فتح الباري شرح صحيح البخاري
ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
فتح الباري شرح صحيح البخاري: كِتَابُ
الجَنَائِزِ:
بَابُ يُجْعَلُ الكَافُورُ فِي آخِرِهِ.
١٢٥٨- حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ،
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أُمِّ
عَطِيَّةَ، قَالَتْ: تُوُفِّيَتْ إِحْدَى بَنَاتِ النَّبِيِّ ﷺ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ
فَقَالَ: «اغْسِلْنَهَا ثَلاَثًا، أَوْ خَمْسًا أَوْ
أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، إِنْ رَأَيْتُنَّ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي
الآخِرَةِ كَافُورًا -أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ- فَإِذَا فَرَغْتُنَّ،
فَآذِنَّنِي» قَالَتْ: فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَلْقَى إِلَيْنَا
حِقْوَهُ، فَقَالَ: «أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ».
وَعَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا،
بِنَحْوِهِ،
١٢٥٩- وَقَالَتْ: إِنَّهُ قَالَ: «اغْسِلْنَهَا ثَلاَثًا، أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا، أَوْ
أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، إِنْ رَأَيْتُنَّ» قَالَتْ حَفْصَةُ: قَالَتْ أُمُّ
عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: وَجَعَلْنَا رَأْسَهَا ثَلاَثَةَ قُرُونٍ.
الشرح:
قوله: (باب يجعل الكافور في الأخيرة)،
أي: في الغسلة الأخيرة، قال الزين بن المنير: لم يعين حكم ذلك
لاحتمال صيغة: "اجعلن" للوجوب والندب.
قوله: (وعن أيوب) هو
معطوف على الإسناد الأول، وقد تقدم الكلام عليه فيما قبل. واختلف في هيئة
جعله في الغسلة الأخيرة فقيل: يجعل في ماء ويصب عليه في آخر غسلة، وهو ظاهر الحديث.
وقيل: إذا كمل غسله طيب بالكافور قبل التكفين. وقد ورد في
رواية النسائي بلفظ: واجعلن في آخر ذلك كافورا.
(تنبيه): قيل ما مناسبة إدخال هذه الترجمة
وهي متعلقة بالغسل بين ترجمتين متعلقتين بالكفن؟ أجاب الزين بن المنير: بأن
العرف تقديم ما يحتاج إليه الميت قبل الشروع في الغسل أو قبل الفراغ منه ليتيسر غسله.
ومن جملة ذلك الحنوط. انتهى ملخصا. ويحتمل أن يكون أشار بذلك إلى خلاف من قال:
إن الكافور يختص بالحنوط، ولا يجعل في الماء وهو
عن الأوزاعي وبعض الحنفية، أو يجعل في الماء، وهو قول الجمهور كما تقدم قريبا.
ولفظة "الأخيرة" صفة موصوف، فيحتمل أن يكون التقدير الغسلة، وهو الظاهر،
ويحتمل أن يكون الخرقة التي تلي الجسد.
الْحمْد لِلَّه ربِّ الْعالمين
اللَّهمَّ اِرْحم مَوْتَانا مِن المسْلمين
واجْمعْنَا بِهم فِي جَنَّات النَّعِيم
تَقبَل اَللَّه مِنَّا ومنْكم صَالِح الأعْمال