شرح حديث / الوالد أوسط أبواب الجنة
شرح
حديث / الوالد أوسط أبواب الجنة
أحاديث
رياض الصالحين: باب بر الوالدين وصلة الأرحام
٣٣٦ - وعن أَبي أَيُّوب خالدِ بن زيدٍ الأنصاري - رضي اللَّه عنه -
أَن رجلاً قَالَ: يَا رسولَ اللَّه أَخْبِرْني بِعملٍ يُدْخِلُني الجنَّةَ،
وَيُبَاعِدني مِنَ النَّار ِفقال النبيُّ ﷺ: «تعبُدُ اللَّه،
وَلاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ، وتُؤتي الزَّكاةَ، وتَصِلُ
الرَّحِم» متفقٌ عَلَيهِ [١].
٣٣٧
- وعن سلْمان بن عامرٍ - رضي اللَّه عنه - عن النبيِّ ﷺ
قَالَ: «إِذا أَفْطَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى
تَمرٍ، فَإِنَّهُ بركَةٌ، فَإِنْ لَمْ يجِد تَمْراً، فَالماءُ، فَإِنَّهُ طُهُورٌ»
وَقالَ: «الصَّدقَةُ عَلَى المِسكِينِ صدقَةٌ، وعَلَى
ذِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ: صَدَقَةٌ وصِلَةٌ» رواه الترمذي وَقالَ: حديث حسن
[٢].
٣٣٨
- وعن ابن عمر - رضي اللَّه عنهما - قَالَ: كَانَتْ تَحتي امْرأَةٌ، وكُنْتُ
أُحِبُّها، وَكَانَ عُمرُ يكْرهُهَا، فَقَالَ لي: طَلِّقْها فأبيْتُ، فَأَتَى
عَمرُ - رضي اللَّه عنه - النبيَّ ﷺ، فَذَكر
ذلكَ لَهُ، فَقَالَ النبيُّ ﷺ: «طَلِّقْهَا» رواه أَبو داود، والترمذي وقال: حديث
حسن صحيح [٣].
٣٣٩
- وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - أَن رَجُلاً أَتَاهُ فقال: إِنَّ لي امْرَأَةً
وإِن أُمِّي تَأْمُرُني بِطَلاَقِها؟ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ يقولُ: «الْوالِدُ
أَوْسطُ أَبْوابِ الجَنَّةِ، فَإِنْ شِئْتَ فَأَضِعْ ذلِك الْبابَ، أَوِ احفظْهُ»
رواه الترمذي وَقالَ: حديثٌ حسنٌ صحيح [٤].
٣٤٠
- وعن البراءِ بن عازبٍ - رضي اللَّه عنهما - عن النَّبيّ ﷺ قَالَ: «الخَالَةُ بِمَنْزِلَة
الأُمِّ» رواه الترمذي وَقالَ: حديثٌ حسن صحيح [٥].
وفي
الباب أَحاديث كِثيرة في الصحيح مشهورة، مِنْهَا حديث أَصحابِ الغارِ، وحديث
جُرَيْجٍ وقَدْ سَبَقَا، وأَحاديث مشهورة في الصحيح حَذَفْتُهَا اخْتِصاراً،
وَمِنْ أَهَمِّهَا حديثُ عمْرو بن عَبسَةَ - رضي اللَّه عنه - الطَّوِيلُ
المُشْتَمِلُ عَلَى جُمَلٍ كَثيرةٍ مِنْ قَوَاعِدِ الإِسْلامِ وآدابِهِ
وَسَأَذْكُرُهُ بِتَمَامِهِ إِن شَاءَ اللَّه تَعَالَى في بابِ الرَّجَاءِ، قَالَ
فِيهِ.
دَخَلْتُ
عَلى النبيِّ ﷺ بِمَكَّةَ، يَعْني في أَوَّل
النُبُوَّةِ، فقلتُ له: ما أَنتَ؟ قال: «نَبيٌّ»
فقلتُ: ومانبيٌّ؟ قَالَ: «أَرسلَني اللَّهُ تَعَالَى»
فقلتُ: بِأَيِّ شَيءٍ أَرْسلَك؟ قَالَ: «أَرْسلَني
بِصِلةِ الأَرْحامِ، وكَسْرِ الأوثَانِ، وأَنْ يُوحَّدَ اللَّه لاَ يُشرَكُ بِهِ
شَيءٌ» وذكر تَمامَ الحديث. واللَّه أعلم [٦].
الـشـرح
هذه
الأحاديث في بيان صلة الرحم وبر الوالدين.
منها
حديث خالد بن زيد الأنصاري، أنه سأل النبي ﷺ
عن عمل يدخله الجنة ويباعده من النار، فقال له: «تعبد
الله لا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم».
والشاهد
هنا حيث قال: «تصل الرحم»، فجعل النبي ﷺ النبي
صلة الرحم من الأسباب التي تدخل الإنسان الجنة وتباعده عن النار.
ولا
شك أن كل إنسان يسعى إلى هذا الكسب العظيم؛ أن ينجو من النار ويدخل الجنة، فإن من
زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز، وكل مسلم يسعى إلى ذلك، وهذا يحصل بهذه الأمور
الأربعة:
الأول:
تعبد الله لا تشرك به شيئًا؛ لا شركًا أصغر ولا شركًا أكبر.
الثاني:
تقيم الصلاة، وتأتي بها كاملة في أوقاتها مع الجماعة إن كنت رجلا، ودون الجماعة أن
كانت امرأة.
والثالث:
تؤتي الزكاة، بأن تؤدي ما أوجب الله عليك من الزكاة في مالك إلى مستحقه.
والرابع:
تصل الرحم؛ بأن تؤتيهم حقهم بالصلة حسب ما يتعارف الناس، فما أعده الناس صلة فهو
صلة، وما لم يعدوه صلة فليس بصلة، إلا إذا كان الإنسان في مجتمع لا يبالون
بالقرابات، ولا يهتمون بها، فالعبرة بالصلة نفسها المعتبرة شرعًا.
ثم
ذكر حديث سلمان بن عامر الضبي في الإفطار على التمر، فإن لم يجد فعلى ماء، وأن
الصدقة على الفقير صدقة، وعلى ذي القرابة ثنتان: صدقة وصلة.
ولهذا
قال العلماء: إذا اجتمع فقيران أحدهما من قرابتك والثاني من غير قرابتك، فالذي من
قرابتك أولى؛ لأنه أحق بالصلة.
ثم
ذكر حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أنه كان له امرأة يحبها، فأمره أبوه
أن يطلقها، لكنه أبى ذلك؛ لأنه يحبها، فذكر عمر ذلك للنبي ﷺ، فأمر ابن عمر بطلاقها.
وكذلك
الحديث الآخر في امرأة كانت تأمر ابنها بطلاق زوجته فبين النبي ﷺ أن صلة الرحم أو بر الوالدين سبب لدخول الجنة، وهو
إشارة إلى أنه إذا بر والدته بطلاق زوجته كان ذلك سببًا لدخول الجنة.
ولكن
ليس كل والد يأمر ابنه بطلاق زوجته تجب طاعته؛ فإن رجلًا سأل الإمام أحمد بن حنبل
- رحمه الله – قال: إن أبي يقول: طلق امرأتك، وأنا أحبها، قال: لا تطلقها، قال:
أليس النبي ﷺ قد أمر ابن عمر أن يطلق زوجته
لما أمره عمر، فقال له الإمام أحمد: وهل أبوك عمر؟ لأن عمر نعلم علم اليقين أنه لن
يأمر عبد الله بطلاق زوجته إلا لسبب شرعي، وقد يكون ابن عمر لم يعلمه؛ لأنه من
المستحيل أن عمر يأمر ابنه بطلاق زوجته ليفرق بينه وبين زوجته دون سبب شرعي. فهذا
بعيد.
وعلى
هذا فإذا أمرك أبوك أو أمك بأن تطلق امرأتك، وأنت تحبها ولم تجد عليها مأخذًا
شرعيًا، فلا تطلقها؛ لأن هذه من الحاجات الخاصة التي لا يتدخل أحد فيها بين
الإنسان وبين زوجته.
الحمد لله رب العالمين
[١] رواه البخاري، كتاب الزكاة، باب وجوب الزكاة، رقم: (١٣٩٦)،
ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان الذي يدخل به الجنة. رقم: (١٣).
[٢] رواه الترمذي، كتاب الزكاة، باب ما جاء في الصدقة على ذي
القرابة، رقم: (٦٥٨)، وأبو داود، كتاب الصوم، باب ما يفطر عليه، رقم: (٢٣٥٥)، وابن
ماجه، باب ما جاء على يستحب الفطر، رقم: (١٦٩٩).
[٣]
رواه الترمذي، كتاب الطلاق، باب ما جاء في الرجل يسأله أبوه أن يطلق زوجته، رقم: (١١٨٩)،
وأبو داود، كتاب الأدب، باب في بر الوالدين، رقم: (٥١٣٨).
[٤]
رواه الترمذي، كتاب البر والصلة، باب ما جاء في عقوق الوالدين، رقم: (١٩٠١).
[٥]
رواه الترمذي، كتاب البر والصلة، باب ما جاء في دعوة الوالدين، رقم: (١٩٠٥).
[٦]
رواه مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب إسلام عمرو بن عبسة، رقم: (٨٣٢).
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ
جَنّات النَعيمْ
تقبل
الله منا ومنكم صالح الأعمال
شرح حديث / الوالد أوسط أبواب الجنة
Reviewed by احمد خليل
on
2:33:00 ص
Rating:
ليست هناك تعليقات: