Top Ad unit 728 × 90

أخبار المدونة

احاديث نبوية شريفة

شرح حديث/ اعبدوا الله وحده

باب بر الوالدين وصلة الأرحام

شرح العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

شرح - حديث - اعبدوا - الله - وحده

شرح حديث/ اعبدوا الله وحده


أحاديث رياض الصالحين: باب بر الوالدين وصلة الأرحام

 

٣٣٢ - وعن أَبي سُفْيان صَخْر بنِ حربٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- في حدِيثِهِ الطَّويل في قصَّةِ هِرقل: أَنَّ هِرقْلَ قَالَ لأَبي سُفْيان: فَماذَا يأْمُرُكُمْ بِهِ؟ يَعْني: النَّبِيَّ ، قَالَ: قُلْتُ: يقولُ: «اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ، وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، واتْرُكُوا مَا يقُولُ آباؤُكمْ، ويَأْمُرُنَا بالصَّلاةِ، والصِّدْقِ، والعفَافِ، والصِّلَةِ» متفقٌ عَلَيهِ.

٣٣٣ - وعن أَبي ذرٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه : «إِنَّكُم ستَفْتَحُونَ أَرْضًا يُذْكَرُ فِيهَا القِيرَاطُ».

وفي روايةٍ: «ستَفْتحُونَ مِصْر، وهِي أَرْضٌ يُسَمَّى فِيها القِيراطُ، فَاستَوْصُوا بِأَهْلِها خيْرًا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً ورَحِمًا».

وفي روايةٍ: «فإِذا افْتتَحْتُموها فَأَحْسِنُوا إِلى أَهْلِهَا، فَإِنَّ لهُم ذِمَّةً ورَحِمًا، أَو قَالَ: ذِمَّةً وصِهْرًا» رواه مسلم.

قال العلماء: الرحم التي لهم كون هاجر أم إسماعيل منهم. «والصهر»: كون مارية أم إبراهيم ابن رسول الله منهم.

٣٣٤ - وعن أبي هريرةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: لما نزلَتْ هذِهِ الآيَةُ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: ٢١٤] دعا رسولُ اللَّه قُرَيْشًا فاجْتَمَعُوا، فَعَمَّ وخَصَّ، وَقالَ: «يَا بَني عبدِ شَمسٍ، يا بَنِي كَعْب بنِ لُؤَي، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَنِي مُرَّةَ بنِ كَعْبٍ، أَنْقِذُوا أَنفُسَكُمْ مِن النَّار، يَا بَنِي عبْدِ مَنَافٍ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بَني هاشِمٍ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يَا بني عبْدِ المُطَّلِبِ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِن النَّارِ، يَا فاطِمَة، أَنْقِذِي نفْسَك منَ النَّار، فَإِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ منَ اللَّه شيْئًا، غَيْر أَنَّ لَكُمْ رَحِمًا سأَبُلُّهَا بِبِلالِها» رواه مسلم.

قوله : «ببلالها» هو بفتح الباء الثانية وكسرها، «والبلال»: الماء. ومعنى الحديث: سأصلها، شبة قطيعتها بالحرارة تطفأ بالماء وهذه تبرد بالصلة.


الشيخ:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.

أما بعد:

فهذه الأحاديث كالتي قبلها في الحثِّ على صلة الرحم، وتقدم في ذلك قوله جل وعلا: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد: ٢٢-٢٣]، فالواجب على كل مؤمنٍ ومؤمنةٍ العناية بهذا الأمر.


ثم في ذلك أيضًا تأليف القلوب، والتعاون على الخير، فصلة الرحم يترتب عليها خيرٌ كثيرٌ: من التقارب والتعاون على الخير، والتَّحابّ في الله، ولهذا أرشد إليها النبيُّ وحثَّ عليها، كما دلَّ على ذلك كتاب الله العظيم.


فالواجب على المسلم أن يعتني بهذا الأمر، ولا يتساهل في هذا الأمر، يرجو ثواب الله، ويخشى عقابه سبحانه وتعالى، والرسول بلَّغ وأنذر وحذَّر من القطيعة، ودعا إلى صلة الرحم التي فيها الخير الكثير للمسلمين، فالواجب على المسلمين أن يعتنوا بها، وأن يحذروا قطيعتها، ومن هذا أنه أنذر عشيرته لما قال الله له: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: ٢١٤]، فصعد الصفا ونادى: يا معشر قريش، اشتروا أنفسَكم من النار، يا بني عبد مناف، اشتروا أنفسَكم من النار، يا بني قُصي بن كلاب، اشتروا أنفسَكم من النار، حتى خصَّ: يا بني هاشم، يا بني عبد المطلب، حتى قال: يا فاطمة، اشتري نفسَك من النار، فإنِّي لا أملك لكم من الله شيئًا، غير أنَّ لكم رَحِمًا سأبُلها ببلالها يعني: سأصلها بصلتها.
فهذا كله يدل على أنَّ الأمر عظيم، وأن الواجب على المسلمين العناية بالرحم.

 

وهكذا وصايته بأهل مصر؛ لأنَّ لهم رَحِمًا وذِمَّةً، فهاجر أم إسماعيل منهم، ومارية المصرية أم إبراهيم ابن النبي ، فهذا يدل على أنه ينبغي العناية بالأرحام والأقارب والحرص على صلة الرحم.


وكذلك حديث أبي سفيان لما كان في الشام وسأله هرقل عمَّا يأمرهم به النبيُّ ، وكان قبل أن يُسْلِم، فقال: إنه يأمرنا أن نعبد الله وحده، يقول: اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة، والصدق، والعفاف، والصِّلة، فقال هرقلُ لمَّا قال له هذا الكلام: هذا أمر النبوة، هذا لا يأمر به إلا نبيٌّ، لو قدرت لتَجَشَّمْتُ المشقةَ للوصول إليه، ولغسَلْتُ عن قدميه.


فالمقصود أنه كان في أول دعوته مثلما تقدَّم، قال: غير أنَّ لكم رَحِمًا سأبلها ببلالها، فهكذا قول أبي سفيان، مع كونه في ذلك الوقت كافرًا على دين قومه قبل أن يُسْلِم، فأخبر أنه يأمرهم بعبادة الله وحده، قال: "يأمرنا أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئًا، وأن ندع ما يقول آباؤنا" من التَّعلُّق على غير الله، والتعلق على الأموات والأصنام والأشجار والأحجار، "ويأمرنا بالصلاة" بعدما فرض الله الصلاة، "والصدق، والعفاف" عن المحارم وعن الزنا، "والصِّلة" صلة الرحم، فهذه من دلائل النبوة، ما يأمر به ويدعو إليه من الدلائل العظيمة على أنه رسول الله حقًّا عليه الصلاة والسلام.


ومن هذا قول خديجة -رضي الله عنها- لما جاءها النبيُّ فزعًا حين جاءه جبرائيلُ في الغار وحصل ما حصل، جاءها يرجف فؤاده من شدَّة ما أصابه عند الوحي، لما غطَّه جبرائيلُ ثلاث غطَّات، قالت: "كلا والله لا يخزيك الله، إنَّك لتصل الرحم، وتَقْرِي الضيف، وتحمل الكَلَّ، وتصدق الحديثَ، وتُعِين على نوائب الحقِّ"، اللَّهم صلِّ عليه، فهذه الخصال العظيمة كانت فيه قبل أن يُوحَى إليه عليه الصلاة والسلام، ومنها صلة الرحم. وفَّق الله الجميع.


الحمد لله رب العالمين

اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

شرح حديث/ اعبدوا الله وحده Reviewed by احمد خليل on 8:37:00 م Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.