Top Ad unit 728 × 90

أخبار المدونة

احاديث نبوية شريفة

شرح حديث / سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون

كتاب آداب السفر -  باب ما يقول إذا ركب الدابة للسفر
شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله
شرح - حديث -  سبحان - الذي - سخر - لنا - هذا - وما - كنا - له - مقرنين - وإنا - إلى - ربنا - لمنقلبون
شرح حديث / سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون
أحاديث رياض الصالحين
باب ما يقول إذا ركب الدابة للسفر: الحديث رقم 979

قال الله تعالى: ﴿وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (12) لِتَسْتَوُوا على ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هذا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) وَإِنَّا إلى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ (الزخرف الآية 12 – 13)

979 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله (كان إذا استوى على بعيره خارجا إلى سفر، كبر ثلاثا، ثم قال: سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل. اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب في المال والأهل والولد وإذا رجع قالهن وزاد فيهن آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون) رواه مسلم

قوله "ومَا كُنّا لَهُ مقرنين" أي مُطِيقِين. أي ما كُنَّا نُطِيقُ قَهرَهُ واستِعمَالَهُ لَولا تَسخِيرُ اللهِ تَعالى إيّاهُ لنَا.
قوله "وَعْثَاء السّفَر" أي شِدّته ومَشَقّته.
قوله "وكآبة المنظر" تغيُّر النّفسِ مِن حُزْنٍ ونحوِه.

الشرح
قال المؤلف رحمه الله تعالى في باب آداب السفر: باب ما يقوله إذا ركب دابته للسفر.
هكذا قيد المؤلف رحمه الله الحكم فيما إذا ركب للسفر وظاهر الآية الكريمة أن الحكم عام وأن الإنسان إذا ركب دابته أو سيارته أو السفينة فإنه يقول ما ذكره الله عز وجل ثم ذكر حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي كان إذا ركب دابته خارجا في سفر قال كذا وكذا وذكر قبل ذلك الآية وهي قوله تعالى: ﴿وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (12) لِتَسْتَوُوا على ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هذا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) وَإِنَّا إلى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ (الزخرف الآية 12 – 13)
﴿وَجَعَلَ لَكُم يعني: سير لكم.
﴿مِّنَ الْفُلْكِ: يعني السفن وهي ثلاثة أنواع: بحرية، وبرية، وجوية أما البحرية فكانت معروفة من قديم الزمان من زمن نوح صلى الله عليه وسلم حين أوحى الله إليه ﴿وأَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ثم قال: ﴿وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِر وأما السفن البرية فظهرت متأخرة وهي السيارات، وأما الجوية فهي أيضا بعد ذلك وهي الطائرات وكلها داخلة في قوله: ﴿وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْفُلْكِ فإنها فلك لأنها تجمع ما شاء الله من الخلق وقوله تعالى: ﴿وَالْأَنْعَامِ يعني الإبل والبغال والحمير والخيل وغيرها مما يركب وقد اختلف العلماء في جواز ركوب الإنسان ما لم تجر العادة بركوبه، كما لو ركب البقر فمنهم من قال: إنه جائز ما لم يشق عليه ومنهم من قال: إنه لا يجوز لأنها لم تخلق لهذا والصحيح أنه جائز وأنه لا بأس أن يركب الإنسان ما لم تجر العادة بركوبه لكن بشرط ألا يشق عليها فإن شق عليه فهو ممنوع وقوله تعالى: ﴿لِتَسْتَوُوا على ظُهُورِهِ اللام إما للتعليل أو للعاقبة، يعني أنه جعل لنا ما نركب لنستقر على الظهور، فلم يجعله صعبا نزرا لا يستوي الإنسان على ظهره ولا يستقره، بل هو يستقر على ظهره، وهذا مشاهد في السيارات والسفن والطائرات والإبل الذلول وما أشبه ذلك ﴿ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ بعد الاستواء تذكرون نعمة الله بما يسر لكم مما خلق من الأنعام ومما علمكم من الفلك وتقولوا: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هذا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إلى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ كان الذي يتبادر أن يقول الإنسان: الحمد لله الذي سخر لنا هذا ولكنه أمر أن يقول: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هذا لماذا، لأن ﴿سُبْحَانَ تدل على التنزيه: يعني تنزيه الله عز وجل عن الحاجة وعن النقص فكأن الإنسان يشعر إذا ركب على هذه الفلك والأنعام أنه محتاج إليه يستعين به على حاجاته فيسبح الله عز وجل الذي هو مستغن عن كل خلقه فكان التسبيح في هذا المقام أنسب مع أنه جاء في السنة أنه يحمد الله، لكننا نتكلم عن هذه الآية: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هذا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ يعني: ما كنا مطيقين له لولا أن الله سخره أي ذلله كما قال الله تعالى في آية أخرى: ﴿وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ أرأيتم لو كانت هذه البعير الكبيرة الجسم القوية النشيطة لو لم تسخر هل نركبها؟ هل نقدر عليها؟ الجواب: لا هناك من السباع ما هو دونها بكثير ولا نستطيع أن نقدر عليه، لكن الله سخر لنا هذا الذي نركبه، حتى إن الصبي الصغير يأخذ بزمام الناقة ويقودها إلى حيث شاء، هذا من تسخير الله عز وجل وتذليله ﴿سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هذا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ أي: مطيقين ﴿وَإِنَّا إلى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ هذه الجملة جملة عظيمة، كأن الإنسان لما ركب مسافرا على هذه الذلول أو الفلك كأنه يتذكر السفر الأخير من هذه الدنيا وهو سفر الإنسان إلى الله عز وجل إذا مات، وحملته الناس على أعناقهم فيتذكر ويقول: ﴿وَإِنَّا إلى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ جل وعلا، فالمقلب إلى الله والله تعالى يقول في كتابه العزيز: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إلى رَبِّكَ كَدْحًا كادح إلى ربك، لم يقبل كادح لربك بل كادح إليه: يعني سيكون مآلك ومآل كدحك وكدحك إلى الله عز وجل: ﴿كَادِحٌ إلى رَبِّكَ أي: عامل وراجع إلى ربك ﴿فَمُلَاقِيهِ كلنا سوف يلاقي الله، ولكن على أي شيء وشأن نلاقي الله عز وجل؟ يعني: الإنسان لا يهمه أين يموت ولا متى يموت ربما أنه يحب أن يطيل الله عمره وأن يموت في بلد مقدس كما اختار ذلك موسى صلى الله عليه وسلم لكن الشأن كل الشأن على أي شيء يموت نسأل الله أن يتوفانا وإياكم على الإيمان والتوحيد هذا هو المهم فإن مت على خير فإنه لا فرق أن تموت هنا أوهناك أو في بلد مقدس أو غير مقدس ولا في هذا الشهر ولا في هذا اليوم ولا في هذا الوقت المهم أن تموت على خير فينبغي للإنسان إذا ركب سيارته أو الطائرة أن يقول هذا الذكر الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر: يكبر ثلاثا ويقول: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هذا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إلى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ ثم يدعو بهذا الدعاء الذي ذكره ابن عمر رضي الله عنهما وتأمل في هذا الحديث كلمة تدل على إحاطة الله بكل شيء يقول: أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل الصاحب في السفر يعني تصحبني في سفري، تيسره على، تسهله على وأنت الخليفة في الأهل أي: الخليفة في الأهل من بعدي تحوطهم برعايتك وعنايتك، فهو جل وعلا مع الإنسان في سفره، وخليفته في أهله، لأنه جل وعلا بكل شيء محيط والله الموفق.

الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
شرح حديث / سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون Reviewed by احمد خليل on 8:20:00 ص Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.