باب يحرس بعضهم بعضا في صلاة الخوف
فتح الباري شرح صحيح البخاري
ابن حجر العسقلاني - أحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني
فتح الباري شرح صحيح البخاري: كِتَابُ
صَلاَةِ الخَوْفِ، بَابُ يَحْرُسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي صَلاَةِ الخَوْفِ.
٩٤٤- حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ،
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَامَ النَّبِيُّ ﷺ، وَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، فَكَبَّرَ وَكَبَّرُوا
مَعَهُ وَرَكَعَ وَرَكَعَ نَاسٌ مِنْهُمْ مَعَهُ، ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدُوا مَعَهُ،
ثُمَّ قَامَ لِلثَّانِيَةِ، فَقَامَ الَّذِينَ سَجَدُوا وَحَرَسُوا إِخْوَانَهُمْ
وَأَتَتِ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى، فَرَكَعُوا وَسَجَدُوا مَعَهُ، وَالنَّاسُ
كُلُّهُمْ فِي صَلاَةٍ، وَلَكِنْ يَحْرُسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.
الشرح:
قوله: (باب يحرس بعضهم بعضا في الخوف) قال ابن
بطال: محل
هذه الصورة إذا كان العدو في جهة القبلة فلا يفترقون والحالة هذه بخلاف الصورة
الماضية في حديث ابن عمر. وقال الطحاوي: ليس
هذا بخلاف القرآن لجواز أن يكون قوله تعالى: {وَلْتَأْتِ
طَائِفَةٌ أُخْرَىٰ} [النساء: ١٠٢] إذا كان العدو في غير القبلة، وذلك
ببيانه ﷺ. ثم بين كيفية الصلاة إذا كان العدو
في جهة القبلة، والله أعلم.
قوله: (عن الزبيدي)، في
رواية الإسماعيلي" حدثنا الزبيدي" ولم
أره من حديثه إلا من رواية محمد بن حرب عنه، وافقه عليه النعمان بن
راشد عن الزهري أخرجه البزار وقال: لا نعلم رواه عن الزهري إلا النعمان،
ولا عنه إلا وهيب يعني ابن خالد اهـ.
ورواية الزبيدي ترد عليه.
قوله: (وركع ناس منهم)،
زاد الكشميهني" معه".
قوله: (ثم قام للثانية فقام الذين سجدوا معه)،
في رواية النسائي والإسماعيلي" ثم
قام إلى الركعة الثانية فتأخر الذين سجدوا معه".
قوله: (فركعوا وسجدوا) في روايتهما أيضا" فركعوا مع النبي
ﷺ".
قوله: (في صلاة)، زاد الإسماعيلي" يكبرون" ولم يقع
في رواية الزهري هذه هل أكملوا الركعة الثانية أم لا، وقد
رواه النسائي من طريق أبي بكر بن أبي الجهم من شيخه عبيد
الله بن عبد الله بن عتبة فزاد في آخره "ولم يقضوا" وهذا كالصريح
في اقتصارهم على ركعة ركعة. وفي الباب عن حذيفة وعن زيد بن
ثابت عند أبي داود والنسائي وابن حبان،
وعن جابر عند النسائي، ويشهد له ما رواه مسلم وأبو
داود والنسائي من طريق مجاهد عن ابن عباس قال" فرض الله الصلاة
على لسان نبيكم في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة" وبالاقتصار
في الخوف على ركعة واحدة يقول إسحاق والثوري ومن تبعهما، وقال
به أبو هريرة وأبو موسى الأشعري وغير واحد من التابعين، ومنهم من
قيد ذلك بشدة الخوف، وسيأتي عن بعضهم في شدة الخوف أسهل من ذلك. وقال الجمهور: قصر
الخوف قصر هيئة لا قصر عدد، وتأولوا رواية مجاهد هذه على أن المراد به
ركعة مع الإمام، وليس فيه نفي الثانية، وقالوا: يحتمل أن يكون قوله في الحديث
السابق "لم يقضوا" أي: لم يعيدوا الصلاة بعد الأمن، والله أعلم.
(فائدة): لم يقع في شيء من الأحاديث المروية
في صلاة الخوف تعرض لكيفية صلاة المغرب، وقد أجمعوا على أنه لا يدخلها قصر،
واختلفوا هل الأولى أن يصلي بالأولى ثنتين والثانية واحدة أو العكس.
الْحمْد
لِلَّه ربِّ الْعالمين
اللَّهمَّ اِرْحم مَوْتَانا
مِن المسْلمين واجْمعْنَا بِهم فِي جَنَّات النَّعِيم
تَقبَل اَللَّه مِنَّا ومنْكم صَالِح الأعْمال
ليست هناك تعليقات: