Top Ad unit 728 × 90

أخبار المدونة

احاديث نبوية شريفة

باب استحباب التبشير والتهنئة بالخير

كتاب الأدب: باب استحباب التبشير والتهنئة بالخير

شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله

باب – استحباب – التبشير – والتهنئة - بالخير

باب استحباب التبشير والتهنئة بالخير


أحاديث رياض الصالحين: باب استحباب التبشير والتهنئة بالخير

 

قال الله تعالى: {فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر: ١٧-١٨].

وقال تعالى: {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ} [التوبة: ٢١].

وقال تعالى: {وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت: ٣٠].

وقال تعالى: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} [الصافات: ١٠١].

وقال تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى} [هود: ٦٩].

وقال تعالى: {وَأمْرَاتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} [هود: ٧١].

وقال تعالى: {فَنَادَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى} [آل عمران: ٣٩].

وقال تعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ} [آل عمران: ٤٥].

والآيات في الباب كثيرة معلومة.

 

الشرح:

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (باب استحباب التبشير والتهنئة بالخير).

والبشارة تكون في الأمور التي تسر وسميت بذلك؛ لأن الإنسان كان إذا بشر بما يسره ظهر أثر ذلك في وجهه وفي بشرته وقد تكون البشارة فيما يسوء مثل قوله تعالى: {فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آل عمران: ٢١] والبشارة فيما يسر تكون فيما يسر في الآخرة، وفيما يسر في الدنيا، أما البشارة فيما يسر في الآخرة فكثيرة، ذكرها الله في القرآن في مواضع كثيرة مثل قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الآنْهَار} [البقرة: ٢٥]. وقوله: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآَخِرَةِ} [يونس: ٦٤]، وقوله: {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [التوبة: ٢١-٢٢]، وقال الله تعالى: {وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّن اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [الصف: ١٣].

 

هذا كله فيما يتعلق بأمور الآخرة ومن الأمور التي تبشر بالخير في أمور الآخرة: الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو ترى له، مثل أن يرى إنسان رؤيا فيقال له في المنام مثلا: بشر فلانا بأنه من أهل الجنة فبشره، هذه بشرى، كذلك أيضا الإنسان إذا رأى من نفسه أنه ينقاد للخير والعمل الصالح ويرغب فيه ويحبه وأنه يكره الشر فهذه أيضا بشرى؛ لأن الله تعالى قال: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} [الليل: ٥-٧]، وأما البشارة فيما يتعلق بأمر الدنيا فمثل قوله تعالى عن إبراهيم الخليل: {إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ} [الحجر: ٥٣]، وفي آية أخرى: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} [الصافات: ١٠١].

 

والذي بشر به في الآية الأولى غير الذي بشر به في الآية الثانية التي فيها: "إنا نبشرك بغلام عليم" هذا إسحاق، والتي فيها: "فبشرناه بغلام حليم" هذا إسماعيل -عليهما السلام- إسحاق أبو بني إسرائيل؛ لأن ابنه يعقوب، ويعقوب هو إسرائيل الذي من ذريته موسى وعيسى -عليهم السلام- وأكثر الأنبياء المذكورين في القرآن كلهم من ذرية إسرائيل، أما التي ذكر الله فيها "فبشرناه بغلام حليم" وهي التي في سورة الصافات فهذا إسماعيل أبو العرب وليس في ذريته رسول إلا رسول واحد ولكنه ختم جميع الرسالات، وبعث إلى الناس كافة من بعثته إلى يوم القيامة، وغيره من الأنبياء كان يبعث إلى قومه خاصة، هذا الرسول الذي من بني إسماعيل هو محمد صلوات الله وسلامه عليه.

 

وكذلك قال الله تعالى عن امرأة إبراهيم: {وَأمْرَاَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} [هود: ٧١] هذا أيضا بشارة للأنثى فالحاصل أن البشارة تكون في أمور الآخرة وفي أمور الدنيا، وينبغي للإنسان أن يكون متفائلا مستبشرا بالخير، وألا يرى الدنيا أمامه كالحة مظلمة فيستحسر ويقنط، وينبغي للإنسان أيضا إذا حصل له خير أن يهنئ به وأن يبشر به إذا كان مستقبلا يهنئ به بالخير إذا وقع، ويبشر بالخير في المستقبل، بشر أخاك السرور عليه حتى لو رأيت مثلا إنسانا مغتما قد ضاقت عليه الدنيا وتكالبت عليه الأمور فقل له أبشر: بالفرج؛ لأن النبي يقول: «واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسر» هذا كلام الرسول -عليه الصلاة والسلام- ما ينطق عن الهوى، فإذا رأيت أخاك مكروبا فقل له أبشر فالفرج قريب، وإذا رايته في عسر فقل له اليسر القريب، وكما قال ابن عباس رضي الله عنهما: "لن يغلب عسر يسرين".

 

في سورة "ألم نشرح لك صدرك": {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: ٥-٦]، العسر ذكر مرتين واليسر ذكر مرتين، لكن حقيقة الأمر أن العسر لم يذكر إلا مرة واحدة واليسر ذكر مرتين لماذا؟ قال العلماء: إذا تكررت الكلمة معرفة "بأل" فهي واحدة، وإذا تكررت غير معرفة "بأل" فهي اثنان، العسر كرر مرتين لكن "بأل" فيكون العسر الثاني هو الأول، اليسر كرر مرتين لكن دون "أل" فيكون اليسر الثاني غير اليسر الأول، ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما-: "لن يغلب عسر يسرين".

 

يقال إن الحجاج بن يوسف الثقفي وهو رجل معروف -نسأل الله أن يعفو عنه- رجل ظالم يقتل الناس بغير حق، تكلم عنده أحد الناس وقال له كلمة استنكرها الحجاج، وكان الحجاج جيدا في اللغة العربية فهو الذي شكل القرآن، وهذه من حسناته وإن كان له سيئات كثيرة، قال له الحجاج ليس هذا في اللغة العربية فعلة ما تأتي في اللغة العربية، قال هكذا سمعت من الأعراب وكان يأخذون اللغة من الأعراب؛ لأن الأعراب في البادية ليسوا في المدن، والمدن دخل فيها الفرس والروم الذين أسلموا فتغير اللسان فقال الحجاج: اذهب عند الأعراب واتني بشاهد من كلام العرب ما يدل على أن فعلة موجودة في اللغة العربية ولك كذا وكذا يوم فإن لم تأتني فأنا أضرب عنقك. ذهب الرجل مكروبا والحجاج ينفذ ما يقول، وذهب يطلب من الأعراب فسمع أعرابيا يقول: "ربما تكره النفوس من الأمر له فرجة كحل العقال" ففرج بها فرحا عظيما، وجاء بها إلى الحجاج فبينما هو في الطريق قيل له إن الحجاج قد مات فقال والله ما أدري هل أنا أشد فرحا بهذه الكلمة التي وجدتها عند الأعرابي، أو بموت هذا الرجل. فالحاصل أن الإنسان ينبغي له أن يدخل السرور والبشرى على إخوانه حتى يفرحوا وينشطوا ويؤملوا وينتظروا الفرج - نسأل الله أن يجعلنا والمسلمين ممن له البشرى في الحياة الدنيا والآخرة.


الحمد لله رب العالمين

اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

باب استحباب التبشير والتهنئة بالخير Reviewed by احمد خليل on 11:41:00 ص Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.