شرح حديث / إن الحلال بينٌ وإن الحرام بينٌ
باب
الورع وترك الشبهات
شرح العلامة الشيخ عبد العزيز بن
عبد الله بن باز
شرح
حديث / إن الحلال بينٌ وإن الحرام بينٌ
أحاديث
رياض الصالحين: باب الورع وترك الشبهات
٥٩٣
- وعن النُّعمان بنِ بَشيرٍ - رضيَ اللَّه عنهما - قال: سمِعْتُ رسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّ
الحَلاَلَ بَيِّنٌ، وإِنَّ الحَرامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهما مُشْتَبِهاتٌ لاَ
يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَن اتَّقى الشُّبُهاتِ، اسْتَبْرَأَ
لِدِينِهِ وعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشبُهاتِ، وقَعَ في الحَرامِ، كالرَّاعي
يرْعى حَوْلَ الحِمى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَع فِيهِ، أَلاَ وإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ
حِمًى، أَلاَ وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمهُ، أَلاَ وإِنَّ فِي الجسَدِ مُضغَةً
إِذَا صلَحَت صَلَحَ الجسَدُ كُلُّهُ، وَإِذا فَسَدَتْ فَسدَ الجَسَدُ كُلُّهُ:
أَلاَ وَهِي القَلْبُ» متفقٌ عَلَيْهِ. ورَوَياه مِنْ طُرُقٍ بأَلْفاظٍ
مُتَقارِبَةٍ
الشيخ:
بسم
الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصل الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه
ومَن اهتدى بهداه.
أما
بعد: فهذا الحديث يتعلق بالزهد والورع، الزهد فيما لا حاجةَ إليه، وفيما يشتبه
فيه، والورع عن تعاطيه، فالإنسان يزهد في الشيء الذي قد يشغله عمَّا هو أهم، أو
يجرّه إلى الحرام، ويتورع عن ذلك حتى تسلم له عقيدته، ويسلم له دينه، ولا يقدم إلا
على بصيرةٍ؛ لا في قولٍ، ولا في عملٍ، فهذا من زهده في العاجلة، وورعه عمَّا حرم
الله عليه؛ أن يتثبت في الأمور حتى لا يتعاطى إلا ما يعلم حلّه، إلا دون شبهةٍ.
ومن
ذلك هدا الحديث النعمان بن بشير بن سعد الأنصاري: أنه حدَّث وأشار إلى أُذنيه
وقال: سمعتُ النبيَّ ﷺ بأذني يقول: «الحلال بيِّنٌ، والحرام بيِّنٌ، وبينهما مُشتبهات لا
يعلمهنَّ كثيرٌ من الناس، فمَن اتَّقى الشّبهات فقد استبرأ لدينه وعِرضه، ومَن وقع
في الشّبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى، يُوشك أن يقع فيه، ألا وإنَّ
لكل ملك حمى، ألا وإنَّ حمى الله محارمه، ألا وإنَّ في الجسد مضغةً إذا صلحت صلح
الجسدُ كله، وإذا فسدت فسد الجسدُ كله، ألا وهي القلب».
هذا
الحديث يدل على جملٍ عظيمةٍ، والشاهد منه قوله: «وبينهما
مُشتبهات لا يعلمهنَّ كثيرٌ من الناس، فمَن اتَّقى الشّبهات فقد استبرأ لدينه»
هذا هو الزهد، والورع أن يتجنب المشتبهات التي ما يدري هي حلال أو حرام، يخشى على
دينه، فإذا وقع فيها فهو كالراعي الذي يرعى حول الحمى، يعني: يقسو قلبه، ويضعف
ورعه، حتى يقع في المحارم بسبب وقوعه في المشتبهات، كالذي يحوم حول الحمى، يغفل أو
ينام فترتع الإبل أو الغنم في زروع الناس؛ لأنه حول الحمى.
وينبغي
للمؤمن التورع عمَّا يشتبه، والحذر منه، وأن تكون أعماله على بصيرةٍ؛ في مأكله،
ومشربه، وغير ذلك على بصيرةٍ، إذا اشتبه عليه الأمرُ توقف عنه حتى يتَّضح أمره،
ويُبين ﷺ أن القلب هو الأساس، فمتى صلح صلح
الجسد، فالعبد متى عمَّر قلبه بالتقوى، والخوف من الله، وخشية الله؛ استقامت
الجوارح، وإذا خرب القلب بالشكوك والأوهام والمعاصي، أو بما هو أكبر من النِّفاق؛
فسدت الأعضاء - نسأل الله العافية.
ويُبين
ﷺ أن حمى الله محارمه، وأنه لا يجوز للإنسان
أن ينتهك حمى الله – يعني: محارم الله - من الزنا، والسرقة، والعقوق، وقطيعة
الرحم، والربا، إلى غير هذا من المعاصي، متى وقع فيها فقد انتهك حمى الله، ولكن
يجتهد في صلاح قلبه بتقوى الله، والاستقامة على دين الله، والبُعد عن معاصي الله؛
حتى يسلم له قلبه، فإذا سلم له قلبه استقامت أحواله.
وفَّق
الله الجميع.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ
جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
شرح حديث / إن الحلال بينٌ وإن الحرام بينٌ
Reviewed by احمد خليل
on
6:27:00 م
Rating:
ليست هناك تعليقات: