كتاب العيدين باب في العيدين والتجمل فيه
فتح الباري شرح صحيح البخاري
ابن حجر العسقلاني - أحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني
فتح الباري شرح صحيح البخاري: كِتَابُ
العِيدَيْنِ، بَابٌ: فِي العِيدَيْنِ وَالتَّجَمُّلِ فِيهِ.
٩٤٨- حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، قَالَ: أَخَذَ عُمَرُ جُبَّةً مِنْ
إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ، فَأَخَذَهَا، فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْتَعْ هَذِهِ
تَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَالوُفُودِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّمَا هَذِهِ
لِبَاسُ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ» فَلَبِثَ عُمَرُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ
يَلْبَثَ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ
بِجُبَّةِ دِيبَاجٍ، فَأَقْبَلَ بِهَا عُمَرُ، فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّكَ قُلْتَ: «إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ»
وَأَرْسَلْتَ إِلَيَّ بِهَذِهِ الجُبَّةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «تَبِيعُهَا أَوْ
تُصِيبُ بِهَا حَاجَتَكَ».
الشرح:
قوله: (باب في العيدين والتجمل فيه) كذا
في رواية أبي عليّ بن شبويه، ونحوه لابن عساكر، وسقطت البسملة لأبي
ذر، وله في رواية المستملي" أبواب"
بدل " كتاب". واقتصر في رواية الأصيلي والباقين على قوله
"باب إلخ" والضمير في "فيه" راجع إلى جنس العيد، وفي
رواية الكشميهني" فيهما".
قوله: (أخذ عمر جبة من استبرق
تباع في السوق، فأخذها فأتى رسول الله ﷺ) كذا
للأكثر "أخذ" بهمزة وخاء وذال معجمتين في الموضعين، وفي بعض النسخ
"وجد" بواو وجيم في الأول وهو أوجه، وكذا
أخرجه الإسماعيلي والطبراني في مسند الشاميين وغير واحد من طرق
إلى أبي اليمان شيخ البخاري فيه.
ووجه الكرماني الأول بأنه أراد ملزوم الأخذ وهو الشراء وفيه نظر؛ لأنه
لم يقع منه ذلك، فلعله أراد السوم.
قوله: (ابتع هذه تجمل بها) كذا للأكثر
بصيغة الأمر مجزوما وكذا جوابه. ووقع في رواية أبي
ذر عن المستملي والسرخسي"
ابتاع هذه تجمل" وضبط في نسخ معتمدة
بهمزة استفهام ممدودة ومقصورة وضم لام تجمل على أن أصله تتجمل فحذفت إحدى التاءين
كأن عمر استأذن أن يبتاعها ليتجمل بها النبي ﷺ، ويحتمل أن يكون بعض الرواة أشبع فتحة التاء فظنت ألفا.
وقال الكرماني قوله "هذه" إشارة إلى نوع الجبة، كذا قال،
والذي يظهر إشارة إلى عينها ويلتحق بها جنسها، وقد تقدم في كتاب الجمعة توجيه
الترجمة وأنها مأخوذة من تقريره ﷺ على أصل التجمل،
وإنما زجره عن الجبة لكونها كانت حريرا.
قوله: (للعيد والوفود) تقدم في كتاب
الجمعة بلفظ "للجمعة" بدل للعيد وهي رواية نافع، وهذه رواية سالم،
وكلاهما صحيح. وكأن ابن عمر ذكرهما معا فاقتصر كل راو على أحدهما.
قوله: «تبيعها وتصيب بها حاجتك» في
رواية الكشميهني" أو
تصيب" ومعنى الأول وتصيب بثمنها، والثاني يحتمل أن "أو" بمعنى
الواو فهو كالأول أو التقسيم، والمراد المقايضة أو أعم من ذلك والله أعلم. وسيأتي
الكلام على بقية فوائد هذا الحديث في كتاب اللباس إن شاء الله تعالى.
(فائدة): روى ابن أبي
الدنيا والبيهقي بإسناد صحيح إلى ابن عمر أنه كان يلبس
أحسن ثيابه في العيدين.
الْحمْد
لِلَّه ربِّ الْعالمين
اللَّهمَّ اِرْحم مَوْتَانا
مِن المسْلمين واجْمعْنَا بِهم فِي جَنَّات النَّعِيم
تَقبَل اَللَّه مِنَّا ومنْكم صَالِح الأعْمال
ليست هناك تعليقات: