باب يستقبل الإمام القوم واستقبال الناس الإمام إذا خطب
فتح الباري شرح صحيح البخاري
ابن حجر العسقلاني - أحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني
باب يستقبل الإمام القوم واستقبال الناس الإمام إذا خطب
فتح الباري شرح صحيح البخاري: كِتَابُ
الجُمُعَةِ، بَابٌ: يَسْتَقْبِلُ الإِمَامُ القَوْمَ، وَاسْتِقْبَالِ النَّاسِ
الإِمَامَ إِذَا خَطَبَ.
وَاسْتَقْبَلَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَنَسٌ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمُ الإِمَامَ.
٩٢١- حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ،
قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ هِلاَلِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ،
حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ،
قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ جَلَسَ ذَاتَ
يَوْمٍ عَلَى المِنْبَرِ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ.
الشرح:
قوله: (باب استقبال الناس الإمام
إذا خطب) زاد
في رواية كريمة في أول الترجمة" يستقبل
الإمام القوم" ولم
يبت الحكم وهو مستحب عند الجمهور، وفي وجه يجب، جزم به أبو الطيب
الطبري من الشافعية فإن فعل أجزأ، وقيل: لا، ذكره الشاشي، ونقل في شرح
المهذب أن الالتفات يمينا وشمالا مكروه اتفاقا إلا ما حكي عن بعض الحنفية فقال
أكثرهم: لا يصح، ومن لازم الاستقبال استدبار الإمام القبلة، واغتفر لئلا يصير
مستدبر القوم الذين يعظهم، ومن حكمة استقبالهم للإمام التهيؤ لسماع كلامه وسلوك
الأدب معه في استماع كلامه، فإذا استقبله بوجهه وأقبل عليه بجسده وبقلبه وحضور
ذهنه كان أدعى لتفهم موعظته وموافقته فيما شرع له القيام لأجله.
قوله: (واستقبل ابن
عمر وأنس الإمام) أما ابن عمر فرواه البيهقي من
طريق الوليد بن مسلم قال: ذكرت لليث بن سعد فأخبرني
عن ابن عجلان أنه أخبره عن نافع أن ابن عمر كان
يفرغ من سبحته يوم الجمعة قبل خروج الإمام، فإذا خرج لم يقعد الإمام حتى يستقبله.
وأما أنس فرويناه في نسخة نعيم بن حماد بإسناد صحيح عنه
أنه كان إذا أخذ الإمام في الخطبة يوم الجمعة يستقبله بوجهه حتى يفرغ من الخطبة،
ورواه ابن المنذر من وجه آخر "عن أنس أنه جاء يوم الجمعة
فاستند إلى الحائط واستقبل الإمام" قال ابن المنذر: لا
أعلم في ذلك خلافا بين العلماء. وحكى غيره عن سعيد بن
المسيب والحسن شيئا محتملا، وقال الترمذي: لا
يصح عن النبي ﷺ فيه شيء، يعني: صريحا.
وقد استنبط المصنف من حديث أبي
سعيد أن النبي ﷺ جلس ذات يوم على المنبر
وجلسنا حوله مقصود الترجمة، وهو طرف من حديث طويل سيأتي بهذا الإسناد في كتاب
الزكاة في باب الصدقة على اليتامى، ويأتي الكلام عليه في الرقاق إن شاء الله تعالى.
ووجه الدلالة منه أن جلوسهم حوله لسماع كلامه يقتضي نظرهم إليه غالبا، ولا يعكر
على ذلك ما تقدم من القيام في الخطبة؛ لأن هذا محمول على أنه كان يتحدث وهو جالس
على مكان عال وهم جلوس أسفل منه، إذا كان ذلك في غير حال الخطبة كان حال
الخطبة أولى لورود الأمر بالاستماع لها والإنصات عندها، والله أعلم.
الْحمْد
لِلَّه ربِّ الْعالمين
اللَّهمَّ اِرْحم مَوْتَانا
مِن المسْلمين واجْمعْنَا بِهم فِي جَنَّات النَّعِيم
تَقبَل اَللَّه مِنَّا ومنْكم صَالِح الأعْمال
ليست هناك تعليقات: