فتح الباري شرح صحيح البخاري
ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
فتح الباري شرح صحيح البخاري: كِتَابُ الزَّكَاةِ: بَابُ إِنْفَاقِ المَالِ فِي حَقِّهِ.
١٤٠٩- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسٌ،
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «لاَ حَسَدَ
إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٍ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَسَلَّطَهُ عَلَى
هَلَكَتِهِ فِي الحَقِّ، وَرَجُلٍ آتَاهُ اللَّهُ حِكْمَةً، فَهُوَ يَقْضِي بِهَا
وَيُعَلِّمُهَا».
الشرح:
(باب إنفاق المال في حقه)، وأورد فيه
الحديث الدال على الترغيب في ذلك، وهو من أدل دليل على أن أحاديث الوعيد محمولة
على من لا يؤدي الزكاة، وأما حديث: ما أحب أن لي أُحدا ذهبا. فمحمول
على الأولوية؛ لأن جمع المال وإن كان مباحا لكن الجامع مسئول عنه، وفي المحاسبة
خطر وإن كان الترك أسلم، وما ورد من الترغيب في تحصيله وإنفاقه في حقه فمحمول
على من وثق بأنه يجمعه من الحلال الذي يأمن خطر المحاسبة عليه، فإنه إذا أنفقه حصل
له ثواب ذلك النفع المتعدي، ولا يتأتى ذلك لمن لم يحصل شيئا كما تقدم شاهده في حديث:
"ذهب أهل الدثور بالأجور". والله أعلم. وقد تقدم
الكلام على حديث الباب مستوفى في أوائل كتاب العلم، قال الزين بن المنير: في
هذا الحديث حجة على جواز إنفاق جميع المال وبذله في الصحة والخروج عنه
بالكلية في وجوه البر، ما لم يؤد إلى حرمان الوارث ونحو ذلك مما منع منه الشرع.
الْحمْد لِلَّه ربِّ الْعالمين
اللَّهمَّ اِرْحم مَوْتَانا مِن المسْلمين واجْمعْنَا
بِهم فِي جَنَّات النَّعِيم
تَقبَل اَللَّه مِنَّا ومنْكم صَالِح الأعْمال