شرح حديث / خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم
باب
الوالي العادل
شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين
رحمه الله
شرح حديث (خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم..)
شرح حديث (أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط موفق..)
أحاديث
رياض الصالحين
الحديث رقم 666 - 667 باب الوالي العادل
الحديث رقم 666 - 667 باب الوالي العادل
666
- وعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون
عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم!) قال:
قلنا: يا رسول الله، أفلا ننابذهم؟ قال: (لا، ما
أقاموا فيكم الصلاة، لا، ما أقاموا فيكم الصلاة) رواه مسلم.
قوله:
(تُصلونَ عليهم): تدعُون لهم.
667
- وعن عياض بن حمارٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (أهل الجنة ثلاثةٌ: ذُو سلطان مقسط موفق، ورجلٌ رحيم رقيق
القلب لكل ذي قربى ومسلم وعفيف متعفف ذو عيال) رواهُ مسلم.
الشَّرْحُ
قال
النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين في باب فضل الإمام العادل: عن عوف بن
مالك رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال:
(خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم
ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم).
الأئمة:
يعني ولاة الأمور، سواء كان الإمام الكبير في البلد وهو السلطان الأعلى أو كان من
دونه.
هؤلاء
الأئمة الذين هم ولاة أمورنا، ينقسمون إلى قسمين: قسم نحبهم ويحبوننا، فتجدنا
ناصحين لهم وهم ناصحون لنا، ولذلك نحبهم، لأنهم يقومون بما أوجب الله عليهم من النصيحة
لمن ولاهم الله عليه، ومعلوم أن من قام بواجب النصيحة فإن الله تعالى يحبه، ثم
يحبه أهل الأرض.
فهؤلاء
الأئمة الذين قاموا بما يجب عليهم محبوبون لدى رعيتهم.
وقوله:
(ويصلون عليكم، وتصلون عليهم) الصلاة هنا بمعنى الدعاء، يعني تدعون لهم ويدعون
لكم، تدعون لهم بأن الله يهديهم ويصلح بطانتهم، ويوفقهم للعدل إلى غير ذلك من
الدعاء الذي يدعى به للسلطان، وهم يدعون لكم: اللهم أصلح رعيتنا، اللهم اجعلهم
قائمين بأمرك، وما اشبه ذلك.
أما
شرار الأئمة: فهم (الذين تبغضونهم ويبغضونكم)
تكرهونهم؛ لأنهم لم يقوموا بما يجب عليهم من النصيحة للرعية، وإعطاء الحقوق إلى
أهلها، وإذا فعلو ذلك فإن الناس يبغضونهم، فتحصل البغضاء من هؤلاء وهؤلاء؛ تحصل
البغضاء من الرعية للرعاة؛ لأنهم لم يقوموا بواجبهم، ثم تحصل البغضاء من الرعاة
للرعية؛ لأن الرعية إذا أبغضت الوالي؛ تمردت عليه وكرهته، ولم تطع أوامره ولم
تتجنب ما نهى عنه، وحينئذ (تلعنونهم ويلعنونكم)
والعياذ بالله؛ يعني يسبونكم وتسبونهم، أو يدعون عليكم باللعنة وتدعون عليهم
باللعنة.
إذاً
الأئمة ينقسمون إلى قسمين: قسم وفقوا وقاموا بما يجب عليهم فأحبهم الناس وأحبوا
الناس، وصار كل واحد منهم يدعو للآخر. وقسم آخر بالعكس شرار الأئمة، يبغضون الناس
والناس يبغضونهم، ويسبون الناس والناس يسبونهم.
أما
حديث عياض بن حمار رضي الله عنه فهو أن النبي ﷺ قال
(أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط موفق) وهذا
هو الشاهد؛ يعني صاحب سلطان، والسلطان يعم السلطة العليا وما دونها.
(مقسط) أي عادل بين من ولاه الله عليه.
(موفق) أي مهتدٍ لما فيه التوفيق والصلاح، وقد هُدي
إلى ما فيه الخير، فهذا من أصحاب الجنة.
وقد
سبق أن الإمام العادل ممن يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وهذا هو الشاهد من
هذا الحديث (ذو سلطان مقسط موفق، ورجلٌ رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم)
رجل رحيم يرحم عباد الله، يرحم الفقراء، يرحم العجزة، يرحم الصغار، يرحم كل من
يستحق الرحمة.
(رقيق
القلب) ليس قلبه قاسياً (لكل ذي قربى ومسلم)، وأما للكفار فإنه غليظ عليهم.
هذا
أيضاً من أهل الجنة، أن يكون هذا الإنسان رقيق القلب يعني فيه لين، وفيه شفقة على
كل ذي قربى ومسلم.
والثالث
(رجل عفيف متعفف ذو عيال) يعني أنه فقير ولكنه
متعفف، لا يسأل الناس شيئاً، يحسبه الجاهل غنياً من التعفف.
(ذو
عيال) يعني أنه مع فقره عنده عائلة، فتجده صابراً محتسباً يكد على نفسه، ربما يأخذ
الحبل يحتطب ويأكل منه، أو يأخذ المخلب يحتش فيأكل منه، المهم أنه عفيف متعفف ذو
عيال، ولكنه صابر على البلاء، صابر على عياله، فهذا من أهل الجنة. نسأل الله أن
يجعل لنا ولكم من هؤلاء نصيباًن والله الموفق.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ
جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
شرح حديث / خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم
Reviewed by احمد خليل
on
12:55:00 م
Rating:
ليست هناك تعليقات: