Top Ad unit 728 × 90

أخبار المدونة

احاديث نبوية شريفة

شرح حديث/ أوصيكم بتقوى الله عز وجل والسمع والطاعة - الأربعين النووية

شرح العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

شرح – حديث – أوصيكم – بتقوى – الله – عز – وجل – والسمع - والطاعة – الأربعين - النووية

شرح حديث/ أوصيكم بتقوى الله عز وجل والسمع والطاعة - الأربعين النووية


الحديث الثامن والعشرون: السمع والطاعة.

عَن أَبي نَجِيحٍ العربَاضِ بنِ سَاريَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: وَعَظَنا رَسُولُ اللهِ مَوعِظَةً وَجِلَت مِنهَا القُلُوبُ، وَذَرَفَت مِنهَا العُيون، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَأَوصِنَا، قَالَ: «أُوْصِيْكُمْ بِتَقْوَى اللهِ عز وجل، وَالسَّمعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلافَاً كَثِيرَاً، فَعَلَيكُمْ بِسُنَّتِيْ وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المّهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، فإنَّ كلّ مُحدثةٍ بدعة، وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ» [١] رواه أبو داود، والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.

 

الشرح:

اَلحدِيث الثَّامن والْعشْرون: حديث العرْباض بْن سَارِية رَضِي اَللَّه عَنْه، أنَّ اَلنبِي وَعظُهم ذات يَوْم، فقالوا لَه: (يَا رَسُول اَللَّه، كأنَّهَا مَوعِظة مُودَع)؛ لِأَنه عليْه الصَّلَاة والسَّلام أَظهَر لَهُم فِيهَا العناية الكاملة بِهم، وتوْجيههم وَترقِيق قُلوبِهم حَتَّى ذَرفَت اَلعُيون، ووجلتْ اَلقُلوب، فقالوا: (يَا رَسُول اَللَّه، كأنَّهَا مَوعِظة مُودَع)، (فأوْصيْنَا)، قال: «أُوْصِيْكُمْ بِتَقْوَى اللهِ، وَالسَّمعِ وَالطَّاعَةِ»؛ يَعنِي: لِولاة اَلأُمور فأوْصاهم بِتقْوى اَللَّه فِي أَدَاء حَقِّه وامْتثال أَوامِره وترْك نَواهِيه -سُبْحانه وَتَعالَى- والسَّمْع والطَّاعة لِولاة اَلأُمور؛ لِأنَّ السَّمْع والطَّاعة لِولاة اَلأُمور فِيهَا اِجتِماع اَلكلِمة، وَفِيهَا الأمْن، وَفِيهَا الطُّمأْنينة، وَفِيهَا ظُهُور اَلحَ ، وَفِيهَا نَصْر اَللَّه، وَفِيهَا دَحْض الباطل، أَمَّا الاخْتلاف والْمنازعات فَفِيهَا الهلَاك.

 

قال : «وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ» وَفِي الرَّاوية اَلأُخرى: «وإن أُمِّرَ عليكم عبدٌ حَبَشِيٌّ مُجَدَّعٌ الأطْرَافِ»؛ يَعنِي: عليْكم السَّمْع والطَّاعة لِأميركم فِي طَاعَة اَللَّه وَرسُوله، وَفِي المعْروف، كمَا فِي الرِّواية اَلأُخرى: «إنَّما الطَّاعَةُ في المَعروفِ».

 

ثم قال : «فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلافَاً كَثِيرَاً»؛ يَعنِي: مِن يُطِل عُمرُه مِنْكم فسيرى اِخْتلافًا كثيرًا، وقد وقع ذَلِك، وقع الخلَاف، وَوقَع النِّزَاع.

 

قال : «فَعَلَيكُمْ بِسُنَّتِيْ وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ»؛ يَعنِي: عليْكم بِطريقتي ومَا أنَا عليْه مِن العلم والعْمل، وهكذَا سنة الخلفاء الرَّاشدين: الصِّدِّيق أَبُو بَكْر، وَعمَر، وعثْمَان، وَعلِيَّ رَضِي اَللَّه عَنهُم، هؤلاء هُم الخلفاء الرَّاشدين.

 

قال : «عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ»؛ يَعنِي: عُضْوًا عليْهَا بِالْأضْراس؛ يَعنِي: تمسَّكوا بِهَا وألْزموهَا، هذَا هُو الواجب على أَهْل الإسْلام، أن يتمسَّكوا بِطريقته عليْه الصَّلَاة والسَّلام وَطَريقَة أصْحابه، ويسيروا عليْهَا ويلْزموهَا، وَألَّا يلْتفتوا إِلى مِن خالفَهَا، هَكذَا اَلمُؤمن يُلْزِم اَلحَق، ويسْتقيم عليْه، ولو خالفه مِن خَالَف.

 

ولهذا قال بعده: «وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ»؛ يَعنِي: اِحْذروا المحْدثات، اِحْذروا البدع اَلتِي يَأتِي بِهَا النَّاس بَعْد ذَلِك، الَّذين يُخالفون السُّنَّة ويخالفون الشَّريعة.

 

قال : «فإنَّ كلّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ»، وَكَان يَقُول هذَا فِي خُطْبته يَوْم اَلجُمعة: «فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ، وشرَّ الأمورِ مُحدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ».

فلَا يَجُوز لِمؤْمن أن يَحدُث فِي الدِّين مَا لَم يَأذَن بِه اَللَّه، قال سُبْحانه: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ} [الشورى: ٢١]؛ بل الواجب اِتِّباع الشَّريعة اَلتِي جاء بِهَا نَبِينَا عليْه الصَّلَاة والسَّلام، والاسْتقامة عليْهَا، والْحَذر مِن كُلِّ مَا يُخالفهَا، هذَا هُو الواجب على جميع المسْلمين، وَهذَا هُو طريق النَّجَاة، وَهذَا هُو الصِّرَاط المسْتقيم اَلذِي قال اَللَّه فِيه: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: ٦]، وَقَال فِيه سُبْحانه: {وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: ١٥٣]، فصراط اَللَّه هُو الإسْلام، هُو دِين اَللَّه اَلذِي بعث بِه مُحمَّد عليْه الصَّلَاة والسَّلام، وَهُو طَاعَة الأوامر وترْك النَّواهي، والْوقوف عِنْد حُدُود اَللَّه، ومَا خَالَف ذَلِك فَهُو السُّبل اَلتِي تَدعُو إِليْهَا الشَّياطين، مَا خَالَف طريق اَلنبِي وديْنه اَلذِي جاء بِه مِن طَاعَة اَللَّه وَرسُوله والْوقوف عِنْد حُدُود اَللَّه والسَّيْر على مِنهَاج اَللَّه اَلذِي رسمهَا لِعباده؛ مِن خَالَف ذَلِك وَحَاد عن ذَلِك فقد تَابَع السُّبل اَلتِي هِي طُرُق الشَّياطين، وَهِي البدع اَلتِي أحْدثَهَا مِن خَالَف الشَّرْع، ولَا سِيَّما فِي هَذِه اَلعُصور الأخيرة اَلتِي اِشْتدَّتْ فِيهَا غُربَة الإسْلام، وَكثُر فِيهَا مِن خَالَف الدِّين واتَّبع الهوى، وَلذَلِك فَإِن الواجب على اَلمُؤمن فِي هذَا العصْر -أَكثَر مِن غَيرِه فِيمَا مضى مِن اَلعُصور- أن يَتَمسَّك بِالشَّريعة غَايَة التَّمَسُّك، وأن يَلْزَمَ كِتَاب اَللَّه وَسنَّة نبيِّه بِكلِّ مَا يَستطِيع؛ حَتَّى لَا يَجُره أَعدَاء اَللَّه إِلى اِتِّباع الهوى وَطاعَة الشَّيْطان فيهْلك مع مِن هلك. رِزْق اَللَّه اَلجمِيع التَّوْفيق والْهداية.


الحمد لله رب العالمين

اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

شرح حديث/ أوصيكم بتقوى الله عز وجل والسمع والطاعة - الأربعين النووية Reviewed by احمد خليل on 1:21:00 م Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.