فتح الباري شرح صحيح البخاري
ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
فتح الباري شرح صحيح البخاري: أَبْوَابُ العَمَلِ فِي الصَّلاَةِ: بَابُ رَفْعِ الأَيْدِي فِي الصَّلاَةِ لِأَمْرٍ يَنْزِلُ بِهِ.
١٢١٨- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ العَزِيزِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ، قَالَ: بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ
أَنَّ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِقُبَاءٍ كَانَ بَيْنَهُمْ شَيْءٌ، فَخَرَجَ
يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَحُبِسَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَحَانَتِ الصَّلاَةُ، فَجَاءَ بِلاَلٌ إِلَى
أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ رَسُولَ
اللَّهِ ﷺ قَدْ حُبِسَ، وَقَدْ حَانَتِ
الصَّلاَةُ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَؤُمَّ النَّاسَ؟ قَالَ: نَعَمْ إِنْ شِئْتَ،
فَأَقَامَ بِلاَلٌ الصَّلاَةَ وَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،
فَكَبَّرَ لِلنَّاسِ، وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
يَمْشِي فِي الصُّفُوفِ يَشُقُّهَا شَقًّا، حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ، فَأَخَذَ
النَّاسُ فِي التَّصْفِيحِ -قَالَ سَهْلٌ: التَّصْفِيحُ: هُوَ التَّصْفِيقُ-
قَالَ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لاَ يَلْتَفِتُ فِي
صَلاَتِهِ، فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ التَفَتَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ يَأْمُرُهُ: أَنْ يُصَلِّيَ،
فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَدَهُ فَحَمِدَ اللَّهَ. ثُمَّ
رَجَعَ القَهْقَرَى وَرَاءَهُ حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ، وَتَقَدَّمَ رَسُولُ
اللَّهِ ﷺ، فَصَلَّى لِلنَّاسِ، فَلَمَّا
فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: «يَا
أَيُّهَا النَّاسُ، مَا لَكُمْ حِينَ نَابَكُمْ شَيْءٌ فِي الصَّلاَةِ أَخَذْتُمْ
بِالتَّصْفِيحِ؟ إِنَّمَا التَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ، مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي
صَلاَتِهِ فَلْيَقُلْ: سُبْحَانَ اللَّهِ» ثُمَّ التَفَتَ إِلَى أَبِي
بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: «يَا أَبَا
بَكْرٍ، مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ لِلنَّاسِ حِينَ أَشَرْتُ إِلَيْكَ؟»
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا كَانَ يَنْبَغِي لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ
بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
الشرح:
قوله: (باب رفع الأيدي في الصلاة لأمر
ينزل به) ذكر فيه حديث سهل بن سعد من رواية عبد العزيز،
عن أبي حازم، وعبد العزيز هذا هو ابن أبي حازم.
قوله: (وحانت الصلاة) الواو فيه حالية.
وفي رواية الكشميهني: "وقد حانت الصلاة".
قوله: (إن شئت) في رواية الحموي:
"إن شئتم".
قوله: (من الصف) في رواية الكشميهني:
"في الصف".
قوله: (فرفع أبو بكر يده) في
رواية الكشميهني: "يديه" بالتثنية، وهذا موضع الترجمة. ويؤخذ منه
أن رفع اليدين للدعاء ونحوه في الصلاة لا يبطلها ولو كان في غير موضع الرفع؛ لأنها
هيئة استسلام وخضوع، وقد أقر النبي ﷺ أبا
بكر على ذلك.
قوله: «حيث أشرت عليك» وفي
رواية الكشميهني: "حين أشرت إليك". وقد تقدم الكلام على فوائده كما
أشرت إليه قريبا.
الْحمْد
لِلَّه ربِّ الْعالمين
اللَّهمَّ
اِرْحم مَوْتَانا مِن المسْلمين واجْمعْنَا بِهم فِي جَنَّات النَّعِيم
تَقبَل اَللَّه مِنَّا ومنْكم صَالِح الأعْمال
