Top Ad unit 728 × 90

أخبار المدونة

احاديث نبوية شريفة

باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس

فتح الباري شرح صحيح البخاري

ابن حجر العسقلاني - أحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني

باب – وقت – الجمعة – إذا – زالت - الشمس

 باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس


فتح الباري شرح صحيح البخاري: كِتَابُ الجُمُعَةِ، بَابُ وَقْتُ الجُمُعَةِ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ.

وَكَذَلِكَ يُرْوَى عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وَعَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.

٩٠٣- حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: أَنَّهُ سَأَلَ عَمْرَةَ عَنِ الغُسْلِ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَقَالَتْ: قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كَانَ النَّاسُ مَهَنَةَ أَنْفُسِهِمْ، وَكَانُوا إِذَا رَاحُوا إِلَى الجُمُعَةِ، رَاحُوا فِي هَيْئَتِهِمْ فَقِيلَ لَهُمْ: لَوِ اغْتَسَلْتُمْ.

 

الشرح:

قوله: (باب وقت الجمعة) أي: أوله (إذا زالت الشمس) جزم بهذه المسألة مع وقوع الخلاف فيها لضعف دليل المخالف عنده.


قوله: (وكذا يذكر عن عمر وعليّ والنعمان بن بشير وعمرو بن حريث) قيل: إنما اقتصر على هؤلاء من الصحابة دون غيرهم؛ لأنه نقل عنهم خلاف ذلك، وهذا فيه نظر؛ لأنه لا خلاف عن عليّ ومن بعده في ذلك، وأغرب ابن العربي فنقل الإجماع على أنها لا تجب حتى تزول الشمس، إلا ما نقل عن أحمد أنه إن صلاها قبل الزوال أجزأ، اهـ. وقد نقله ابن قدامة وغيره عن جماعة من السلف كما سيأتي، فأما الأثر عن عمر فروى أبو نعيم شيخ البخاري في كتاب الصلاة له وابن أبي شيبة من رواية عبد الله بن سيدان قال "شهدت الجمعة مع أبي بكر فكانت صلاته وخطبته قبل نصف النهار، وشهدتها مع عمر رضي الله عنه، فكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول قد انتصف النهار" رجاله ثقات إلا عبد الله بن سيدان وهو بكسر المهملة بعدها تحتانية ساكنة فإنه تابعي كبير إلا أنه غير معروف العدالة، قال ابن عدي شبه المجهول. وقال البخاري لا يتابع على حديثه، بل عارضه ما هو أقوى منه فروى ابن أبي شيبة من طريق سويد بن غفلة أنه صلى مع أبي بكر وعمر حين زالت الشمس إسناده قوي، وفي الموطأ عن مالك بن أبي عامر قال "كنت أرى طنفسة لعقيل بن أبي طالب تطرح يوم الجمعة إلى جدار المسجد الغربي، فإذا غشيها ظل الجدار خرج عمر" إسناده صحيح، وهو ظاهر في أن عمر كان يخرج بعد زوال الشمس، وفهم منه بعضهم عكس ذلك، ولا يتجه إلا إن حمل على أن الطنفسة كانت تفرش خارج المسجد وهو بعيد، والذي يظهر أنها كانت تفرش له داخل المسجد، وعلى هذا فكان عمر يتأخر بعد الزوال قليلا، وفي حديث السقيفة عن ابن عباس قال "فلما كان يوم الجمعة وزالت الشمس خرج عمر فجلس على المنبر؛ وأما عليّ فروى ابن أبي شيبة من طريق أبي إسحاق أنه "صلى خلف عليّ الجمعة بعدما زالت الشمس" إسناده صحيح، وروي أيضا من طريق أبي رزين قال "كنا نصلي مع عليّ الجمعة فأحيانا نجد فيئا وأحيانا لا نجد" وهذا محمول على المبادرة عند الزوال أو التأخير قليلا، وأما النعمان بن بشير فروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن سماك بن حرب قال "كان النعمان بن بشير يصلي بنا الجمعة بعدما تزول الشمس".


قلت: وكان النعمان أميرا على الكوفة في أول خلافة يزيد بن معاوية، وأما عمرو بن حريث فأخرجه ابن أبي شيبة أيضا من طريق الوليد بن العيزار قال "ما رأيت إماما كان أحسن صلاة للجمعة من عمرو بن حريث، فكان يصليها إذا زالت الشمس" إسناده صحيح أيضا، وكان عمرو ينوب عن زياد وعن ولده في الكوفة أيضا. وأما ما يعارض ذلك عن الصحابة فروى ابن أبي شيبة من طريق عبد الله بن سلمة وهو بكسر اللام قال "صلى بنا عبد الله، يعني: ابن مسعود، الجمعة ضحى وقال: خشيت عليكم الحروعبد الله صدوق إلا أنه ممن تغير لما كبر قاله شعبة وغيره، ومن طريق سعيد بن سويد قال "صلى بنا معاوية الجمعة ضحى "وسعيد ذكره ابن عدي في الضعفاء واحتج بعض الحنابلة بقوله إن هذا يوم جعله الله عيدا للمسلمين قال: فلما سماه عيدا جازت الصلاة فيه وقت العيد كالفطر والأضحى، وتعقب بأنه لا يلزم من تسمية يوم الجمعة عيدا أن يشتمل على جميع أحكام العيد، بدليل أن يوم العيد يحرم صومه مطلقا سواء صام قبله أو بعده بخلاف يوم الجمعة باتفاقهم.


قوله: (أخبرنا عبد الله) هو ابن المبارك، ويحيى بن سعيد هو الأنصاري.

 

قوله: (كان الناس مهنة) بنون وفتحات جمع ماهن ككتبة وكاتب أي خدم أنفسهم، وحكى ابن التين أنه روي بكسر أوله وسكون الهاء ومعناه بإسقاط محذوف، أي: ذوي مهنة. ولمسلم من طريق الليث عن يحيى بن سعيد" كان الناس أهل عمل ولم يكن لهم كفاة" أي: لم يكن لهم من يكفيهم العمل من الخدم.


قوله: (وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة راحوا في هيئتهم) استدل البخاري بقوله "راحوا" على أن ذلك كان بعد الزوال؛ لأنه حقيقة الرواح كما تقدم عن أكثر أهل اللغة، ولا يعارض هذا ما تقدم عن الأزهري أن المراد بالرواح في قولهمن اغتسل يوم الجمعة ثم راح" الذهاب مطلقا؛ لأنه إما أن يكون مجازا أو مشتركا، وعلى كل من التقديرين فالقرينة مخصصة وهي في قولهمن راح في الساعة الأولى" قائمة في إرادة مطلق الذهاب، وفي هذا قائمة في الذهاب بعد الزوال لما جاء في حديث عائشة المذكور في الطريق التي في آخر الباب الذي قبل هذا حيث قالتيصيبهم الغبار والعرق"؛ لأن ذلك غالبا إنما يكون بعدما يشتد الحر، وهذا في حال مجيئهم من العوالي، فالظاهر أنهم لا يصلون إلى المسجد إلا حين الزوال أو قريبا من ذلك، وعرف بهذا توجيه إيراد حديث عائشة في هذا الباب.


(تنبيه): أورد أبو نعيم في المستخرج طريق عمرة هذه في الباب الذي قبله وعلى هذا فلا إشكال فيه أصلا.

 

٩٠٤- حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ يُصَلِّي الجُمُعَةَ حِينَ تَمِيلُ الشَّمْسُ.

الشرح:

قوله: (عن أنس) صرح في رواية الإسماعيلي من طريق زيد بن الحباب عن فليح بسماع عثمان له من أنس.
قوله: (أن النبي كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس) فيه إشعار بمواظبته على صلاة الجمعة إذا زالت الشمس.

 

٩٠٥- حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كُنَّا نُبَكِّرُ بِالْجُمُعَةِ وَنَقِيلُ بَعْدَ الجُمُعَةِ.

الشرح:

أما رواية حميد التي بعد هذا عن أنسكنا نبكر بالجمعة ونقيل بعد الجمعة" فظاهره أنهم كانوا يصلون الجمعة باكر النهار، لكن طريق الجمع أولى من دعوى التعارض، وقد تقرر فيما تقدم أن التبكير يطلق على فعل الشيء في أول وقته أو تقديمه على غيره وهو المراد هنا، والمعنى أنهم كانوا يبدءون بالصلاة قبل القيلولة، بخلاف ما جرت به عادتهم في صلاة الظهر في الحر فإنهم كانوا يقيلون ثم يصلون لمشروعية الإيراد، ولهذه النكتة أورد البخاري طريق حميد عن أنس عقب طريق عثمان بن عبد الرحمن عنه، وسيأتي في الترجمة التي بعد هذه التعبير بالتبكير والمراد به الصلاة في أول الوقت وهو يؤيد ما قلناه. قال الزين بن المنير في الحاشية: فسر البخاري حديث أنس الثاني بحديث أنس الأول إشارة منه إلى أنه لا تعارض بينهما.


(تنبيهان): الأول: حكى ابن التين عن أبي عبد الملك أنه قال: إنما أورد البخاري الآثار عن الصحابة؛ لأنه لم يجد حديثا مرفوعا في ذلك، وتعقبه بحديث أنس هذا وهو كما قال الثاني: لم يقع التصريح عند المصنف برفع حديث أنس الثاني، وقد أخرجه الطبراني في الأوسط من طريق فضيل بن عياض عن حميد فزاد فيه "مع النبي " وكذا أخرجه ابن حبان في صحيحه من طريق محمد بن إسحاق حدثني حميد الطويل، وله شاهد من حديث سهل بن سعد يأتي في آخر كتاب الجمعة، وفيه رد على من زعم أن الساعات المطلوبة في الذهاب إلى الجمعة من عند الزوال؛ لأنهم يتبادرون إلى الجمعة قبل القائلة.


الْحمْد لِلَّه ربِّ الْعالمين

اللَّهمَّ اِرْحم مَوْتَانا مِن المسْلمين واجْمعْنَا بِهم فِي جَنَّات النَّعِيم

تَقبَل اَللَّه مِنَّا ومنْكم صَالِح الأعْمال

باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس Reviewed by احمد خليل on 9:24:00 م Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.