شرح حديث / كل ميت يختم على عمله إلا المرابط في سبيل الله
كتاب الجهاد
شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن
عثيمين رحمه الله
شرح حديث / كل ميت يختم على عمله إلا المرابط في
سبيل الله
١٢٩٩ - وعن
سلمان - رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «رباط يوم
وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات فيه أجري عليه عمله الذي كان يعمل، وأجري
عليه رزقه، وأمن الفتان» رواه مسلم.
١٣٠٠ - وعن فضالة بن عبيد -
رضي الله عنه - أن رسول الله ﷺ قال: «كل ميت يختم على عمله إلا
المرابط في سبيل الله، فإنه ينمى له عمله
إلى يوم القيامة، ويؤمن فتنة القبر» رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن
صحيح.
١٣٠١ - وعن عثمان - رضي الله
عنه – قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل»
رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
١٣٠٢ - عَنْ
أَبي هُرَيرَة، رضي اللَّه عَنْهُ، قَال: قَالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ: «تَضَمَّنَ اللَّه
لِمنْ خَرَجَ في سَبيلِهِ، لا يُخْرجُهُ إلاَّ جِهَادٌ في سَبيلي، وإيمانٌ بِي
وَتَصْدِيقٌ برُسُلي فَهُوَ ضَامِنٌ علىّ أنْ أدْخِلَهُ الجَنَّةَ، أوْ أرْجِعَهُ
إِلَى مَنْزِلِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ بِمَا نَالَ مِنْ أجْرٍ، أوْ غَنِيمَة،
وَالَّذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ مَا مِنْ كَلْمٍ يُكلَم في سبيلِ اللَّهِ إلاَّ
جاءَ يوْم القِيامةِ كَهَيْئَتِهِ يوْم كُلِم، لَوْنُهُ لَوْن دَم، ورِيحُهُ ريحُ
مِسْكٍ، والَّذي نَفْسُ مُحمَّدٍ بِيدِهِ لَوْلا أنْ أَشُقَّ عَلَى المُسْلِمينَ
مَا قعَدْتُ خِلاف سرِيَّةٍ تَغْزُو في سبيل اللَّه أبَدًا، ولكِنْ لاَ أجِدٌ سعَة
فأَحْمِلَهمْ وَلاَ يجدُونَ سعَةً، ويشُقُّ علَيْهِمْ أنْ يَتَخَلفوا عنِّي،
وَالذي نفْسُ مُحَمَّد بِيدِهِ، لَودِدْتُ أني أغزوَ في سبِيلِ اللَّهِ،
فَأُقْتَل، ثُمَّ أغْزو، فَأُقتل، ثُمَّ أغْزُوَ، فَأُقتل» رواهُ مُسلمٌ
وروى البخاريُّ بعْضهُ.
الكلم: الجرح.
الشرح
هذه الأحاديث ساقها النووي -
رحمه الله - في كتاب رياض الصالحين في بيان فضل المرابطة في سبيل الله.
يعني: أن يرابط الإنسان على
الحدود أو تجاه العدو في سبيل الله - عز وجل - لإعلاء كلمة الله، وحفظ دين الله،
وحفظ المسلمين، فأن هذا من أفضل الأعمال.
وقد سبق أن النبي ﷺ قال: «رباط يوم في
سبيل الله خير من الدنيا وما فيها» وفي هذه الأحاديث دليل على أن المرابط
يجري عليه عمله إلى يوم القيامة وأنه يأمن فتنة القبر يعني: أن الناس إذا ماتوا
ودفنوا أتاهم ملكان يسألان الرجل عن ربه ودينه ونبيه إلا من مات مرابطا في سبيل
الله، فإنه لا يأتيه الملكان يسألانه.
وقد بين النبي ﷺ الحكمة من ذلك فقال: كفى ببارقة السيوف على رأسه
فتنه فالشهيد والمرابط كلاهما لا يأتيه الملكان في قبره فيسألانه بل يأمن ذلك وهذا
فضل عظيم وأجر عظيم.
وأما حديث أبي هريرة الأخير
ففيه دليل على فضيلة القتيل في سبيل الله ولهذا أقسم النبي ﷺ أنه لولا أن يشق على المسلمين ما تخلف عن سرية قط
ولكنه يتخلف عليه الصلاة والسلام أحيانا لأشغال المسلمين وقضاء حوائجهم وعدم
المشقة عليهم وأقسم ﷺ أنه يتمنى ويود أن لو
قتل في سبيل الله ثم أحيي فقتل ثم أحيي فقتل فهذا يدل على فضل القتل في سبيل الله
ولا شك في هذا والقرآن واضح في ذلك قال الله تعالى: {وَلَا
تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ
عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ
وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا
خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ
اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} [آل
عمران: ١٦٩-١٧١]وهذه الحياة البرزخية لا نعلم بها وليست كحياتنا ولهذا قال
تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ} [البقرة:
١٥٤].
حياة ما يعلم بها يعني لو
فتحت عليه قبره لوجدت الإنسان ميتا لكنه عند الله حي يرزق، يأكل من الجنة، بكرة
وعشية، نسأل الله سبحانه أن يرزقنا وإياكم الشهادة في سبيله وأن يعيننا وإياكم على
الجهاد في سبيله جهاد أنفسنا جهاد أعدائنا إنه على كل شيء قدير.
الحمد
لله رب العالمين
اللهُم
ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
شرح حديث / كل ميت يختم على عمله إلا المرابط في سبيل الله
Reviewed by احمد خليل
on
5:19:00 م
Rating:
ليست هناك تعليقات: