كتاب
الأذكار: باب فضل الذكر والحث عليه
شرح العلامة
الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله
شرح حديث / ما زلت على الحال التي فارقتك عليها
أحاديث
رياض الصالحين: باب فضل الذكر والحث عليه
١٤٤١
- وعن أُمّ الْمُؤْمِنِينَ جُوَيْرِيَةَ بِنْت الْحَارِث
- رَضِّيَّ الله عَنْهُا - أنَّ النبيَّ ﷺ خَرَجَ مِن عِندِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى
الصُّبْحَ، وَهي في مَسْجِدِهَا، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى، وَهي
جَالِسَةٌ، فَقالَ: «ما زِلْتِ علَى الحَالِ الَّتي
فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟» قالَتْ: نَعَمْ، فقالَ النبيُّ ﷺ: «لقَدْ قُلتُ
بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لو وُزِنَتْ بما قُلْتِ مُنْذُ
اليَومِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا
نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ» رواه مسلم.
وَفِي رِوَايَة لَهُ: «سُبْحَانَ الله عَدَد خَلْقه سُبْحَانَ الله رِضَاء نَفْسُهُ سُبْحَانَ الله زَنَّةِ عَرْشه سُبْحَانَ الله مِدَاد كَلِمَاته».
وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيِّ: «أَلَا أعْلَمكَ كَلِمَات تَقُولِينهَا سُبْحَانَ الله عَدَد خَلْقه سُبْحَانَ الله عَدَد خَلْقه سُبْحَانَ الله عَدَد خَلْقه سُبْحَانَ الله رِضَا نَفْسُهُ سُبْحَانَ الله رِضَا نَفْسُهُ سُبْحَانَ الله رِضَا نَفْسُهُ سُبْحَانَ الله زَنَّةِ عَرْشه سُبْحَانَ الله زَنَّةِ عَرْشه سُبْحَانَ الله زَنَّةِ عَرْشه سُبْحَانَ الله مِدَاد كَلِمَاته سُبْحَانَ الله مِدَاد كَلِمَاته سُبْحَانَ الله مِدَاد كَلِمَاته».
الشرح
هذه الأحاديث من الأحاديث التي فيها بيان
فضيلة نوع من أنواع الذكر وهو ما روته أم المؤمنين جويرية بنت الحارث عن النبي ﷺ أنه خرج
من عندها الفجر ثم رجع إليها ضحى وهي تسبح وتهلل، فبين لها ﷺ أنه قال
بعدها كلمات: تزن ما قالت منذ الفجر أو منذ الصبح، سبحان الله وبحمده عدد خلقه (ثلاث
مرات)، سبحان الله وبحمده رضا نفسه (ثلاث مرات)، سبحان الله وبحمده زنة عرشه (ثلاث
مرات)، سبحان الله وبحمده مداد كلماته (ثلاث مرات).
أما سبحان الله وبحمده عدد خلقه: فمعناه:
أنك تسبح الله - عز وجل - وتحمده عدد مخلوقاته ومخلوقات الله - عز وجل - لا يحصيها
إلا الله، كما قال الله تعالى: {وَمَا
يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [المدثر:٣١].
وأما سبحان الله وبحمده زنة عرشه: وزنة
عرشه لا يعلم ثقلها إلا الله - سبحانه وتعالى - لأن العرش أكبر المخلوقات التي
نعلمها فإن النبي ﷺ يروى عنه أنه قال: «إن السماوات السبع والأرضين السبع في الكرسي كحلقة ألقيت في فلاة
من الأرض وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على هذه الحلقة» إذا فهو مخلوق عظيم لا يعلم قدره إلا الله - عز وجل.
وأما سبحان الله وبحمده رضا نفسه: فيعني:
أنك تسبح الله وتحمده حمدا يرضى به الله - عز وجل - وأي حمد يرضى به الله إلا وهو
أفضل الحمد وأكمله.
وأما سبحان الله وبحمده مداد كلماته:
والمداد ما يكتب به الشيء وكلمات الله تعالى لا يقارن بها شيء، قال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ
يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ ۗ
إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}
[لقمان:٢٧].
وقال تعالى: {قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ
الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} [الكهف:١٠٩]، فكلمات الله تعالى، لا نهاية لها
فالمهم أنه ينبغي لنا أن نحافظ على هذا الذكر.
سبحان الله وبحمده عدد خلقه (ثلاث مرات)
سبحان الله وبحمده رضا نفسه (ثلاث مرات) سبحان الله وبحمده زنة عرشه (ثلاث مرات)
سبحان الله وبحمده مداد كلماته (ثلاث مرات) فيكون الجميع اثنتي عشرة مرة.
قال
ابن القيم رحمه الله تعالى :
ومن هذا يعرف جواب المسألة الثانية وهي:
تفضيل سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته على مجرد الذكر بسبحان الله أضعافا مضاعفة فإن ما يقوم بقلب الذاكر حين يقول: سبحان الله وبحمده عدد خلقه من معرفته وتنزيهه وتعظيمه بهذا القدر المذكور من العدد أعظم مما يقوم بقلب القائل سبحان الله فقط.
وهذا يسمى الذكر المضاعف وهو أعظم ثناءا من الذكر المفرد فلهذا كان أفضل منه وهذا إنما يظهر في معرفة هذا الذكر وفهمه
فإن قول المسبح: سبحان الله وبحمده عدد خلقه تضمن إنشاء وإخبارا: -
تضمن إخبارا عما يستحقه الرب من التسبيح، عدد كل مخلوق كان أو هو كائن إلى ما لا نهاية له.
فتضمن الإخبار عن تنزيهه الرب وتعظيمه والثناء عليه هذا العدد العظيم الذي لا يبلغه العادون ولا يحصيه المحصون.
وتضمن إنشاء العبد لتسبيح هذا شأنه لا أن ما أتى به العبد من التسبيح هذا قدره وعدده بل أخبر أن ما يستحقه الرب - سبحانه وتعالى - من التسبيح هو تسبيح يبلغ هذا العدد الذي لو كان في العدد ما يزيد لذكره، فإن تجدد المخلوقات لا ينتهي عداده ولا يحصى لحاصر.
وكذلك قوله: ورضا نفسه فهو يتضمن أمرين عظيمين: -
أحدهما: أن يكون المراد تسبيحا هو في العظمة والجلال مساو لرضا نفسه كما أنه في الأول مخبر عن تسبيح مساو لعدد خلقه ولا ريب أن رضا نفس الرب لا نهاية له في العظمة والوصف والتسبيح، ثناء عليه سبحانه يتضمن التعظيم والتنزيه
فإذا كانت أوصاف كماله ونعوت جلاله لا نهاية لها ولا غاية بل هي أعظم من ذلك وأجل كان الثناء عليه بها كذلك إذ هو تابع لها إخبارا وإنشاء، وهذا المعنى ينتظم بالمعنى الأول من غير عكس.
وإذا كان إحسانه سبحانه وثوابه وبركته وخيره لا منتهى له وهو من موجبات رضاه وثمرته فكيف بصفة الرضا
وفي الأثر إذا باركت لم يكن لبركتي منتهى فكيف بالصفة التي صدرت عنها البركة.
والرضا يستلزم: المحبة والإحسان والجود والبر والعفو والصفح والمغفرة.
والخلق يستلزم: العلم والقدرة والإرادة والحياة والحكمة وكل ذلك داخل في رضا نفسه وصفة خلقه.
وقوله وزنة عرشه: فيه إثبات للعرش وإضافته إلى الرب - سبحانه وتعالى - وأنه أثقل المخلوقات على الإطلاق إذ لو كان شيء أثقل منه لوزن به التسبيح وهذا يرد على من يقول: إن العرش ليس بثقيل ولا خفيف وهذا لم يعرف العرش ولا قدره حق قدره.
فالتضعيف الأول للعدد والكمية
والثاني للصفة والكيفية
والثالث للعظم والثقل وليس للمقدار
وقوله ومداد كلماته: هذا يعم الأقسام الثلاثة ويشملها فإن مداد كلماته - سبحانه وتعالى - لا نهاية لقدره ولا لصفته ولا لعدده، قال تعالى: {قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} [الكهف:١٠٩].
وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [لقمان:٢٧].
ومعنى هذا: أنه لو فرض البحر مدادا وبعده سبعة أبحر تمده كلها مدادا، وجميع أشجار الأرض أقلاما وهو ما قام منها على ساق من النبات والأشجار المثمرة وغير المثمرة وتستمد بذلك المداد لفنيت البحار والأقلام، وكلمات الرب لا تفنى
ولا تنفد: فسبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.
فأين هذا من وصف من يصفه بأنه ما تكلم ولا يتكلم ولا يقوم به كلام أصلا.
وقول من وصف كلامه بأنه معنى واحد: لا ينقضي ولا يتجزأ ولا له بعض ولا كل ولا هو سور وآيات ولا حروف وكلمات
والمقصود أن في هذا التسبيح من صفات الكمال ونعوت الجلال، ما يوجب أن يكون أفضل من غيره وأنه لو وزن غيره به لوزنه وزاد عليه.
وهذا بعض ما في هذه الكلمات من المعرفة بالله والثناء عليه بالتنزيه والتعظيم مع اقترانه بالحمد المتضمن لثلاثة أصول:
أحدها: إثبات صفات الكمال له سبحانه - والثناء عليه.
الثاني: محبته والرضا به.
الثالث: فإذا انضاف هذا الحمد إلى التسبيح والتنزيه على أكمل الوجوه وأعظمها قدرا وأكثرها عددا وأجزلها وصفا واستحضر العبد ذلك عند التسبيح وقام بقلبه معناه كان له من المزية والفضل ما ليس لغيره. وبالله التوفيق.
ومن هذا يعرف جواب المسألة الثانية وهي:
تفضيل سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته على مجرد الذكر بسبحان الله أضعافا مضاعفة فإن ما يقوم بقلب الذاكر حين يقول: سبحان الله وبحمده عدد خلقه من معرفته وتنزيهه وتعظيمه بهذا القدر المذكور من العدد أعظم مما يقوم بقلب القائل سبحان الله فقط.
وهذا يسمى الذكر المضاعف وهو أعظم ثناءا من الذكر المفرد فلهذا كان أفضل منه وهذا إنما يظهر في معرفة هذا الذكر وفهمه
فإن قول المسبح: سبحان الله وبحمده عدد خلقه تضمن إنشاء وإخبارا: -
تضمن إخبارا عما يستحقه الرب من التسبيح، عدد كل مخلوق كان أو هو كائن إلى ما لا نهاية له.
فتضمن الإخبار عن تنزيهه الرب وتعظيمه والثناء عليه هذا العدد العظيم الذي لا يبلغه العادون ولا يحصيه المحصون.
وتضمن إنشاء العبد لتسبيح هذا شأنه لا أن ما أتى به العبد من التسبيح هذا قدره وعدده بل أخبر أن ما يستحقه الرب - سبحانه وتعالى - من التسبيح هو تسبيح يبلغ هذا العدد الذي لو كان في العدد ما يزيد لذكره، فإن تجدد المخلوقات لا ينتهي عداده ولا يحصى لحاصر.
وكذلك قوله: ورضا نفسه فهو يتضمن أمرين عظيمين: -
أحدهما: أن يكون المراد تسبيحا هو في العظمة والجلال مساو لرضا نفسه كما أنه في الأول مخبر عن تسبيح مساو لعدد خلقه ولا ريب أن رضا نفس الرب لا نهاية له في العظمة والوصف والتسبيح، ثناء عليه سبحانه يتضمن التعظيم والتنزيه
فإذا كانت أوصاف كماله ونعوت جلاله لا نهاية لها ولا غاية بل هي أعظم من ذلك وأجل كان الثناء عليه بها كذلك إذ هو تابع لها إخبارا وإنشاء، وهذا المعنى ينتظم بالمعنى الأول من غير عكس.
وإذا كان إحسانه سبحانه وثوابه وبركته وخيره لا منتهى له وهو من موجبات رضاه وثمرته فكيف بصفة الرضا
وفي الأثر إذا باركت لم يكن لبركتي منتهى فكيف بالصفة التي صدرت عنها البركة.
والرضا يستلزم: المحبة والإحسان والجود والبر والعفو والصفح والمغفرة.
والخلق يستلزم: العلم والقدرة والإرادة والحياة والحكمة وكل ذلك داخل في رضا نفسه وصفة خلقه.
وقوله وزنة عرشه: فيه إثبات للعرش وإضافته إلى الرب - سبحانه وتعالى - وأنه أثقل المخلوقات على الإطلاق إذ لو كان شيء أثقل منه لوزن به التسبيح وهذا يرد على من يقول: إن العرش ليس بثقيل ولا خفيف وهذا لم يعرف العرش ولا قدره حق قدره.
فالتضعيف الأول للعدد والكمية
والثاني للصفة والكيفية
والثالث للعظم والثقل وليس للمقدار
وقوله ومداد كلماته: هذا يعم الأقسام الثلاثة ويشملها فإن مداد كلماته - سبحانه وتعالى - لا نهاية لقدره ولا لصفته ولا لعدده، قال تعالى: {قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} [الكهف:١٠٩].
وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [لقمان:٢٧].
ومعنى هذا: أنه لو فرض البحر مدادا وبعده سبعة أبحر تمده كلها مدادا، وجميع أشجار الأرض أقلاما وهو ما قام منها على ساق من النبات والأشجار المثمرة وغير المثمرة وتستمد بذلك المداد لفنيت البحار والأقلام، وكلمات الرب لا تفنى
ولا تنفد: فسبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.
فأين هذا من وصف من يصفه بأنه ما تكلم ولا يتكلم ولا يقوم به كلام أصلا.
وقول من وصف كلامه بأنه معنى واحد: لا ينقضي ولا يتجزأ ولا له بعض ولا كل ولا هو سور وآيات ولا حروف وكلمات
والمقصود أن في هذا التسبيح من صفات الكمال ونعوت الجلال، ما يوجب أن يكون أفضل من غيره وأنه لو وزن غيره به لوزنه وزاد عليه.
وهذا بعض ما في هذه الكلمات من المعرفة بالله والثناء عليه بالتنزيه والتعظيم مع اقترانه بالحمد المتضمن لثلاثة أصول:
أحدها: إثبات صفات الكمال له سبحانه - والثناء عليه.
الثاني: محبته والرضا به.
الثالث: فإذا انضاف هذا الحمد إلى التسبيح والتنزيه على أكمل الوجوه وأعظمها قدرا وأكثرها عددا وأجزلها وصفا واستحضر العبد ذلك عند التسبيح وقام بقلبه معناه كان له من المزية والفضل ما ليس لغيره. وبالله التوفيق.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ
جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
