شرح حديث / بسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا
كتاب
عيادة المريض باب ما يدعى به للمريض
شرح
العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله
شرح
حديث / بسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا
أحاديث
رياض الصالحين: باب ما يدعى به للمريض
٩٠٦
- عن عائشة - رضي اللَّه عنها - أَن النَّبِيَّ ﷺ
كَانَ إِذا اشْتكى الإِنْسانُ الشَّيءَ مِنْهُ، أَوْ كَانَتْ بِهِ قَرْحةٌ أَوْ
جُرْحٌ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ، بأُصْبُعِهِ
هكَذا، وَوَضَعَ سُفْيانُ بْنُ عُييْنَة الرَّاوي سبابتَهُ بِالأَرْضِ ثُمَّ
رَفَعَهَا وقال: «بِسْمِ اللَّهِ، تُربَةُ أَرْضِنا،
بِرِيقَةِ بَعْضنَا، يُشْفَى بِهِ سَقِيمُنَا، بِإِذْن رَبِّنَا» متفقٌ
عَلَيْهِ.
٩٠٧ - عن عائشة - رضي الله عنها - أَن النبيَّ ﷺ
كَانَ يعُودُ بَعْضَ أَهْلِهِ يَمْسَحُ بيدِهِ اليُمْنى ويقولُ: «اللَّهُمَّ ربَّ النَّاسِ، أَذْهِب الْبَأسَ، واشْفِ،
أَنْتَ الشَّافي لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ، شِفاءً لاَ يُغَادِرُ سقَماً»
متفقٌ عَلَيْهِ.
الشرح
لما
ذكر المؤلف النووي - رحمه الله - في كتاب رياض الصالحين ما يدل على استحباب عيادة
المريض ذكر ما يدعى له به وما يفعل به فذكر حديثين عن عائشة - رضي الله عنها.
الأول:
أنه إذا كان في الإنسان المريض جرح أو قرحة أو نحو ذلك كان النبي ﷺ يبل إصبعه ثم يمسح بها الأرض فيأخذ من التراب
بهذا البلل ثم يمسح به الجرح ويقول: «تربة أرضنا
بريقه بعضنا يشفى به مريضنا بإذن ربنا» وهذا يدل على أنه ينبغي للإنسان أن
يداوي الجرح بمثل ذلك، ووجه ذلك أن التراب طهور كما قال النبي ﷺ: «جعلت تربتها
لنا طهورا وريق المؤمن طاهر أيضا» فيجتمع الطهوران مع قوة التوكل على الله
- عز وجل - والثقة به فيشفى بها المريض ولكن لا بدَّ من أمرين: -
١
- قوة اليقين في هذا الداعي بأن الله - سبحانه وتعالى - سوف يشفي هذا المريض بهذه
الرقية.
٢
- قبول المريض لهذا وإيمانه بأنه سينفع، أما إذا كانت المسألة على وجه التجربة فإن
ذلك لا ينفعه لأنه لا بدَّ من اليقين أن ما فعله النبي ﷺ حق، ولا بدّ أن يكون المحل قابلا وهو المريض،
لا بدَّ أن يكون مؤمنا بفائدة ذلك وإلا فلا فائدة لأن الذين في قلوبهم مرض لا
تزيدهم الآيات إلا رجسا إلى رجسهم - والعياذ بالله.
أما
الحديث الثاني: فإنه كان إذا عاد بعض أهله يقول: «اللهم
رب الناس، أذهب البأس، اشف، أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما»
ويمسح بيده اليمنى أي: يمسح المريض ويقرأ عليه هذا الدعاء اللهم رب الناس فيتوسل
إلى الله - عز وجل - بربوبيته العامة فهو الرب - سبحانه وتعالى - الخالق المالك
المدبر لجميع الأمور فأنت أيها المريض تقول: خلقني الله - عز وجل - ولا بأس بي ثم
قدر على المرض والذي قدر على المريض بعد الصحة قادر على أن يشفيني، أذهب البأس
يعني: المرض الذي حل بهذا المريض.
اشف
أنت الشافي، والشفاء إزالة المرض وبرء المريض فيقال: اشف ولا يقال: أشف لأن
الثانية – أشف - بمعنى أهلك، وأما الأولى اشف فمعناها البرء من السقم ولهذا يقال:
اللهم اشف فلانا ولا تشفه فالكلمتان عند العامة يظن أن معناهما واحد ولكن بينهما
هذا الفرق العظيم اشفه أي: أبرئه من المرض أما أشفه أهلكه، الشافي هو الله - عز
وجل - لأنه الذي يشفي المرض وما يصنع من الأدوية أو يقرأ من الرقى فما هو إلا سبب
قد ينفع وقد لا ينفع فالله هو المسبب - عز وجل - ولهذا ربما يمرض رجلان بمرض واحد
ويداويان بدواء واحد وعلى وصفة واحدة فيموت هذا ويسلم ذاك لأن الأمر كله بيده الله
- عز وجل - فهو الشافي وما يصنع من أدوية أو يقال من رقى فهو سبب ونحن مأمورون
بذلك، السبب كما قال النبي ﷺ: «تداووا ولا تتداووا بالحرام» وقال: «ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء» وقوله: لا
شفاء إلا شفاؤك، صدق رسول الله ﷺ فلا
شفاء إلا شفاء الله، فشفاء الله لا شفاء غيره وشفاء المخلوقين ليس إلا سببا،
والشافي هو الله فليس الطبيب وليس الدواء هما اللذان يشفيان بل الطبيب سبب والدواء
سبب وإنما الشافي هو الله.
وقوله:
شفاء لا يغادر سقما يعني: شفاء كاملا لا يبقي سقما أي: لا يبقي مرضا.
فينبغي
للإنسان إذا عاد المريض أن يمسحه بيده اليمنى ويقول: هذا الدعاء. والله الموفق.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ
جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
شرح حديث / بسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا
Reviewed by احمد خليل
on
5:36:00 م
Rating:
جزاكم الله خير ا
ردحذف