شرح الحديث النبوي الشريف (يا معاذ والله إني لأحبك) من رياض الصالحين
باب
فضل الحب في الله والحث عليه
شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه
الله
شرح الحديث النبوي الشريف (يا معاذ والله إني لأحبك)
من رياض الصالحين
أحاديث
رياض الصالحين: باب فضل الحب في الله والحث عليه
٣٨٤ - وعن ابى هريرة - رضى الله عنه - عن النبي ﷺ: «أَنَّ رَجُلًا زَار
أَخًا لَهُ في قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَد اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجتِهِ
مَلَكًا» وذكر الحديث إلى قوله: «إِن اللَّه
قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ» رواه مسلم [١]. وقد سبق بالبابِ
قبله.
٣٨٧
- وعن أبي إِدريس الخَولانيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قال: دَخَلْتُ مَسْجِدَ
دِمَشْقَ، فَإِذَا فَتًى بَرَّاقُ الثَّنَايَا وَإِذَا النَّاسُ مَعهُ، فَإِذَا
اخْتَلَفُوا في شَيءٍ، أَسْنَدُوهُ إِلَيْهِ، وَصَدَرُوا عَنْ رَأْيهِ، فَسَأَلْتُ
عَنْهُ، فَقِيلَ: هَذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رضي اللَّه عنه، فَلَمَّا كَانَ مِنَ
الْغَدِ، هَجَّرْتُ، فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي بِالتَّهْجِيرِ، ووَجَدْتُهُ
يُصَلِّي، فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى قَضَى صلاتَهُ، ثُمَّ جِئْتُهُ مِنْ قِبَلِ
وجْهِهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قُلْتُ: وَاللَّهِ إِنِّي لأَحِبُّكَ
للَّهِ، فَقَالَ: آللَّهِ؟ فَقُلْتُ: أَللَّهِ، فقال: آللَّهِ؟ فَقُلْتُ:
أَللَّهِ، فَأَخَذَني بِحَبْوَةِ رِدَائي، فَجَبذَني إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَبْشِرْ،
فَإِنِّي سَمِعْتُ رسول اللَّه ﷺ يقول: «قالَ اللَّهُ تعالى وَجَبَتْ مَـحبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ
فيَّ، والمُتَجالِسِينَ فيَّ، وَالمُتَزَاوِرِينَ فيَّ، وَالمُتَباذِلِينَ فيَّ»
حديث صحيح رواه مالِكٌ في المُوطَّإِ بإِسنادِهِ الصَّحيحِ [٢].
قَوْلُهُ
«هَجَّرْتُ» أَيْ بَكَّرْتُ، وهُوَ بتشديد الجيم قوله: «اللَّهِ فَقُلْتُ:
أَللَّهِ» الأَوَّلُ بهمزةٍ ممدودةٍ للاستفهامِ، والثاني بِلا مدٍ.
٣٨٨ - وعن أبي كَريمةَ المِقْدَادِ بن مَعْدِ يكَرب - رضي اللَّه عنه - عن النَّبِيِّ ﷺ قال: «إِذَا أَحَبَّ الرَّجُلُ أَخَاهُ، فَلْيُخْبِرْه أَنَّهُ يُحِبُّهُ» رواه أبو داود، والترمذي [٣] وقال: حديثٌ حسنٌ.
٣٨٩ - عن مُعَاذٍ - رضي اللَّه عنه - أَنَّ رسول اللَّه ﷺ، أَخَذَ بِيَدِهِ وقال: «يَا مُعَاذُ واللَّهِ، إِنِّي لأُحِبُّكَ، ثُمَّ أُوصِيكَ يَا مُعاذُ لا تَدَعنَّ في دُبُرِ كُلِّ صلاةٍ تَقُولُ: اللَّهُم أَعِنِّي على ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ، وحُسنِ عِبَادتِك» [٤]. حديث صحيحٌ، رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح.
٣٨٨ - وعن أبي كَريمةَ المِقْدَادِ بن مَعْدِ يكَرب - رضي اللَّه عنه - عن النَّبِيِّ ﷺ قال: «إِذَا أَحَبَّ الرَّجُلُ أَخَاهُ، فَلْيُخْبِرْه أَنَّهُ يُحِبُّهُ» رواه أبو داود، والترمذي [٣] وقال: حديثٌ حسنٌ.
٣٨٩ - عن مُعَاذٍ - رضي اللَّه عنه - أَنَّ رسول اللَّه ﷺ، أَخَذَ بِيَدِهِ وقال: «يَا مُعَاذُ واللَّهِ، إِنِّي لأُحِبُّكَ، ثُمَّ أُوصِيكَ يَا مُعاذُ لا تَدَعنَّ في دُبُرِ كُلِّ صلاةٍ تَقُولُ: اللَّهُم أَعِنِّي على ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ، وحُسنِ عِبَادتِك» [٤]. حديث صحيحٌ، رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح.
٣٩٠
- عن أَنسٍ - رضي اللَّه عنه - أَنَّ رَجُلًا كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ، فَمَرَّ بِهِ، فَقال: يا رسول اللَّهِ إِنِّي
لأُحِبُّ هَذا، فقال له النبيُّ ﷺ: «أَأَعْلمتَهُ؟» قَالَ: لا قَالَ: «أَعْلِمْهُ» فَلَحِقَهُ، فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّكَ
في اللَّه، فقالَ: أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْببْتَنِي لَهُ [٥]. رواه أبو داود
بإِسنادٍ صحيح.
الـشـرح
هذه
الأحاديث كلها في بيان المحبة وأن الإنسان ينبغي له أن يكون حبه لله وفي الله، وفي
الحديث الذي ذكره المؤلف - رحمه الله - حيث قال النبي ﷺ:
«والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا
تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أدلكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم».
ففي
هذا دليل: على أن المحبة من كمال الإيمان، وأنه لا يكمل إيمان العبد حتى يحب أخاه،
وأن من أسباب المحبة أن يفشي الإنسان السلام بين إخوانه، أي: يظهره ويعلنه، ويسلم
على من لقيه من المؤمنين، سواء عرفه أو لم يعرفه، فإن هذا من أسباب المحبة، ولذلك
إذا مر بك رجل وسلم عليك أحببته، وإذا أعرض؛ كرهته ولو كان أقرب الناس إليك.
فالذي
يجب على الإنسان أن يسعى لكل سبب يوجب المودة والمحبة بين المسلمين؛ وليس من
المعقول ولا من العادة أن يتعاون الإنسان مع شخص لا يحبه، ولا يمكن التعاون على
الخير والتعاون على البر والتقوى إلا بالمحبة، ولهذا كانت المحبة في الله من كمال
الإيمان.
وفي حديث معاذ - رضي الله عنه - إخبار النبي ﷺ أنه يحبه، وقوله لأنس لما قال له: إني أحب هذا الرجل. قال له «أأعلمته» فدل هذا على أنه منه السنة إذا أحببت شخصًا أن تقول: إني أحبك، وذلك لما في هذه الكلمة من إلقاء المحبة في قلبه؛ لأن الإنسان إذا علم أنك تحبه أحبك مع أن القلوب لها تعارف وتآلف وإن لم تنطق الألسن.
وفي حديث معاذ - رضي الله عنه - إخبار النبي ﷺ أنه يحبه، وقوله لأنس لما قال له: إني أحب هذا الرجل. قال له «أأعلمته» فدل هذا على أنه منه السنة إذا أحببت شخصًا أن تقول: إني أحبك، وذلك لما في هذه الكلمة من إلقاء المحبة في قلبه؛ لأن الإنسان إذا علم أنك تحبه أحبك مع أن القلوب لها تعارف وتآلف وإن لم تنطق الألسن.
وكما
قال النبي - عليه الصلاة والسلام -: «الأرواح جنود
مجندة ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف [٦]»، لكن إذا قال
الإنسان بلسانه: فإن هذا يزيده محبة في القلب فتقول: إني أحبك في الله.
وفي
قوله - عليه الصلاة والسلام -: «لا تدعن أن تقول في
دبر كل صلاة» يعني: في آخر كل صلاة؛ لأن دبر الشيء من الشيء كدبر الحيوان،
وقد ورد هذا الحديث بلفظ واضح يدل على أن الإنسان يقولها قبل أن يسلم فيقول قبل
السلام: «اللهم أعني على ذكرك وعلى شكرك وعلى حسن
عبادتك».
الحمد لله رب العالمين
[١]
رواه مسلم، كتاب البر والصلة، باب في الحب في الله، رقم: (٢٥٦٧).[٢] رواه مالك في الموطأ (٢/٥٩٣).
[٣] رواه أبو داود، كتاب الأدب إخبار الرجل بمحبته إياه، رقم: (٥١٢٤) والترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء في إعلام الحب رقم: ( ٢٣٩٢ ).
[٤] رواه أبو داود، كتاب الصلاة، باب في الانتظار، رقم: (١٥٢٢) والنسائي، كتاب السهو، باب نوع آخر من الدعاء، رقم: (١٣٠٣).
[٥] رواه أبو داود، كتاب الأدب، باب إخبار الرجل الرجل بمحبته إياه، رقم: (٥١٢٥).
[٦] رواه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب خلق آدم صلوات الله عليه، رقم: ٣٣٣٦) ومسلم، كتاب البر والصلة، باب الأرواح جنود مجندة، رقم: (٢٦٣٨).
[٣] رواه أبو داود، كتاب الأدب إخبار الرجل بمحبته إياه، رقم: (٥١٢٤) والترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء في إعلام الحب رقم: ( ٢٣٩٢ ).
[٤] رواه أبو داود، كتاب الصلاة، باب في الانتظار، رقم: (١٥٢٢) والنسائي، كتاب السهو، باب نوع آخر من الدعاء، رقم: (١٣٠٣).
[٥] رواه أبو داود، كتاب الأدب، باب إخبار الرجل الرجل بمحبته إياه، رقم: (٥١٢٥).
[٦] رواه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب خلق آدم صلوات الله عليه، رقم: ٣٣٣٦) ومسلم، كتاب البر والصلة، باب الأرواح جنود مجندة، رقم: (٢٦٣٨).
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ
جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
شرح الحديث النبوي الشريف (يا معاذ والله إني لأحبك) من رياض الصالحين
Reviewed by احمد خليل
on
12:14:00 ص
Rating:
ليست هناك تعليقات: