Top Ad unit 728 × 90

أخبار المدونة

احاديث نبوية شريفة

شرح حديث/ لا يلج النار رجل بكى من خشية الله

باب فضل البكاء من خشية الله تعالى وشوقا إليه

شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله
شرح – حديث – لا – يلج – النار – رجل – بكى – من – خشية - الله
شرح حديث/ لا يلج النار رجل بكى من خشية الله 

أحاديث رياض الصالحين: باب فضل البكاء من خشية الله تَعَالَى وشوقًا إِليه.

قال اللَّه تعالى: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [الإسراء: ١٠٩]، وقال تعالى: {أَفَمِنْ هَٰذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (٥٩) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ} [النجم: ٥٩-٦٠].
٤٥١- وعَن ابنِ مَسعودٍ رضي اللَّه عنه،
 قالَ: قَالَ لي النبيُّ : «اقْرَأْ عليَّ القُرآنَ»، قلتُ: يَا رسُولَ اللَّه، أَقْرَأُ عَلَيْكَ، وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟! قالَ: «إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي»، فقرَأْتُ عَلَيْهِ سورَةَ النِّساء، حَتَّى جِئْتُ إِلى هذِهِ الآية: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} [النساء: ٤١]، قَالَ: «حَسْبُكَ الآنَ»، فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ. فَإِذَا عَيْناهُ تَذْرِفانِ. [١] متفقٌ عَلَيْهِ.
٤٥٢- وعن أنسٍ رضي اللَّه عنه،
 قالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّه خُطْبَةً مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ، فقالَ: «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا» قَالَ: فَغَطَّى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ وُجُوهَهُمْ ولهُمْ خَنِينٌ. [٢] متفقٌ عَلَيْهِ.

وَسَبَقَ بيَانُهُ في بابِ الخَوفِ.
٤٥٣- وعن أبي هريرةَ رضي اللَّه عنه،
 قَالَ: قالَ رسُولُ اللَّهِ : «لا يَلِجُ النَّارَ رَجْلٌ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّه حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ في الضَّرْعِ، وَلا يَجْتَمعُ غُبَارٌ في سَبِيلِ اللَّه، ودُخَانُ جَهَنَّمَ» [٣] رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
٤٥٤- وعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، قالَ: قالَ رسُولُ اللَّه : «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلاَّ ظِلُّهُ: إِمامٌ عادِلٌ، وشابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ اللَّه تَعالى، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّق بالمَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا في اللَّه اجتَمَعا عَلَيهِ، وتَفَرَّقَا عَلَيهِ، وَرَجَلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمالٍ، فَقَالَ: إِنّي أَخافُ اللَه، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةَ فأَخْفاها حتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمالهُ ما تُنْفِقُ يَمِينهُ، ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّه خالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ» [٤]
متفقٌ عليه.

 

الـشـرح:

قال المؤلف رحمه الله تعالى: باب فضل البكاء من خشية الله عزَّ وجلَّ، يعني: خوفاً منه وشوقاً إليه تبارك وتعالى، وذلك أن البكاء له أسباب: تارة يكون الخوف، وتارة يكون الألم، وتارة يكون الشوق، وغير ذلك من الأسباب التي يعرفها الناس.
ولكن البكاء من خشية الله إما خوفاً منه وإما شوقاً إليه تبارك وتعالى، فإذا كان البكاء من معصية فعلها الإنسان؛ فهذا البكاء سببه الخوف من الله عزَّ وجلَّ، وإذا كان عن طاعة فعلها، كان هذا البكاء شوقاً إلى الله سبحانه وتعالى.


وذكر المؤلف رحمه الله، آيتين: آية فيها الثناء على الذين يبكون من خشية الله، وهي قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ} [الإسراء: ١٠٧]، أي: أوتوا العلم من قبل القرآن، وهم أهل الكتاب: {إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً (١٠٧) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً} [الإسراء: ١٠٧-١٠٨]، يعني: إن وعد ربنا واقع لا محالة، فإن هنا للتوكيد.
قوله تعالى: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً} [الإسراء: ١٠٩]، {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ}، يعني: عليها، والمراد المبالغة في السجود، حتى تكاد أذقانهم تضرب بالأرض من شدة المبالغة في سجودهم {وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً} خشوعاً في القلب يظهر أثره وعلامته على الجوارح.


والآية الثانية: قوله تعالى: {أَفَمِنْ هَٰذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (٥٩) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ} [النجم: ٥٩-٦٠]، وهذا ذم لهم أن يضحك الإنسان من القرآن ويعجب منه عجب استنكار وسخرية ولا يبكي منه، والقرآن أعظم واعظ، يعظ الله به القلوب، لكنه إذا ورد على قلوب كالحجارة والعياذ بالله؛ فإنها لا تلين ولكنها تزداد صلابة، نسأل الله العافية.

 

ثم ذكر المؤلف حديث ابن مسعود رضي الله عنه، أن النبي  طلب منه أن يقرأ عليه القرآن، فقال: يا رسول الله، كيف أَقْرَأ عليك، وعليك أنزل؟ يعني: أنت أعلم به مني، فكيف أَقْرَأ عليك؟ قال: «إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي».

هكذا قال النبي عليه الصلاة والسلام، وفيه إشارة إلى أن الإنسان قد يكون إنصاته لقراءة غيره أخشع لقلبه مما لو قرأ هو، وهو كذلك أحياناً، فأحياناً إذا سمعت القرآن من غيرك خشعت وبكيت، لكن لو قرأته أنت خشعت على هذه الهيئة.

فقرا عليه سورة النساء، فلما بلغ هذه الآية العظيمة: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} [النساء: ٤١]، يعني: ماذا تكون حالك؟! وماذا تكون حالهم؟!
كيف هنا للاستفهام، والاستفهام يشد النفس وينبه القلب: {إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيد} يوم القيامة.


والشهداء طائفتان من الناس:

الطائفة الأولى: الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، كما قال تعالى: {وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} {البقرة: ١٤٣].

والثانية: أهل العلم الذين ورثوا الأنبياء، فإنهم شهداء بعد ميراث الأنبياء بعد أن يموت الأنبياء، فالشهداء على الخلق هم العلماء بعد الرسل يشهدون بأن الرسل بلغوا، ويشهدون على الأمة بأن الرسالة قد بلغتهم، ويالها من ميزة عظيمة لأهل العلم، أن يكونوا هم شهداء الله في أرضه.
يقول: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً}، وقد ذكر الله في سورة الجاثية: {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً} على ركبها {كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا} كتاب الأعمال، أو إلى كتابها الذي نزل عليها بالوحي: {تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية: ٢٨].


يقول: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ}، يعني: يا محمد {عَلَى هَؤُلاء} الأمم {شَهِيداً} ماذا تكون الحال. فقال النبي : «حَسْبُكَ الآنَ»، قال ابن مسعود: فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان.
يبكي عليه الصلاة والسلام، خوفاً من هذه الحالة الرهيبة العظيمة. ففي هذا دليل على البكاء من قراءة القرآن، وأن الإنسان يبكي من قراءة القرآن.


وذكر المؤلف حديثاً آخر سبق لنا شرحه وهو أن الرسول عليه الصلاة والسلام، قال: «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا»، يعني: لو تعلمون ما أعلم من حقائق الأمور التي أخفاها الله عنكم وعلمها الرسول ، لكنه أخفاها عن الخلق رحمة بهم وعلمها النبي ، ولكنه لم يؤمر بإبلاغها للناس، وقد يكون المراد بذلك حقائق ما أخبره أنه يعلم شيئاً من الحقائق لا يعلمها الناس، فالله أعلم.
ولما قال : «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا»، غطى الصحابة وجوههم ولهم خنين، يعني: أصوات بكاء، يبكون؛ لأن المراد بقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ»، التحذير مما علمه عليه الصلاة والسلام، فجعلوا يبكون رضي الله عنهم وأرضاهم، وهذا يدل على كمال إيمانهم، وكمال تصديقهم بما أخبر به الرسول .


ثم ذكر المؤلف حديث أبي هريرة المشهور، وقد سبق أيضاً: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلاَّ ظِلُّهُ»، وذكر منهم: «ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّه خالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ» ذكر الله بأسمائه وصفاته وأفعاله، وأحكامه وآياته، «ذَكَرَ اللَّه خالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ»، إما شوقاً إليه، وإما خوفاً منه، فهذا من الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
والمراد بالظل هنا: ظل يخلقه الله عزَّ وجلَّ، يوم القيامة يظلل فيه من شاء من عباده، وليس المراد ظل نفسه جَلَّ وَعَلاَ؛ لأن الله نور السماوات والأرض، ولا يمكن أن يكون الله ظلاً من الشمس، فتكون الشمس فوقه وهو بينها وبين الخلق، ومن فهم هذا الفهم فهو بليد أبلد من الحمار؛ لأنه لا يمكن أن يكون الله عزَّ وجلَّ، تحت شيء من مخلوقاته، فهو العلي الأعلى، ثم هو نور السماوات والأرض.


قال النبي عليه الصلاة والسلام: «إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ لا يَنامُ، ولا يَنْبَغِي له أنْ يَنامَ، يَخْفِضُ القِسْطَ ويَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهارِ، وعَمَلُ النَّهارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ، حِجابُهُ النُّورُ» وفي رِوايَةِ أبِي بَكْرٍ: «النَّارُ، لو كَشَفَهُ لأَحْرَقَتْ سُبُحاتُ وجْهِهِ ما انْتَهَى إلَيْهِ بَصَرُهُ مِن خَلْقِهِ» [٥]، يعني: لو كشف هذا الحجاب، والحجب أيضاً من نور، لكنها نور دون نور البارئ عزَّ وجلَّ. لو كشف الله هذا النور لأحرقت سبحات وجهه، أي: بهاؤه وعظمته ونوره، ما انتهى إليه بصره من خلقه، وبصره ينتهي إلى كل شيء.
والمعنى لو كشفه لأحرق هذا النور كل شيء، كيف يكون المراد بالظل ظل الرب عزَّ وجلَّ؟! لكن كما قلت: بعض الناس أجهل من الحمار، لا يدري ما يترتب على قوله الذي يقوله في تفسير كلام الله وكلام رسوله ، ولا يمكن أن يريد الرسول عليه الصلاة والسلام هذا.


حتى الرواية التي وردت في ظل عرشه فيها نظر؛ لأن المعروف أن العرش أكبر من السماوات والأرض والشمس والقمر والنجوم، «ما السَّماوات السّبع في الكُرسيِّ إلَّا كحلقةٍ ملقاةٍ بأرضٍ فلاةٍ، وفضلُ العرشِ على الكُرسيِّ كفضلِ تلك الفلاةِ على تلك الحلقةِ» [٦]، فكيف يكون العرش تحت الشمس يظل الناس؟!
لو صح الحديث لقلنا: ربما يكون طرف العرش مثلاً، والله عزَّ وجلَّ، على كل شيء قدير، لكن هذه اللفظة في صحتها نظر، والصواب أنه ظل يخلقه الله عزَّ وجلَّ، في ذلك اليوم؛ إما من الغمام أو من غير ذلك، الله أعلم، لكنه ظل يستر الله به من شاء من عباده حر الشمس.
وإنما قال: «يَوْمَ لا ظِلَّ إلاَّ ظِلُّهُ»؛ لأننا في الدنيا نستظل بالبناء الذي نبنيه، ونستظل بالأشجار التي تغرس، ونستظل بسفوح الجبال، وبالجدران، وبغير ذلك، نستظل بأشياء نحن نصنعها بأيدينا وبأشياء خلقها الله عزَّ وجلَّ.

لكن في الآخرة ليس هناك ظل، قال الله تعالى: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً} [طـه: ١٠٥]، كل الجبال تنسف مهما عظمت، أكبر الجبال وأعظمها تنسف؛ تكون رملاً، هباءً منثوراً، تطير في الجو: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [النمل: ٨٨]، تطير في الهواء وإن كنت تظنها جامدة لا تتحرك.
وقد سمعت عن بعض الناس المتأخرين يقول: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً}، يعني: في الدنيا، وأن هذا دليل على أن الأرض تدور، وعلل ذلك بان يوم القيامة يقين ليس فيه شيء من الحسبان.
وهذا من جهله وعدم معرفته؛ لأن الله تعالى قال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (١) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج: ١-٢]، هذا من يراهم على خلاف الواقع، فالأمر إذا ذهل الإنسان ولو كان أمامه شيء متيقن، فإنه تضيع حواسه وإدراكاته.
المهم أن قوله: «يَوْمَ لا ظِلَّ إلاَّ ظِلُّهُ»، أي: إلا الظل الذي يخلقه الله عزَّ وجلَّ، يظل به من شاء من عباده. وهذا هو الشاهد.


قوله: «ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّه خالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ» فأنت يا أخي إذا ذكرت الله فاذكر ربك خالي القلب، لا تفكر في شيء، إن فكرت في شيء لم يحصل لك أن تبكي من خشية الله أو الشوق إليه؛ لأنه لا يمكن أن يبكي الإنسان وقلبه مشغول بشيء آخر، كيف تبكي شوقاً إلى الله وخوفاً منه وقلبك مشغول بغيره؟ ولهذا قال: «ذَكَرَ اللَّه خالِياً»، يعني: خالي القلب مما سوى الله عزَّ وجلَّ، خالي الجسم أيضاً، ليس عنده أحد حتى يكون بكاؤه رياء وسمعه، فهو مخلص القلب، فهذا أيضاً ممن يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.

أسأل الله أن يظلني وإياكم في ظله يوم لا ظل إلا ظله، والحمد لله رب العالمين، وصلّى الله وسلم على نبينا محمد.

 

[١] رواه البخاري: كتاب التفسير، باب نساؤكم حرث لكم، رقم (٤٥٨٢)، ومسلم: كتاب صلاة المسافرين، باب فضل استماع القرآن. رقم (٨٠٠).

[٢] رواه البخاري: كتاب التفسير، باب قوله: {لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُم} رقم (٤٦٢١)، ومسلم: كتاب الفضائل، باب توقيره ، رقم (٢٣٥٩).

[٣] رواه الترمذي: كتاب فضائل الجهاد، باب ما جاء في فضل الغبار في سبيل الله، رقم (١٦٣٢)، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي، (٢/١٢٦).

[٤] رواه البخاري: رقم (٦٦٠)، ومسلم: كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة، رقم (١٠٣١).

[٥] أخرجه مسلم: كتاب الإيمان، باب في قوله عليه السلام: إن الله لا ينام، رقم (١٧٩).

[٦] أخرجه ابن أبي شيبة: في "العرش" رقم (٥٨) واللفظ له، وابن حبان: (٣٦١)، وأبو نعيم: في "حلية الأولياء" (١/١٦٧) مطولاً.


الْحمْد لِلَّه ربِّ الْعالمين

اللَّهمَّ اِرْحم مَوْتَانا مِن المسْلمين واجْمعْنَا بِهم فِي جَنَّات النَّعِيم

تَقبَل اَللَّه مِنَّا ومنْكم صَالِح الأعْمال

شرح حديث/ لا يلج النار رجل بكى من خشية الله Reviewed by احمد خليل on 1:59:00 م Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.