Top Ad unit 728 × 90

أخبار المدونة

احاديث نبوية شريفة

باب القنوت قبل الركوع وبعده

فتح الباري شرح صحيح البخاري

ابن حجر العسقلاني - أحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني

باب – القنوت – قبل – الركوع - وبعده

باب القنوت قبل الركوع وبعده

 

فتح الباري شرح صحيح البخاري: أَبْوَابُ الوِتْرِ، بَابُ: القُنُوتِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَهُ.

١٠٠١- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَقَنَتَ النَّبِيُّ فِي الصُّبْحِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقِيلَ لَهُ: أَوَقَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ؟ قَالَ: بَعْدَ الرُّكُوعِ يَسِيرًا.

 

الشرح:

قوله: (باب القنوت قبل الركوع وبعده) القنوت يطلق على معان، والمراد به هنا الدعاء في الصلاة في محل مخصوص من القيام. قال الزين بن المنير: أثبت بهذه الترجمة مشروعية القنوت إشارة إلى الرد على من روى عنه أنه بدعة كابن عمر، وفي الموطأ عنه أنه كان لا يقنت في شيء من الصلوات، ووجه الرد عليه ثبوته من فعل النبي فهو مرتفع عن درجة المباح، قال: ولم يقيده في الترجمة بصبح ولا غيره مع كونه مقيدا في بعض الأحاديث بالصبح، وأوردها في أبواب الوتر أخذا من إطلاق أنس في بعض الأحاديث، كذا قال، ويظهر لي أنه أشار بذلك إلى قوله في الطريق الرابعة "كان القنوت في الفجر والمغرب"؛ لأنه ثبت أن المغرب وتر النهار، فإذا ثبت القنوت فيها ثبت في وتر الليل بجامع ما بينهما من الوترية، مع أنه قد ورد الأمر به صريحا في الوتر، فروى أصحاب السنن من حديث الحسن بن عليّ قال: "علمني رسول الله كلمات أقولهن في قنوت الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت" الحديث. وقد صححه الترمذي وغيره لكن ليس على شرط البخاري.


قوله: (سُئل أنس) في رواية إسماعيل عن أيوب عند مسلم" قلت لأنس" فعرف بذلك أنه أبهم نفسه.


قوله: (فقيل أو قنت) في رواية الكشميهني بغير واو، وللإسماعيلي" هل قنت".


قوله: (قبل الركوع) زاد الإسماعيلي" أو بعد الركوع".


قوله: (بعد الركوع يسيرا) قد بين عاصم في روايته مقدار هذا اليسير حيث قال فيها: "إنما قنت بعد الركوع شهرا"، وفي صحيح ابن خزيمة من وجه آخر عن أنس "أن النبي كان لا يقنت إلا إذا دعا لقوم أو دعا على قوم" وكأنه محمول على ما بعد الركوع. بناء على أن المراد بالحصر في قولهإنما قنت شهرا" أي: متواليا.

 

١٠٠٢- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنِ القُنُوتِ، فَقَالَ: قَدْ كَانَ القُنُوتُ قُلْتُ: قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ؟ قَالَ: قَبْلَهُ، قَالَ: فَإِنَّ فُلاَنًا أَخْبَرَنِي عَنْكَ أَنَّكَ قُلْتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ، فَقَالَ: كَذَبَ إِنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا، أُرَاهُ كَانَ بَعَثَ قَوْمًا يُقَالُ لَهُمْ القُرَّاءُ، زُهَاءَ سَبْعِينَ رَجُلًا، إِلَى قَوْمٍ مِنَ المُشْرِكِينَ دُونَ أُولَئِكَ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ عَهْدٌ، فَقَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ شَهْرًا يَدْعُو عَلَيْهِمْ.

الشرح:

قوله: (حدثنا عبد الواحد) هو ابن زياد، وعاصم هو ابن سليمان الأحول.


قوله: (قد كان القنوت) فيه إثبات مشروعيته في الجملة كما تقدم.


قوله: (قال: فإن فلانا أخبرني عنك أنك قلت بعد الركوع، فقال: كذب) لم أقف على تسمية هذا الرجل صريحا، ويحتمل أن يكون محمد بن سيرين بدليل روايته المتقدمة، فإن مفهوم قوله: "بعد الركوع يسيرا"، يحتمل أن يكون وقبل الركوع كثيرا، ويحتمل أن يكون لا قنوت قبله أصلا، ومعنى قوله "كذب" أي: أخطأ، وهو لغة أهل الحجاز، يطلقون الكذب على ما هو أعم من العمد والخطأ، ويحتمل أن يكون أراد بقوله: "كذب" أي: إن كان حكى أن القنوت دائما بعد الركوع، وهذا يرجح الاحتمال الأول، ويبينه ما أخرجه ابن ماجه من رواية حميد عن أنس أنه سئل عن القنوت فقال: "قبل الركوع وبعده" إسناده قوي، وروى ابن المنذر من طريق أخرى عن حميد عن أنس" أن بعض أصحاب النبي قنتوا في صلاة الفجر قبل الركوع وبعضهم بعد الركوع" وروى محمد بن نصر من طريق أخرى عن حميد عن أنس "أن أول من جعل القنوت قبل الركوع -أي دائما- عثمان، لكي يدرك الناس الركعة" وقد وافق عاصما على روايته هذه عبد العزيز بن صهيب عن أنس كما سيأتي في المغازي بلفظ "سأل رجل أنسا عن القنوت بعد الركوع أو عند الفراغ من القراءة؟ قال: لا بل عند الفراغ من القراءة" ومجموع ما جاء عن أنس من ذلك أن القنوت للحاجة بعد الركوع لا خلاف عنه في ذلك، وأما لغير الحاجة فالصحيح عنه أنه قبل الركوع، وقد اختلف عمل الصحابة في ذلك والظاهر أنه من الاختلاف المباح.


قوله: (كان بعث قوما يقال لهم القراء) سيأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب المغازي، وكذا على رواية أبي مجلز، والتيمي الراوي عنه هو سليمان وهو يروي عن أنس نفسه، ويروى عنه أيضا بواسطة كما في هذا الحديث.

 

١٠٠٣- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَنَتَ النَّبِيُّ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ.

١٠٠٤- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ القُنُوتُ فِي المَغْرِبِ وَالفَجْرِ.

الشرح:

قوله: (حدثنا إسماعيل) هو ابن علية، وخالد هو الحذاء.


قوله: (كان القنوت في المغرب والفجر) قد تقدم توجيه إيراد هذه الرواية في أول هذا الباب، وتقدم الكلام على بعضها في أثناء صفة الصلاة. وقد روى مسلم من حديث البراء نحو حديث أنس هذا، وتمسك به الطحاوي في ترك القنوت في الصبح قال: لأنهم أجمعوا على نسخه في المغرب، فيكون في الصبح كذلك. انتهى.


ولا يخفى ما فيه. وقد عارضه بعضهم فقال: أجمعوا على أنه قنت في الصبح، ثم اختلفوا هل ترك، فيتمسك بما أجمعوا عليه حتى يثبت ما اختلفوا فيه؟ وظهر لي أن الحكمة في جعل القنوت النازلة في الاعتدال دون السجود مع أن السجود مظنة الإجابة كما ثبتأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد" وثبوت الأمر بالدعاء فيه أن المطلوب من قنوت النازلة أن يشارك المأموم الإمام في الدعاء ولو بالتأمين، ومن ثم اتفقوا على أنه يجهر به، بخلاف القنوت في الصبح فاختلف في محله وفي الجهر به.


(تكملة): ذكر ابن العربي أن القنوت ورد لعشرة معان، فنظمها شيخنا الحافظ زين الدين العراقي فيما أنشدنا لنفسه إجازة غير مرة:

ولفظ القنوت اعدد معانيه تجد مزيدا على عشر معاني مرضيه دعاء خشوع والعبادة طاعة
إقامتها إقراره بالعبوديه سكوت صلاة والقيام وطوله
كذاك دوام طاعة الرابح القنيه


(خاتمة): اشتملت أبواب الوتر من الأحاديث المرفوعة على خمسة عشر حديثا، منها واحد معلق، المكرر منها فيه وفيما مضى ثمانية أحاديث، والخالص سبعة وافقه مسلم على تخريجها، وفيه من الآثار ثلاثة موصولة، والله أعلم.


الْحمْد لِلَّه ربِّ الْعالمين

اللَّهمَّ اِرْحم مَوْتَانا مِن المسْلمين واجْمعْنَا بِهم فِي جَنَّات النَّعِيم

تَقبَل اَللَّه مِنَّا ومنْكم صَالِح الأعْمال

باب القنوت قبل الركوع وبعده Reviewed by احمد خليل on 5:00:00 م Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.