باب
الحث على الازدياد من الخير في أواخر العمر
١١٨- عن جابر رضي الله عنه، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: «يُبْعثُ كُلُّ عبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ علَيْهِ» [١] رواه
مسلم.
الشيخ:
هذان الحديث كالأحاديث السابقة فيهما
الحث على اكتساب الخيرات والمسارعة إلى الطاعات، والجد في العمل الصالح كلما تقدم
في السن، وكلما زاد العمر حتى يموت على خير حال، وعلى أحسن حال كما قال الله جَلَّ
وَعَلَا: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ
وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ
أَفْوَاجًا (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ
كَانَ تَوَّابًا} [النصر: ١-٣]، وقال جَلَّ وَعَلَا: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ
تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} [فاطر: ٣٧]، فالإنسان عمر وأقيمت
عليه الحجة ليجتهد في طاعة الله، ليعمل بشرع الله، ليجتهد في أسباب النجاة، وليحذر
أسباب الهلاك، وكلما زاد العمر وزادت الحسنات والأعمال الصالحات صار خيرا له وأرفع
لدرجته في دار الكرامة، ولما كان في آخر حياته النبي ﷺ
تتابع الوحي عليه ليبلغ رسالات الله، وليختم الله له بأحسن الأعمال، فبلغ الرسالة
وأدى الأمانة عليه الصلاة والسلام، وجاهد في الله حق جهاده عليه الصلاة والسلام،
حتى كمل رسالة ربه، ونصح لعباد الله، وأقام عليهم الحجة، ولقي ربه قد بلغ البلاغ
المبين عليه الصلاة والسلام.
فأنت يا عبد الله عليك أن تجتهد وأن تحرص
لعلك تنجو، لعلك تسلم، لعلك تفوز بدرجات عالية بسبب أعمالك التي ختمت بها حياتك،
والمرء يبعث على ما مات عليه كما قال ﷺ: «يُبْعثُ كُلُّ عبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ علَيْهِ» إن
مات على خير وعمل صالح بعث على ذلك، وإن مات على شر بعث على ذلك، فليحرص المؤمن
على أن يختم حياته بأحسن ما يستطيع، سوف يبعث على ذلك على خير أعماله إن اجتهد في
الصالحات، وعلى شر أعماله إن ختم بها حياته، ولا حول ولا قوة إلا بالله، والله
يقول جَلَّ وَعَلَا: {فَاسْتَبِقُوا
الْخَيْرَاتِ} [البقرة: ١٤٨]، ويقول: {وَسَارِعُوا
إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} [آل
عمران: ١٣٣]، ويقول سبحانه: {سَابِقُوا إِلَى
مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الحديد:
٢١] فربنا عزَّ وجلَّ، ندب عباده وأرشدهم إلى المسابقة والمسارعة
والاستباق إلى الخيرات ما دامت المهملة، ما دام العبد يستطيع المسابقة قد أمتعه
الله بالعقل والبصيرة والقوة فليسارع، رزق الله الجميع التوفيق والهداية.
[١] صحيح مسلم: (٢٨٧٨).
الْحمْد
لِلَّه ربِّ الْعالمين
اللَّهمَّ
اِرْحم مَوْتَانا مِن المسْلمين واجْمعْنَا بِهم فِي جَنَّات النَّعِيم
تَقبَل
اَللَّه مِنَّا ومنْكم صَالِح الأعْمال
