باب الميت يسمع خفق النعال

باب الميت يسمع خفق النعال
المؤلف احمد خليل
تاريخ النشر
آخر تحديث

 فتح الباري شرح صحيح البخاري

ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

باب – الميت – يسمع – خفق - النعال
باب الميت يسمع خفق النعال

فتح الباري شرح صحيح البخاري: كِتَابُ الجَنَائِزِ: بَابٌ: المَيِّتُ يَسْمَعُ خَفْقَ النِّعَالِ.

١٣٣٨- حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «العَبْدُ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَتُوُلِّيَ وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، أَتَاهُ مَلَكَانِ، فَأَقْعَدَاهُ، فَيَقُولاَنِ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، فَيُقَالُ: انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ، أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنَ الجَنَّةِ»، قَالَ النَّبِيُّ : «فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا. وَأَمَّا الكَافِرُ -أَوِ المُنَافِقُ- فَيَقُولُ: لاَ أَدْرِي، كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ، فَيُقَالُ: لاَ دَرَيْتَ وَلاَ تَلَيْتَ، ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ».

 

الشرح:

قوله: (باب الميت يسمع خفق النعال) قال الزين بن المنير: جرد المصنف ما ضمنه هذه الترجمة ليجعله أول آداب الدفن من إلزام الوقار واجتناب اللغط، وقرع الأرض بشدة الوطء عليها كما يلزم ذلك مع الحي النائم، وكأنه اقتطع ما هو من سماع الآدميين من سماع ما هو من الملائكة، وترجم بالخفق، ولفظ المتن بالقرع إشارة إلى ما ورد في بعض طرقه بلفظ الخفق، وهو ما رواه أحمد، وأبو داود من حديث البراء بن عازب في أثناء حديث طويل فيه: "وأنه ليسمع خفق نعالهم". وروى إسماعيل بن عبد الرحمن السدي عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي : "أن الميت ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا مدبرين". أخرجه البزار، وابن حبان في صحيحه هكذا مختصرا. وأخرج ابن حبان أيضا من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: "أن النبي ... " نحوه في حديث طويل، واستدل به على جواز المشي بين القبور بالنعال، ولا دلالة فيه. قال ابن الجوزي: ليس في الحديث سوى الحكاية عمن يدخل المقابر، وذلك لا يقتضي إباحة ولا تحريما. انتهى. وإنما استدل به من استدل على الإباحة أخذا من كونه قاله وأقره، فلو كان مكروها لبينه، لكن يعكر عليه احتمال أن يكون المراد سماعه إياها بعد أن يجاوز المقبرة، ويدل على الكراهة حديث بشير بن الخصاصية: أن النبي رأى رجلا يمشي بين القبور وعليه نعلان سبتيتان، فقال: يا صاحب السبتيتين ألق نعليكأخرجه أبو داود، والنسائي، وصححه الحاكم. وأغرب ابن حزم فقال: يحرم المشي بين القبور بالنعال السبتية دون غيرها، وهو جمود شديد. وأما قول الخطابي يشبه أن يكون النهي عنهما لما فيهما من الخيلاء، فإنه متعقب بأن ابن عمر كان يلبس النعال السبتية ويقول: "إن النبي كان يلبسها". وهو حديث صحيح كما سيأتي في موضعه. وقال الطحاوي: يحمل نهي الرجل المذكور على أنه كان في نعليه قذر، فقد كان النبي يصلي في نعليه ما لم ير فيهما أذى.


قوله: (حدثنا عياش) هو ابن الوليد الرقام، كما جزم به أبو نعيم في "المستخرج"، وهو بتحتانية ومعجمة. وعبد الأعلى هو ابن عبد الأعلى. وساق حديثه مقرونا برواية خليفة، عن يزيد بن زريع على لفظ خليفة، وسيأتي مفردا في عذاب القبر عن عياش بن الوليد بلفظه وما فيه من زيادة، ويأتي الكلام عليه مستوفى هناك إن شاء الله.

وقوله هنا: "إذا وضع في قبره وتولى وذهب أصحابه". كذا ثبت في جميع الروايات، فقال ابن التين: إنه كرر اللفظ، والمعنى واحد، ورأيته أنا مضبوطا بخط معتمد: "وتولي" بضم أوله وكسر اللام على البناء للمجهول، أي: تولي أمره، أي: الميت، وسيأتي في رواية عياش بلفظ: "وتولى عنه أصحابه". وهو الموجود في جميع الروايات عند مسلم وغيره.


الْحمْد لِلَّه ربِّ الْعالمين

اللَّهمَّ اِرْحم مَوْتَانا مِن المسْلمين واجْمعْنَا بِهم فِي جَنَّات النَّعِيم

تَقبَل اَللَّه مِنَّا ومنْكم صَالِح الأعْمال

تعليقات

عدد التعليقات : 0