Top Ad unit 728 × 90

أخبار المدونة

احاديث نبوية شريفة

شرح حديث/ يغفر الله للشهيد كل شيء إلا الدين

كتاب الجهاد: باب فضل الجهاد

شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله

شرح - حديث - يغفر - الله - للشهيد - كل - شيء - إلا - الدين

شرح حديث/ يغفر الله للشهيد كل شيء إلا الدين

أحاديث رياض الصالحين: باب فضل الجهاد.

١٣١٠ - وعَنْ أَبي بَكْرِ بن أَبي مُوسى الأشْعَرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبي -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَهُوَ بحَضْرَةِ العَدُوِّ، يقول: قالَ رسُولُ اللَّهِ : «إنَّ أبْوابَ الجَنَّةِ تَحْتَ ظِلالِ السُّيُوفِ» فَقامَ رَجُلٌ رَثُّ الهَيْئَةِ فَقَالَ: يَا أبَا مُوسَى أَأَنْت سمِعْتَ رسولَ اللَّهِ  يقول هَذَا؟ قَالَ: نَعم، فَرجَع إِلَى أصحَابِهِ، فَقَال: أقْرَأُ علَيْكُمُ السَّلامَ، ثُمَّ كَسَر جفْن سَيفِهِ فألْقاه، ثمَّ مَشَى بِسيْفِهِ إِلَى العدُوِّ فضَرب بِهِ حتَّى قُتل. [١] رواهُ مسلمٌ.

١٣١١ - وعن أبي عَبْسٍ عبدِ الرَّحمنِ بْنِ جُبَرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: قَال رسُولُ اللَّهِ : «ما اغْبَرَّتْ قدَما عَبْدٍ في سبيلِ اللَّه فتَمسَّه النَّارُ» [٢] رواهُ البخاري.

١٣١٢ - وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَال رَسُولُ اللَّهِ : «لا يلجُ النَّارَ رَجُلٌ بَكَى مِنْ خَشْيةِ اللَّهِ حتَّى يعُودَ اللَّبَن في الضَّرعِ، وَلاَ يَجْتَمِعُ عَلَى عَبْدٍ غُبَارٌ في سَبيلِ اللَّهِ ودخَان جهَنَّم» [٣] رواه الترمذيُّ وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

١٣١٣ - وعن ابن عبَّاسٍ -رضي اللَّه عَنْهُمَا- قَالَ: سمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يقُولُ: «عيْنَانِ لاَ تَمسُّهُمَا النَّارُ: عيْنٌ بكَت مِنْ خَشْيةِ اللَّهِ، وعيْنٌ باتَت تحْرُسُ في سبِيلِ اللَّهِ» [٤] رواه الترمذيُّ وقال: حديثٌ حسنٌ.

١٣١٤ - وعن زَيدِ بنِ خَالدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنَّ رسُولَ اللَّهِ  قَال: «مَنْ جهَّزَ غَازِيًا في سبيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا، ومنْ خَلَفَ غَازيًا في أَهْلِهِ بخَيْر فَقَدْ غزَا» [٥] متفقٌ عليهِ.

١٣١٥ - وَعَنْ أَبي أُمامة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قالَ رسُولُ اللَّهِ : «أفْضَلُ الصَّدَقات ظِلُّ فُسْطَاطٍ في سَبِيلِ اللَّه، ومَنِيحةُ خادمٍ في سَبِيلِ اللهِ، أَوْ طَروقهُ فحلٍ في سَبِيلِ اللَّه» [٦] رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.

١٣١٦ - وعنْ أنسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنَّ فَتىً مِن أسْلَمَ قَالَ: يَا رَسُول اللَّهِ إنِّي أُريد الغَزْو ولَيْس معِي مَا أتَجهَّزُ بِهِ، قَالَ: «ائتِ فُلانًا، فَإنَّه قَد كانَ تَجهَّزَ فَمَرِضَ» فَأتَاهُ فَقَال: إنَّ رسولَ اللَّهِ  يُقْرِئَكَ السَّلامَ ويقولُ: أعطِني الَّذِي تَجهَّزتَ بِهِ، قَالَ: يَا فُلانَةُ، أعْطِيهِ، الَّذِي كُنْتُ تَجهَّزْتُ بِهِ، وَلاَ تَحْبِسين عِنْهُ شَيْئًا، فوَاللَّهِ لاَ تَحْبِسي مِنْه شَيْئًا فَيُبارَكَ لَكِ فِيهِ. [٧] رواه مسلمٌ.

١٣١٧ - وعن أَبي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنَّ رَسُولَ اللَّهِ  بَعثَ إِلَى بَني لِحيانَ، فَقَالَ: «لِيَنْبَعِثْ مِنْ كُلِّ رجُلَيْنِ أحدَهُما، والأَجْرُ بينَهُما» [٨] رواهُ مسلمٌ.

وفي روايةٍ لهُ: «لِيخْرُجْ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ رجُلٌ» ثُمَّ قَالَ لِلقاعِدِ: «أَيُّكُمْ خَلَفَ الخَارِجَ في أَهْلِهِ ومالِهِ بخَيْرٍ كَانَ لهُ مِثْلُ نِصْفِ أَجرِ الخارِجِ».

١٣١٨ - وعنِ البراءِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: أتَى النبيَّ ، رجلٌ مقنَّعٌ بِالحدِيدِ، فَقال: يَا رَسُول اللَّهِ أُقَاتِلُ أوْ أُسْلِمُ؟ فقَال: «أسْلِمْ، ثُمَّ قاتِلْ» فَأسْلَم، ثُمَّ قَاتَلَ فَقُتِلَ، فقَال رَسُول اللَّه : «عمِل قَلِيلًا وَأُجِر كَثيرًا» [٩] متفقٌ عليهِ، وهذا لفظُ البخاري.

١٣١٩ - وعَنْ أنَسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنَّ النَّبيِّ  قَالَ: «مَا أَحدٌ يدْخُلُ الجنَّة يُحِبُّ أنْ يرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا ولَه مَا عَلَى الأرْضِ منْ شَيءٍ إلاَّ الشَّهيدُ، يتمَنَّى أنْ يَرْجِع إِلَى الدُّنْيَا، فَيُقْتَلَ عشْرَ مَرَّاتٍ، لِما يَرَى مِنَ الكرامةِ» [١٠].

وفي روايةٍ: «لِمَا يرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ» مُتفقٌ عليهِ.

١٣٢٠ - وعَنْ عبدِ اللَّهِ بنِ عَمرو بنِ العاص -رضي اللَّه عنْهما- أنَّ رسُول اللَّه  قَالَ: «يغْفِرُ اللَّه للشَّهيدِ كُلَّ ذنب إلاَّ الدَّيْنَ» [١١] رواه مسلمٌ.

وفي روايةٍ له: «القَتْلُ في سَبِيلِ اللَّهِ يُكفِّرُ كُلَّ شَيءٍ إلاَّ الدَّيْن».

١٣٢١ - وعَنْ أَبي قتَادَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنَّ رَسُول اللَّهِ  قَامَ فيهمْ فَذَكَرَ أنَّ الجِهادَ في سبِيلِ اللَّهِ، وَالإيمانَ بِاللَّهِ، أَفْضَلُ الأَعْمَال، فَقَامَ رجُلٌ، فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ أَرأَيْتَ إنْ قُتِلْتُ في سبيلِ اللَّهِ أتُكَفَّرُ عنِّي خَطاياي؟ فَقالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ : «نعمْ إنْ قُتِلت في سبيلِ اللَّهِ وَأَنْتَ صابِرٌ، مُحْتسِبٌ مُقبلٌ غيْرُ مُدْبِرٍ» ثُمَّ قَال رسُولُ اللَّه : «كَيْفَ قُلْتَ؟» قَالَ: أَرأَيْتَ إنْ قُتِلْتُ في سَبيلِ اللَّهِ أَتُكَفَّرُ عنِّي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ رسُولُ اللَّهِ : «نَعمْ وأَنْتَ صابِرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقْبلٌ غَيْرُ مُدْبرٍ، إلاَّ الدَّيْنَ، فَإنَّ جِبْرِيلَ عليه السلامُ قَالَ لي ذلكَ» [١٢] رواهُ مسلمٌ.

 

الشرح:

هذه الأحاديث المتعددة ذكرها النووي رحمه الله، في كتاب (رياض الصالحين) في كتاب الجهاد.

وفيها مسائل منها: أن النبي كان حسن التدبير في أصحابه فهذا الرجل الذي جاء إليه إني أريد الغزو وليس عندي شيء يعني: يغزو به، فأحاله على رجل كان قد تجهز ليغزو ولكن مرض ثم إن الرجل ذهب إلى صاحبه فأخذ جهازه، وقال لامرأته: لا تتركي منه شيء فإنك لم تتركي شيء فيبارك لنا فيه فجهزه.

 

وفيها أي في هذه الأحاديث دليل: على أن من جهز الغازي وأعطاه ما يكفي لغزوه فإنه كالذي يغزو، وأن من خلف الغازي في أهله فله مثل أجره، ويدل لهذا أيضا قضية بني لحيان حيث إن النبي أمرهم أن يخرج منهم واحد ويبقى واحد يخلف الغازي في أهله ويكون له نصف أجره؛ لأن النصف الثاني للغازي.

 

وفي هذه الأحاديث أيضا من فضائل الجهاد أن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف، بمعنى: أن من قاتل فإنه يكون قتاله سببا لدخول الجنة من أبوابها فقد ثبت عن النبي أن في الجنة بابا يقال له: باب الجهاد، يدخله من يجاهد في سبيل الله.

 

وفي هذه الأحاديث: أن الشهادة تكفر كل شيء من الأعمال إلا الدين. يعني: إلا دين الآدمي فإن الشهادة لا تكفره وذلك؛ لأن دين الآدمي لا بدَّ من إيفائه إما في الدنيا وإما في الآخرة.

 

وفي هذا الحديث التحذير من التساهل في الدين وأنه لا ينبغي للإنسان أن يتساهل في الدين ولا يتدين إلا عند الضرورة ما عند الحاجة لا إنما عند الضرورة القصوى؛ لأن النبي لم يأذن للرجل الذي قال زوجني فقال: أصدق المرأة قال: ليس عندي إلا إزاري قال: إزارك لا ينفعها أن أعطيتها إياه بقيت بلا إزار وأن أبقيته عليك بقيت بلا مهر التمس ولو خاتما من حديد فالتمس فلم يجد فقال: زوجتها بما معك من القرآن ولم يقل استقرض من الناس مع أنه زواج حاجة ملحة لكن لم يأذن له الرسول بل لم يرشده إلى الاستدانة؛ لأن الدين خطير جدا.

 

وقد روى عن النبي بسند فيه نظر: أن نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضي عنه. فالأمر مهم فلا تستهن الدين، الدين هم في الليل وذل في النهار فالإنسان مهما أمكنه يجب أن يتحرز من الدين وأن لا يكثر في الإنفاق؛ لأن كثيرا من الناس تجده فقيرا ثم يريد أن ينفق على نفسه وأهله كما ينفق الأغنياء فيستلف من هذا ويستلف من هذا أو يستدين أو يرابي وهذا غلط عظيم، يعني: لو لم يكن لك إلا وجبة واحدة في الليل والنهار فلا تستلف اصبر وقل: اللهم أغنني.

 

قال الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: ٢٨] أما تهاون بعض الناس -نسأل الله العافية- يستدين من أجل أن يفرش كل البيت فراء حتى الدرج هذا غلط أو يستدين من أجل أن يأخذ سيارة فخمة مع أنه يكفيه سيارة مثلا بعشرين ألف يقول: لا بمائة ألف وهو فقير.

 

هذا من سوء التصرف ومن ضعف الدين ومن قلة المبالاة؛ لأن الدين لا تكفره حتى الشهادة في سبيل الله لا تكفر الدين فكيف تستدين إلا عند الضرورة، وأقول عند الضرورة ليس عند الحاجة يعني: حتى لو كنت محتاجا لعدة كماليات لا تستدين لا تشتري شيء ليس معك ثمنه اصبر حتى يرزقك الله ثم اشتر على قدر الحال، ولهذا من الأمثال العامية الصحيحة -مد رجلك على قدر لحافك- إن مددتها أكثر تعرضت للبرد والشمس وغير ذلك.

ففيه التحذير من الدين وأنه لا ينبغي للإنسان أن يتدين.

 

وهنا مسألة: بعض الناس يكون عليه دين ثم يتصدق ويقول: أحب هذه الصدقة، وهذا حرام كيف تتصدق وأنت مدين أد الواجب أولا ثم التطوع ثانيا؛ لأن الذي يتصدق ولا يوفي الدين كالذي يبني قصرا ويهدم مصرا أنت الآن مطالب أن توفي دينك كيف تتصدق أوف ثم تصدق.

 

وفي هذه الأحاديث أيضا أن الجهاد دون إسلام لا ينفع صاحبه؛ لأن الرجل الذي استأذن من النبي وقال: يا رسول الله أجاهد ثم أسلم أم أسلم ثم أجاهد قال: "أسلم ثم جاهد" فأسلم ثم جاهد وهكذا جميع الأعمال الصالحة يشترط فيها الإسلام لا يقبل الله من أحد صدقة ولا حج ولا صيام ولا أي شيء وهو غير مسلم فإذا رأينا مثلا رجل لا يصلي ولكنه كثير الصيام كثير الصدقات بشوش للناس أخلاقه طيبة لكنه لا يصلي، اعلم أن كل عمل يعمله لا ينفعه يوم القيامة حتى الصيام يصوم رمضان ولا يصلي ما له صيام يحج وما يصلي ما له حج بل يحرم عليه أن يروح مكة ولا يصلي؛ لأن الله يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا} [التوبة: ٢٨] فالإسلام شرط لكل عبادة لا تقبل أي عبادة إلا بالإسلام ولا تصح أي عبادة إلا بالإسلام، والله الموفق.


[١] صحيح البخاري: (١٩٠٢)، ونحوه البخاري (٢٨١٨) عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه.

[٢] صحيح البخاري: (٢٨١١).

[٣] صحيح أحمد: (٢/٥٠٥)، الترمذي: (١٦٣٣) في فضائل الجهاد، وفي الزهد (٢٣١١)، النسائي: (٦/١٢)، ابن ماجة: (٢/٩٢٧) قال الترمذي حسن صحيح.

[٤] صحيح الترمذي: (١٦٣٩)، البغوي في شرح السنه (١٠/٣٥٥) وإسناد البغوي فيه المسعودي رمى بالإختلاط وللحديث شواهد منها ما أخرجه أحمد (٤/١٣٤،١٣٥) والنسائي (٦/١٥) عن أبي ريحانه رضي الله عنه فالحديث صحيح، قلت: انفرد به الترمذي دون الكتب الستة انظر تحفة الإشراف (٥/٩٣).

[٥] صحيح البخاري: (٢٨٤٣)، مسلم: (١٨٩٥).

[٦] حسن: أحمد (٥/٢٧٠،٢٦٩)، الترمذي (١٦٢٧)، والطبراني في "الكبير" (٨/٢٩٧)، قال الترمذي حسن صحيح وقال الشيخ عبد المجيد السلفي في تعليقه على الطبراني رواه الترمذي وقال حسن صحيح.

[٧] صحيح مسلم: (١٨٩٤).

[٨] صحيح مسلم: (١٨٩٦).

[٩] صحيح البخاري: (٢٨٠٨)، مسلم: (١٩٠٠).

[١٠] صحيح البخاري: (٢٨١٧)، مسلم: (١٨٧٧).

[١١] صحيح مسلم: (١٨٨٦).

[١٢] صحيح مسلم: (١٨٨٥).


الحمد لله رب العالمين

اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

شرح حديث/ يغفر الله للشهيد كل شيء إلا الدين Reviewed by احمد خليل on 7:55:00 ص Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.