شرح حديث/ يا غلام إني أُعلمك كلمات احفظ الله يحفظك
أحاديث
رياض الصالحين: باب المراقبة
٦٣ - وعن ابنِ
عبَّاسٍ -رضيَ اللَّه عنهمَا- قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ ﷺ يوْمًا فَقال: «يَا غُلامُ إِنِّي أُعلِّمكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللَّهَ
يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَل اللَّه،
وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، واعلَمْ: أَنَّ الأُمَّةَ لَو
اجتَمعتْ عَلَى أَنْ ينْفعُوكَ بِشيْءٍ، لَمْ يَنْفعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَد
كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوك بِشَيْءٍ، لَمْ
يَضُرُّوكَ إِلاَّ بَشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّه عليكَ، رُفِعَتِ الأقْلامُ،
وجَفَّتِ الصُّحُفُ».
رواهُ
التِّرمذيُّ وقَالَ: حديثٌ حسنٌ صَحيحٌ.
وفي
رواية غيرِ التِّرْمِذيِّ: «احفظَ اللَّهَ تَجِدْهُ
أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَى اللَّهِ في الرَّخَاءِ يعرِفْكَ في الشِّدةِ، واعْلَمْ
أَنّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصيبَك، وَمَا أَصَابَكَ لمْ يَكُن
لِيُخْطِئَكَ واعْلَمْ أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ
الْكَرْب، وأَنَّ مَعَ الْعُسرِ يُسْرًا».
الشيخ:
بسم
الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصل الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه
ومن اهتدى بهداه.
أما
بعد:
يقول
النبي ﷺ
لعبد الله بن عباس رضي الله عنهما: «احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك» يعني:
أمامك، «إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله» ابن عمه عبد الله من أفقه
الناس، ومن أشد الناس ذكاء وفطنة وقد دعا له النبي ﷺ فقال: «اللهم فقهه في
الدين، اللهم علمه الكتاب» فقد وفق ورزقه الله علمًا عظيمًا، وأوصاه النبي ﷺ بأن يتقي الله حيثما
كان، هذا من أسباب تحصيل العلم ومن أسباب الفقه في الدين أن يتقي الله: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ
تَقْواهُمْ} [محمد: ١٧]،
{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}
[الطلاق: ٢].
«احفظ
الله» يعني: بطاعته واتباع شرعه يحفظك مما تكره «احفظ الله يحفظك» المؤمن يلاحظ
هذا الأمر العظيم وهو حفظ الله بفعل الأوامر وترك النواهي والوقوف عند الحدود، «احفظ
الله تجده تجاهك» يعني: أمامك، تجده موفقًا لك قائدًا لك إلى الخير، يسوقك إلى
الخير، ويشجعك عليه بسبب أعمالك الطيبة بسبب اجتهادك بسبب استحضارك عظمة الله
فالله أعجل إليك بالخير: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ
يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: ٢]، {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا}
[الأنفال: ٢٩].
«رفعت
الأقلام وجفت الصحف» يعني: مضى القدر بعلم الله أنت عليك الأسباب والقدر ماض.
وفي
اللفظ الآخر: «احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة،
واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرًا» كل هذه الأمور
العبد بالله وتجعله في مأمن وغاية من الراحة عند تنفيذ هذه الأوامر، والإنسان يصبر
ولا يعجل في الأمور والله يصونه بعد ذلك؛ ولذلك مع العسر يسرًا وإذا اتقى الله فهو
أمامه في كل خير يقوده إلى كل خير ويعينه على كل خير وإذا اشتدت الكروب فرج الله {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ
يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: ٢]،
{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ
يُسْرًا} [الطلاق: ٤]،
{سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا}
[الطلاق: ٧].
فهذه
الوصايا لابن عباس وصية له ولغيره من الأمة، وصايا النبي ﷺ لواحد من الصحابة وصية
للأمة جميعها. وفق الله الجميع.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
ماشاء الله تبارك الله
ردحذف