باب التكبير والغلس بالصبح والصلاة عند الإغارة والحرب
فتح الباري شرح صحيح البخاري
ابن حجر العسقلاني - أحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني
فتح الباري شرح صحيح البخاري: كِتَابُ
صَلاَةِ الخَوْفِ، بَابُ التَّكْبِيرِ وَالغَلَسِ بِالصُّبْحِ، وَالصَّلاَةِ
عِنْدَ الإِغَارَةِ وَالحَرْبِ.
٩٤٧- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ:
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، وَثَابِتٍ
البُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ صَلَّى الصُّبْحَ بِغَلَسٍ، ثُمَّ رَكِبَ فَقَالَ:
«اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا
نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ: {فَسَاءَ صَبَاحُ
المُنْذَرِينَ} [الصافات: ١٧٧]» فَخَرَجُوا يَسْعَوْنَ فِي السِّكَكِ
وَيَقُولُونَ: مُحَمَّدٌ وَالخَمِيسُ -قَالَ: وَالخَمِيسُ الجَيْشُ- فَظَهَرَ
عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقَتَلَ
المُقَاتِلَةَ وَسَبَى الذَّرَارِيَّ، فَصَارَتْ صَفِيَّةُ لِدِحْيَةَ
الكَلْبِيِّ، وَصَارَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ،
ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، وَجَعَلَ صَدَاقَهَا عِتْقَهَا. فَقَالَ عَبْدُ العَزِيزِ،
لِثَابِتٍ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَنْتَ سَأَلْتَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: مَا
أَمْهَرَهَا؟ قَالَ: أَمْهَرَهَا نَفْسَهَا، فَتَبَسَّمَ.
الشرح:
قوله: (باب التكبير) كذا للأكثر، وللكشميهني من
الطريقين "التبكير" بتقديم الموحدة وهو أوجه.
قوله: (والصلاة عند الإغارة) بكسر الهمزة
بعدها معجمة، وهي متعلقة بالصلاة وبالتكبير أيضا. أورد فيه حديث أنس أنه
ﷺ صلى الصبح بغلس ثم ركب، وقد تقدم في أوائل
الصلاة في "باب ما يذكر في الفخذ" من طريق أخرى
عن أنس وأوله أن رسول الله ﷺ
غزا خيبر فصلى عندها صلاة الغداة الحديث بطوله، وهو أتم سياقا مما
هنا، وقوله "ويقولون: محمد والخميس" فيه حمل لرواية عبد
العزيز بن صهيب على رواية ثابت، فقد تقدم في الباب المذكور أن عبد
العزيز لم يسمع من أنس قوله "والخميس" وأنها في
رواية ثابت عند مسلم.
قوله: (فصارت صفية لدحية الكلبي،
وصارت لرسول الله ﷺ) ظاهره أنها صارت لهما معا،
وليس كذلك بل صارت لدحية أولا ثم صارت بعده لرسول الله ﷺ كما تقدم إيضاحه في الباب المذكور، وسيأتي بقية
الكلام عليه في المغازي وفي النكاح إن شاء الله تعالى. ووجه دخول هذه الترجمة في
أبواب صلاة الخوف للإشارة إلى أن صلاة الخوف لا يشترط فيها التأخير إلى آخر الوقت
كما شرطه من شرطه في صلاة شدة الخوف عند التحام المقاتلة، أشار إلى ذلك الزين
بن المنير. ويحتمل
أن يكون للإشارة إلى تعين المبادرة إلى الصلاة في أول وقتها قبل الدخول في الحرب
والاشتغال بأمر العدو. وأما التكبير فلأنه ذكر مأثور عند كل أمر مهول، وعند كل
حادث سرور، شكرا لله تعالى وتبرئة له من كل ما نسب إليه أعداؤه ولا سيما اليهود
قبحهم الله تعالى.
(خاتمة): اشتملت أبواب صلاة الخوف على ستة
أحاديث مرفوعة موصولة، تكرر منها فيما مضى حديثان، والأربعة خالصة
وافقه مسلم على تخريجها إلا حديث ابن عباس. وفيها
من الآثار عن الصحابة والتابعين ستة آثار، منها واحد موصول وهو أثر مجاهد،
والله أعلم.
الْحمْد
لِلَّه ربِّ الْعالمين
اللَّهمَّ اِرْحم مَوْتَانا
مِن المسْلمين واجْمعْنَا بِهم فِي جَنَّات النَّعِيم
تَقبَل اَللَّه مِنَّا ومنْكم صَالِح الأعْمال
ليست هناك تعليقات: