شرح حديث/ من سلك طريقا يلتمس فيه علما
كتاب
العلم: باب فضل العلم علما وتعليما لله
شرح
العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
أحاديث رياض الصالحين: باب فضل
العلم علما وتعليما لله.
١٣٨٩- وعنْ أَبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ،
أنَّ رسُول اللَّه ﷺ، قالَ: «ومَنْ سلَك طرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سهَّلَ
اللَّه لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الجَنَّةِ» [١] رواهُ مسلمٌ.
الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول
الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
يقول ﷺ:
«مَنْ سلَك طرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سهَّلَ اللَّه لَهُ بِهِ طَرِيقًا
إِلَى الجَنَّةِ» فاحرص على الخير، كن داعية إلى الله، كن طالبا للعلم، كن فقيها،
كن مجتهدا في الخير ولو بالسفر إذا دعت الحاجة إلى السفر إلى عالم تسأله عن فائدة
عن علم، سافر بعض الصحابة إلى بعضهم المسافات الطويلة إلى مصر وإلى الشام للسؤال
عن بعض الأحاديث، فالرحلة في طلب العلم أمر معروف عند الصحابة ومن بعدهم.
ولهذا قال ﷺ:
«مَنْ سلَك طرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سهَّلَ اللَّه لَهُ بِهِ طَرِيقًا
إِلَى الجَنَّةِ»، «مَن يُرِدِ اللَّهُ به خَيْرًا
يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ» [٢]، «لَأنْ يهديَ
اللهُ بكَ رجُلًا واحدًا خيرٌ لكَ مِن حُمْرُ النَّعَمِ» [٣]، وبهذا تعلم
الأدلة على طلب العلم والتفقه في الدين والتبصير والصبر على التعب تعرف من هذه
الأحاديث ومن غيرها من الأحاديث، ومن سيرة النبي ﷺ وما
جرى عليه من تعب والأذى في مكة وفي الطائف وفي غيرهما، فأنت واحد من الأمة لك شرف
طلب العلم والتفقه في الدين والدعوة إلى الله فاصبر كما صبروا، وجاهد نفسك في ذلك،
وتذكر قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا
لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: ٦٩]،
وقوله سبحانه: {وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ
لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا
بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: ١-٣]، وقوله: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا
تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: ٢]، هذه
النصوص وما جاء في معناها تعينك وتشجعك وترغبك في الصبر على طلب العلم والتفقه في
الدين، والدعوة إلى الله وإرشاد الناس إلى الخير بالعلم قولًا وعملًا لا بالجهل،
بالعلم قولا وعملا، وفق الله الجميع.
[١] صحيح مسلم: (٢٦٩٩).
[٢] صحيح البخاري: (٧١)، مسلم: (١٠٣٧).
[٣] صحيح البخاري: (٢٩٤٢)، مسلم: (٢٤٠٦).
الْحمْد
لِلَّه ربِّ الْعالمين
اللَّهمَّ اِرْحم مَوْتَانا
مِن المسْلمين واجْمعْنَا بِهم فِي جَنَّات النَّعِيم
تَقبَل اَللَّه مِنَّا
ومنْكم صَالِح الأعْمال

ليست هناك تعليقات: