كتاب العلم باب من أعاد الحديث ثلاثا ليفهم عنه
فتح الباري لابن حجر شرح صحيح البخاري
كتاب العلم باب من أعاد الحديث ثلاثا ليفهم عنه
فتح الباري شرح صحيح البخاري: كِتَابُ
العِلْمِ بَابٌ: مَنْ أَعَادَ الحَدِيثَ ثَلاَثًا لِيُفْهَمَ عَنْهُ.
حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ الصَّفَارُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ المُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ
أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ
بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلاَثًا، حَتَّى تُفْهَمَ عَنْهُ، وَإِذَا أَتَى عَلَى
قَوْمٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، سَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثَلاَثًا.
الشرح:
قوله:
(حدثنا عبدة) هو ابن عبد الله الصفار ولم يخرج البخاري عن عبدة بن عبد الرحيم
المروزي وهو من طبقة عبدة الصفار، وفي رواية الأصيلي: "حدثنا عبدة
الصفار".
قوله
(حدثنا عبد الصمد) هو ابن عبد الوارث بن سعيد يكنى أبا سهل.
و(المثنى)
والد (عبد الله) هو بضم الميم وفتح المثلثة وتشديد النون المفتوحة، وهو ابن عبد
الله بن أنس بن مالك و(ثمامة) عمه ورجال هذا الإسناد كلهم بصريون.
قوله:
(عن النبي ﷺ أنه كان) أي: عن عادة النبي ﷺ،
والمراد أن أنسًا مخبر عما عرفه من شأن النبي ﷺ
وشاهده لا أن النبي ﷺ أخبره بذلك ويؤيد ذلك أن المصنف
أخرجه في (كتاب الاستئذان) عن إسحاق وهو ابن منصور عن عبد الصمد بهذا الإسناد إلى
أنس فقال: (أن النبي ﷺ كان).
قوله:
(إذا تكلم) قال الكرماني: مثل هذا التركيب يشعر بالاستمرار عند الأصوليين كذا أطلق
والخلاف مشهور.
قوله:
(بكلمة) أي: بجملة مفيدة.
قوله:
(أعادها ثلاثًا) قد بين المراد بذلك في نفس الحديث بقوله: (حتى تفهم عنه) وللترمذي
والحاكم في المستدرك: "حتى تعقل عنه" ووهم الحاكم في استدراكه وفي دعواه
أن البخاري لم يخرجه، وقال الترمذي: حسن صحيح غريب إنما نعرفه من حديث عبد الله بن
المثنى انتهى.
وعبد
الله بن المثنى ممن تفرد البخاري بإخراج حديثه دون مسلم، وقد وثقه العجلي
والترمذي، وقال أبو زرعة وأبو حاتم: صالح، وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين: ليس
بشيء، وقال النسائي: ليس بالقوي.
قلت:
لعله أراد في بعض حديثه وقد تقرر أن البخاري حيث يخرج لبعض من فيه مقال لا يخرج شيئًا
مما أنكر عليه وقول ابن معين: "ليس بشيء" أراد به في حديث بعينه سئل عنه
وقد قواه في رواية إسحاق بن منصور عنه وفي الجملة فالرجل إذا ثبتت عدالته لم يقبل
فيه الجرح إلا إذا كان مفسرًا بأمر قادح وذلك غير موجود في عبد الله بن المثنى
هذا، وقد قال ابن حبان لما ذكره في الثقات: ربما أخطأ والذي أنكر عليه إنما هو من
روايته عن غير عمه ثمامة والبخاري إنما أخرج له عن عمه هذا الحديث وغيره ولا شك أن
الرجل أضبط لحديث آل بيته من غيره ولحديثه هذا شاهد رواه الطبراني من حديث أبي
أمامة بإسناد حسن.
وقال
ابن المنير: نبه البخاري بهذه الترجمة على الرد على من كره إعادة الحديث وأنكر على
الطالب الاستعادة وعده من البلادة، قال: والحق أن هذا يختلف باختلاف القرائح فلا
عيب على المستفيد الذي لا يحفظ من مرة إذا استعاد ولا عذر للمفيد إذا لم يعد بل
الإعادة عليه آكد من الابتداء؛ لأن الشروع ملزم وقال ابن التين فيه: أن الثلاث
غاية ما يقع به الإعذار والبيان.
قوله:
(وإذا أتى على قوم) أي: وكان إذا أتى.
قوله:
(فسلم عليهم) هو من تتمة الشرط.
وقوله
(سلم عليهم) هو الجواب، قال الإسماعيلي: يشبه أن يكون ذلك كان إذا سلم سلام
الاستئذان على ما رواه أبو موسى وغيره، وأما أن يمر المار مسلمًا فالمعروف عدم
التكرار.
قلت:
وقد فهم المصنف هذا بعينه فأورد هذا الحديث مقرونًا بحديث أبي موسى في قصته مع عمر
كما سيأتي في (الاستئذان) لكن يحتمل أن يكون ذلك كان يقع أيضًا منه إذا خشي الا
يسمع سلامه.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
ليست هناك تعليقات: