Top Ad unit 728 × 90

أخبار المدونة

احاديث نبوية شريفة

باب علامات حب الله تعالى العبد والحث على التخلق بها والسعي في تحصيلها

باب علامات حب الله تعالى العبد والحث على التخلق بها والسعي في تحصيلها

شرح العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

باب – علامات – حب – الله – تعالى – العبد – والحث – على – التخلق – بها – والسعي – في – تحصيلها

باب علامات حب الله تعالى العبد والحث على التخلق بها والسعي في تحصيلها


أحاديث رياض الصالحين: باب علامات حبِّ الله تَعَالَى العبد والحثّ عَلَى التَّخلق بِهَا والسعي في تحصيلها

 

قَالَ الله تَعَالَى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: ٣١]، وَقالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة: ٥٤].

 

٣٩١ - عن أبي هريرةَ -رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه : «إِنَّ اللَّه تَعَالَى قَالَ: منْ عادى لي وَلِيًّا. فقدْ آذنتهُ بالْحرْب. وَمَا تقرَّبَ إِلَيَ عبْدِي بِشْيءٍ أَحبَّ إِلَيَ مِمَّا افْتَرَضْت عليْهِ: وَمَا يَزالُ عَبْدِي يتقرَّبُ إِلي بالنَّوافِل حَتَّى أُحِبَّه، فَإِذا أَحبَبْتُه كُنْتُ سمعهُ الَّذي يسْمعُ بِهِ، وبَصره الَّذِي يُبصِرُ بِهِ، ويدَهُ الَّتي يَبْطِش بِهَا، ورِجلَهُ الَّتِي يمْشِي بِهَا، وَإِنْ سأَلنِي أَعْطيْتَه، ولَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَّنه» رواه البخاري.

معنى: «آذنته» أعلمته بأني محارب له. وقوله: «استعاذني» روي بالباء وروي بالنون.

٣٩٢ - عن أبي هريرةَ -رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ- عن النَّبيِّ قَالَ: «إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ تَعَالَى العَبْدَ، نَادَى جِبْريل: إِنَّ اللَّه تَعَالَى يُحِبُّ فُلانًا، فَأَحْبِبْهُ، فَيُحِبّهُ جِبْريلُ، فَيُنَادي في أَهْلِ السَّمَاء: إِنَّ اللَّه يُحِبُّ فُلانًا، فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوْضَعُ لَهُ القَبُولُ في الأَرْضِ» متفقٌ عليه.

وفي روايةٍ لمسلمٍ: قال رسولُ اللَّه : «إِنَّ اللَّه تَعَالَى إِذا أَحبَّ عبْدًا دَعا جِبْريلَ، فقال: إِنِّي أُحِبُّ فُلانًا، فَأَحْبِبْهُ، فَيُحِبّهُ جِبْريلُ، ثُمَّ يُنَادِي في السَّماءِ، فَيَقُولُ: إِنَّ اللَّه يُحِبُّ فُلانًا، فَأَحِبُّوهُ، فَيُحبّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ القَبُولُ في الأَرْضِ، وإِذا أَبْغَضَ عَبدًا دَعا جِبْريلَ، فَيَقولُ: إِنِّي أُبْغِضُ فُلانًا، فَأَبْغِضْهُ، فَيُبْغِضهُ جِبْريلُ، ثُمَّ يُنَادِي في أَهْلِ السَّماءِ: إِنَّ اللَّه يُبْغِضُ فُلانًا، فَأَبْغِضُوهُ، فَيُبْغِضهُ أَهْلُ السَّماءِ، ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ البَغْضَاءُ في الأَرْضِ».

٣٩٣ - وعن عائشةَ -رضي اللَّهُ عنها- أَنَّ رَسُول اللَّه ، بعَثَ رَجُلًا عَلَى سرِيَّةٍ، فَكَانَ يَقْرأُ لأَصْحابِهِ في صلاتِهِمْ، فَيَخْتِمُ بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، فَلَمَّا رَجَعُوا، ذَكَروا ذلكَ لرسولِ اللَّه ، فَقَالَ: «سَلُوهُ لأِيِّ شَيءٍ يَصْنَعُ ذلكَ؟» فَسَأَلوه، فَقَالَ: لأنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا، فَقَالَ رسولُ اللَّه : «أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّه تَعَالَى يُحِبُّهُ» متفقٌ عليه.

 

الشيخ:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّ الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.

أما بعد:

فهذه الآيات والأحاديث في أسباب محبَّة الله للعبد، فالله جلَّ وعلا، يُحبّ عبادَه المؤمنين ويرضى عنهم، ويكره الكافرين ويُبغضهم جلَّ وعلا، ومن علامات محبَّة الرب للعبد: اتِّباع الشَّريعة، فمَن تتبع شريعةَ الله واستقام على دين الله فهذه من علامات أنه مُوَفَّقٌ، وأنه مهدِيٌّ، وأنَّ الله يُحبّه جلَّ وعلا، قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران: ٣١]، فاتباع الرسول والاستقامة على دينه أعظم أسباب محبَّة الله للعبد.

 

وهكذا قوله جلَّ وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} [المائدة: ٥٤]، هذا من أسباب محبَّة الله لهم، أنَّهم أذلَّة على المؤمنين، أعزَّة على الكافرين، يعني: أهل تواضع مع المؤمنين، وأهل رأفةٍ ورحمةٍ مع المؤمنين، وأهل شدَّةٍ مع الكافرين، وبغض للكافرين، ومع ذلك أهل جهادٍ في سبيل الله، لا يمنعهم من هذا لومةُ لائمٍ: فيُجاهدون في سبيل الله، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، لا تمنعهم من ذلك ملامَةُ لائمٍ، هؤلاء من أحبِّ الناس إلى الله جلَّ وعلا؛ لأعمالهم الطيبة، وأخلاقهم الكريمة.

 

وهكذا في الحديث الصحيح يقول الله جلَّ وعلا: «مَن عادي لي وليًّا فقد آذنتُه بالحرب»، مَن عادي أولياء الله أبغضه الله، ومَن أحبَّهم أحبَّه الله، وأولياء الله هم المؤمنون، قال تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس: ٦٣]، فأولياء الله هم أهل الإيمان والتقوى والهدى، فمَن أحبَّهم أحبَّه الله جل وعلا، وهم محبوبون لله جلَّ وعلا.

«مَن عادي لي وليًّا فقد آذنتُه بالحرب، وما يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنَّوافل حتى أُحبَّه، فإذا أحببتُه كنتُ سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يُبْصر به، ويده التي يبطش بها، ورجلَه التي يمشي بها»، هذا يُبين أنَّ عناية العبد بالفرائض والنوافل والاستقامة على هذا من أسباب محبَّة الله له، فهو بأداء الفرائض وترك المحارم من أولياء الله، والله يُحبُّ أولياءه، وإذا زاد على هذا فتقرَّب بالنوافل وترك المكروهات كان ذلك أكمل في حبِّ الله له، وهو سبحانه يُحبُّ عبادَه المؤمنين، ويكره الكافرين.

 

فأنت يا عبد الله بطاعتك إياه سبحانه، واستقامتك على دينه، وعنايتك بالنوافل والتَّقرب إلى الله بها؛ كل هذا من أسباب كمال محبَّة الله لك، ومن فضل محبَّة الله للعبد، ومن جوده وكرمه عليه أنه يُنادي جبرائيلَ ويقول: يا جبرائيل، إني أُحبُّ فلانًا فأحبّه، فيُحبّه جبرائيل، ثم يُنادي جبرائيلُ في السماء: إنَّ الله يُحبُّ فلانًا فأحبُّوه، ثم يُوضَع له القبول في الأرض بسبب محبَّة الله له ومحبَّة الملائكة له.

 

والعكس بالعكس: مَن أبغضه الله نادي جبرائيلَ فقال: إني أُبغض فلانًا فأبغضه، فيُبغضه جبرائيل، ثم ينادي في السماء: إنَّ الله يُبغض فلانًا فأبغضوه، ثم تُوضع له البَغْضَاءُ في الأرض.

فأنت يا عبد الله جديرٌ بك أن تجتهد في طاعة ربك والتقرب إليه بما يُحبّ، والحذر من مساخطه، فإنَّ هذا كله من أسباب محبَّة الله لك.

 

وهكذا حبّ القرآن، وحبّ سور القرآن، وحبّ أسماء الله؛ من أسباب محبَّة الله للعبد، فكما في قصة الذي يُصلي بأصحابه ويقرأ بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، فقال له أصحابُه: لماذا لا تكتفي بها وتقرأ معها غيرها؟ فقال: إنها صفةُ الرحمن، وأنا أُحبّها، فقال النبيُّ لما أخبروه: «أخبروه أنَّ الله يُحبّه»، وفي اللفظ الآخر قال: «حُبُّك إيَّاها أدخلك الجنةَ».

فكون الإنسان يُحب تلاوة القرآن، ويأنس بذلك، ويُسَرُّ بذلك، ويجتهد في ذلك؛ هذا من أسباب محبَّة الله له، ومن أسباب توفيق الله له، وهدايته له، فحبّ صفات الرحمن وأسمائه جل وعلا، وحبّ كتابه الكريم، والتَّلذذ بقراءته، والأنس بقراءته، كلُّ هذا من أسباب محبَّة الله للعبد، ومن أسباب أنَّ الله يُوفِّقه لعملٍ صالحٍ يدخل به الجنة.

رزق الله الجميع التوفيقَ والهدايةَ.


الحمد لله رب العالمين

اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

باب علامات حب الله تعالى العبد والحث على التخلق بها والسعي في تحصيلها Reviewed by احمد خليل on 8:36:00 م Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.