شرح حديث/ اتق الله حيثما كنت
شرح
حديث/ اتق الله حيثما كنت
أحاديث رياض الصالحين: باب المراقبة.
٦٢
-
عن
أبي ذَرٍّ جُنْدُبِ بْنِ جُنَادةَ، وأبي عبْدِ الرَّحْمنِ مُعاذِ بْنِ جبلٍ -رضيَ
اللَّه عنهما- عنْ رسولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: «اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ
الْحسنةَ تَمْحُهَا، وخَالقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ» رواهُ التِّرْمذيُّ
وقال: حديثٌ حسنٌ.
الشرح:
هذا
الحديث من أحاديث الأربعين النووية للمؤلف -رحمه الله- وفيه أن النبي ﷺ أوصى بثلاث وصايا
عظيمة.
الوصية
الأولى قال: «اتَّقِ الله حيثما كنت» وتقوى الله هي: اجتناب المحارم وفعل الأوامر،
هذه هي التقوى! أن تفعل ما أمرك الله به إخلاصا لله، واتِّباعا لرسول الله ﷺ وأن تترك ما نهى الله
عنه امتثالا لنهي الله -عز وجل- وتنزُّها عن محارم الله، فتقوم بما أوجب الله عليك
في أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين وهي الصلاة، فتأتي بها كاملة بشروطها
وأركانها وواجباتها وتكملها بالمكملات، فمن أخلَّ بشيء من شروط الصلاة أو واجباتها
أو أركانها فإنه لم يتَّقِ الله، بل نَقَصَ من تقواه بقدر ما ترك ما أمر الله به
في صلاته، وفي الزكاة تقوى الله فيها: أن تُحصي جميع أموالك التي فيها الزكاة
وتُخرج زكاتك طيبة بها نفسك من غير بُخلٍ ولا تقتيرٍ ولا تأخير، فمن لم يفعل فإنه
لم يتَّقِ الله. وفي الصيام تأتي بالصوم كما أُمرت، مجتنبا فيه اللغو والرفث
والصَّخب والغيبة والنميمة، وغير ذلك مما ينقص الصوم ويُزيلُ روح الصوم ومعناه
الحقيقي، وهو الصوم عما حرَّمَ الله عز وجل، وهكذا بقية الواجبات تقوم بها طاعةً
لله، وامتثالا لأمره، وإخلاصا له، واتباعا لرسوله، وكذلك في المنهيّات تترك ما نهى
الله عنه، امتثالا لنهي الله -عز وجل- حيث نهاك فانتهِ.
الوصية
الثانية: «أتبعِ السيئةَ الحسَنةَ تمحُها» أي: إذا عملت سيئة فأتبعها بحسنة، فإن
الحسنات يُذهِبْنَ السيئات، ومن الحسنات بعد السيئات أن تتوب إلى الله من السيئات
فإن التوبة من أفضل الحسنات، كما قال الله عز وجل: {إِنَّ
اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: ٢٢٢]، وقال الله
تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا
الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: ٣١]، وكذلك
الأعمال الصالحة تكَفِّر السيئات، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان،
مكفِّرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر». وقال: «العمرة
إلى العمرة كفارةٌ لما بينهما» فالحسنات يُذْهِبْنَ السيئات.
الوصية
الثالثة: «خالقِ الناسَ بخُلقٍ حَسَن» الوصيتان الأوليتان في معاملة الخالق،
والثالثة في معاملة الخلق، أن تعاملهم بخلق حسن تُحمَدُ عليه ولا تُذَمُّ فيه،
وذلك بطلاقة الوجه، وصدق القول، وحسن المخاطبة، وغير ذلك من الأخلاق الحسنة. وقد
جاءت النصوص الكثيرة في فضل الخلق الحسن، حتى قال النبي عليه الصلاة والسلام: «أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلُقًا»، وأخبر أن
أَوْلَى الناس به ﷺ
وأقربهم منه منزلةً يوم القيامة أحاسنهم أخلاقا. فالأخلاق الحسنة مع كونها
مَسْلكًا حسنا في المجتمع ويكون صاحبها محبوبا إلى الناس فيها أجر عظيم يناله
الإنسان يوم القيامة.
فاحفظ
هذه الوصايا الثلاث من النبي ﷺ
اتَّقِ الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحُها، وخالقِ الناسَ بخُلقٍ حسن.
والله الموفِّق.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
ليست هناك تعليقات: