Top Ad unit 728 × 90

أخبار المدونة

احاديث نبوية شريفة

شرح حديث/ ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها

كتاب الفضائل: باب تأكيد وجوب الزكاة وبيان فضلها وما يتعلق بها

شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله

شرح - حديث - ما - من - صاحب - ذهب - ولا - فضة - لا - يؤدي - منها - حقها

شرح حديث/ ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها


أحاديث رياض الصالحين: باب تأكيد وجوب الزكاة وبيان فضلها وما يتعلق بها.

 

١٢٢٢ - وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قالَ: قالَ: رسول الله : «ما مِن صاحِبِ ذَهَبٍ ولا فِضَّةٍ لا يُؤَدِّي مِنْها حَقَّها، إلَّا إذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ صُفِّحَتْ له صَفائِحُ مِن نارٍ، فَأُحْمِيَ عليها في نارِ جَهَنَّمَ، فيُكْوَى بها جَنْبُهُ وجَبِينُهُ وظَهْرُهُ، كُلَّما بَرَدَتْ أُعِيدَتْ له، في يَومٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ، حتَّى يُقْضَى بيْنَ العِبادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ؛ إمَّا إلى الجَنَّةِ، وإمَّا إلى النَّارِ».

قيلَ: يا رَسولَ اللهِ، فالإِبِلُ؟ قالَ: «ولا صاحِبُ إبِلٍ لا يُؤَدِّي مِنْها حَقَّها -ومِنْ حَقِّها حَلَبُها يَومَ وِرْدِها- إلَّا إذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ بُطِحَ لها بقاعٍ قَرْقَرٍ أوْفَرَ ما كانَتْ، لا يَفْقِدُ مِنْها فَصِيلًا واحِدًا، تَطَؤُهُ بأَخْفافِها وتَعَضُّهُ بأَفْواهِها، كُلَّما مَرَّ عليه أُولاها رُدَّ عليه أُخْراها، في يَومٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ، حتَّى يُقْضَى بيْنَ العِبادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ؛ إمَّا إلى الجَنَّةِ، وإمَّا إلى النَّارِ».

قِيلَ: يا رَسولَ اللهِ، فالْبَقَرُ والْغَنَمُ؟ قالَ: «ولا صاحِبُ بَقَرٍ ولا غَنَمٍ لا يُؤَدِّي مِنْها حَقَّها، إلَّا إذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ بُطِحَ لها بقاعٍ قَرْقَرٍ، لا يَفْقِدُ مِنْها شيئًا، ليْسَ فيها عَقْصاءُ، ولا جَلْحاءُ، ولا عَضْباءُ، تَنْطَحُهُ بقُرُونِها وتَطَؤُهُ بأَظْلافِها، كُلَّما مَرَّ عليه أُولاها رُدَّ عليه أُخْراها، في يَومٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ، حتَّى يُقْضَى بيْنَ العِبادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ؛ إمَّا إلى الجَنَّةِ، وإمَّا إلى النَّارِ».

قيلَ: يا رَسولَ اللهِ، فالْخَيْلُ؟ قالَ: «الخَيْلُ ثَلاثَةٌ: هي لِرَجُلٍ وِزْرٌ، وهي لِرَجُلٍ سِتْرٌ، وهي لِرَجُلٍ أجْرٌ؛ فأمَّا الَّتي هي له وِزْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَها رِياءً وفَخْرًا ونِواءً علَى أهْلِ الإسْلامِ، فَهي له وِزْرٌ، وأَمَّا الَّتي هي له سِتْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَها في سَبيلِ اللهِ، ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللهِ في ظُهُورِها ولا رِقابِها، فَهي له سِتْرٌ، وأَمَّا الَّتي هي له أجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَها في سَبيلِ اللهِ لأَهْلِ الإسْلامِ في مَرْجٍ أوِ ورَوْضَةٍ، فَما أكَلَتْ مِن ذلكَ المَرْجِ أوِ الرَّوْضَةِ مِن شَيءٍ، إلَّا كُتِبَ له عَدَدَ ما أكَلَتْ حَسَناتٌ، وكُتِبَ له عَدَدَ أرْواثِها وأَبْوالِها حَسَناتٌ، ولا تَقْطَعُ طِوَلَها فاسْتَنَّتْ شَرَفًا أوْ شَرَفَيْنِ، إلَّا كَتَبَ اللَّهُ له عَدَدَ آثارِها وأَرْواثِها حَسَناتٍ، ولا مَرَّ بها صاحِبُها علَى نَهْرٍ، فَشَرِبَتْ منه ولا يُرِيدُ أنْ يَسْقِيَها؛ إلَّا كَتَبَ اللَّهُ له عَدَدَ ما شَرِبَتْ حَسَناتٍ».

قيلَ: يا رَسولَ اللهِ، فالْحُمُرُ؟ قالَ: «ما أُنْزِلَ عَلَيَّ في الحُمُرِ شَيءٌ، إلَّا هذِه الآيَةُ الفاذَّةُ الجامِعَةُ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧-٨]» متفق عليه. وهذا لفظ مسلم.

ومعنى القاع: المكان المستوى من الأرض الواسع. والقرقر: الأملس.

 

الشرح:

هذا الحديث الذي أورده المؤلف -رحمه الله- في باب "تأكيد وجوب الزكاة وبيان فضلها".

وهو حديث أبي هريرة الذي أخرجه مسلم مطولا، فيه ذكر النبي الذهب والفضة والإبل والبقر والغنم والخيل والحمر وذكر حكم كل منها عليه الصلاة والسلام، وهكذا كان يبين للناس بيانا شافيا كافيا حتى ترك أمته وقد أكمل به الله الدين، وأتم به النعمة على المؤمنين.

 

فقال : ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمى عليها في نار جهنم فيكوى به جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار. فالذهب والفضة تجب الزكاة في أعيانهما في كل حال، فالزكاة واجبة في أعيان الذهب، والفضة في كل حال سواء أعدها الإنسان للنفقة أو للزواج أو لشراء بيت يحتاج إلى سكناه أو شراء سيارة يحتاج إلى ركوبها أو ادخرهما ليستكثر بهما المال أو غير ذلك. ففيهما الزكاة تجب على كل حال حتى ذهب المرأة الذي تلبسه والفضة التي تلبسها تجب عليها الزكاة تجب الزكاة فيها على كل حال، لكن لا بدَّ من بلوغ النصاب وهو في الذهب خمسة وثمانون جراما ونصف جرام، والفضة خمسمائة وخمسة وتسعون جراما، فإذا كان عند الإنسان من الفضة هذا المقدار ومن الذهب ذلك المقدار وجب عليه الزكاة، على كل حال فإن لم يفعل فجزاؤه ما ذكره النبي : إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار لا من ذهب وفضة، من نار -والعياذ بالله- قطع نارية، ويحمي عليها في نار جهنم ونار جهنم فضلت على نار الدنيا كلها بتسعة وستين جزءا نار الدنيا كلها حتى نار الغاز وما هو أشد حرارة، نار جهنم فضلت عليها بتسعة وستين جزءا -نسأل الله أن يجيرنا وإياكم منها- يحمى عليها في نار جهنم فيكوى به جنبه، يعني: الجنب الأيمن والأيس، ر وجبينه يعني: وجهه وظهره واضح معناه، كلما بردت أعيدت لا تبقى حتى تبرد وتسكت عنه، كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ليس ساعة ولا ساعتين ولا شهرا ولا شهرين ولا سنة ولا سنتين خمسون ألف سنة وهو يعذب هذا العذاب -والعياذ بالله- حتى يقضى بين العباد ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار - نسأل الله العافية.

 

وعلى هذا يكون هذا الحديث كالتفسير لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: ٣٤] ومعنى يكنزونها أي: لا يؤدون زكاتها، كما فسرها بذلك أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم؛ لأن ما لا يؤدى زكاته فهو كنز، ولو كان على رؤوس الجبال، وما تؤدى زكاته فليس بكنز ولو كان في باطن الأرض فالكنز ما لا تؤدى زكاته.

{يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ} [التوبة: ٣٥] وهذا عذاب وألم جسدي ويعذبون عذابا قلبيا فيقال لهم: {هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ} [التوبة: ٣٥] فيحصل لهم العذاب الجسدي والعذاب القلبي بالتوبيخ والتأنيب فكيف يكون قلبه في تلك الساعة، وهو يقال له هذا ما كنزت لنفسك سيتقطع قلبه ألم جسدي وألم قلبي -والعياذ بالله- هذا جزاء من لا يؤدي الزكاة من الذهب أو الفضة، وما قام مقام الذهب والفضة بالنقدية فله حكمه، وعلى هذا فمن عنده أوراق تساوي هذا المبلغ من الذهب والفضة فعليه أن يزكي عنها ومعاملة الناس الآن في غالب الدول كلها بالأوراق فئة ريال فئة خمسة فئة عشرة.

 

هذه الأوراق تقوم مقام الذهب والفضة؛ لأنها جعلت بدلا عنها في التعامل بين الناس فإذا ملك الإنسان أوراقا تساوي هذا القدر من الفضة فعليه زكاته يعني تساوي (٥٦) ريالا عربيا من الفضة فعليه الزكاة، ومعلوم أن الفضة ترتفع أحيانا وتنزل أحيانا، فيقدر قيمتها إذا وجبت عليه الزكاة فإذا بلغت النصاب أي (٥٦) ريالا من الفضة فعليه زكاته، ومقدار الزكاة ربع العشر.

 

ثم ذكر النبي الإبل والبقر والغنم وجعل من حق الإبل حلبها يوم وردها إذا وردت على الماء فإنها تحلب، وجرت العادة أنهم يحلبونها ويتصدقون بها على الحاضرين هذا من حقها؛ لأن الإبل روايا كبيرة فيها ألبان فإذا وردت الماء درت، وإذا درت صار فيها فضل كبير من اللبن فإذا جاء الفقراء يوزع عليهم هذا من حقها.

 

وذكر عليه الصلاة والسلام، الخيل وأنها ثلاثة أنواع أجر وستر ووزر.

أما الحمر فإنه قال: لم ينزل على فيها شيء، إلا هذه الآية الجامعة الفاذة: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} فإن استعملت الحمير في خير فهو خير وإن استعملتها في شر فهي شر، والله أعلم.


الحمد لله رب العالمين

اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

شرح حديث/ ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها Reviewed by احمد خليل on 2:00:00 ص Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.