛ لأن الله يقول سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ
بَعْضٍ} [التوبة: ٧١] فالواجب التواصي بما ينفعهم ويدفع الضرر عنهم.
[١] صحيح مسلم: (٢٦٩).
[٢] صحيح مسلم: (٢٨١).
الْحمْد لِلَّه ربِّ الْعالمين
اللَّهمَّ اِرْحم مَوْتَانا مِن المسْلمين واجْمعْنَا
بِهم فِي جَنَّات النَّعِيم
تَقبَل اَللَّه مِنَّا ومنْكم صَالِح الأعْمال