باب النهي عن تناجي اثنين دون الثالث بغير إذنه
كتاب
الأمور المنهي عنها: باب النهي عن تناجي اثنين دون الثالث بغير إذنه
شرح العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
باب
النهي عن تناجي اثنين دون الثالث بغير إذنه
أحاديث رياض الصالحين: باب النَّهي عن
تناجي اثنين دونَ الثالث بغير إذنه إِلَّا لحاجةٍ وَهُوَ أن يتحدثا سرًّا بحيث لا
يسمعهما، وفي معناه مَا إِذَا تحدثا بلسانٍ لا يفهمه.
قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ} [المجادلة: ١٠].
١٦٠٦ -
وعن أبْنِ عُمَرَ -رضي اللَّه عَنْهُمَا-
أنَّ رسُولَ اللَّهِ ﷺ قَال: «إِذَا كَانُوا ثَلاثَةً فَلا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ
الثَّالِثِ» متفقٌ عليه.
ورواه أَبُو داود، وَزاد: قَالَ أبُو
صالح: قُلْتُ لابْنِ عُمرَ: فَأرْبَعَة؟ قَالَ: لا يضرُّكَ.
ورواه مالك في "المُوطأ": عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بنِ دِينَارٍ قَالَ: كُنْتُ أنَا وَأبْنُ عُمرَ عِند دارِ خالِدِ
بن عُقبَةَ الَّتي في السُّوقِ، فَجاءَ رجُلٌ يُريدُ أنْ يُنَاجِيَهُ، ولَيْس مَعَ
ابنِ عُمر أحَدٌ غَيْري، فَدعا ابنُ عُمرَ رجُلًا آخَرَ حتَّى كُنَّا أرْبَعَةً،
فَقَالَ لِي وللرَّجُلِ الثَّالِثِ الَّذي دَعا: اسْتَأخِرا شَيْئًا، فإنِّي
سَمِعْتُ رسُولَ اللَّه ﷺ يَقُولُ: «لا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دونَ وَاحدٍ».
١٦٠٧ -
وَعن ابنِ مَسْعُودٍ -رضي اللَّه عَنْهُ-
أنَّ رسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِذَا كُنْتُمْ ثَلاثةً فَلا يَتَنَاجى اثْنَانِ دُونَ
الآخَرِ حتَّى تَخْتَلِطُوا بالنَّاسِ؛ مِنْ أجْلِ أنَّ ذَلكَ يُحزِنُهُ»
متفقٌ عَلَيْهِ.
الشيخ:
الحمد لله، وصلَّ الله وسلَّم على رسول
الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث مع الآية الكريمة في
النَّجوى، والنَّجوى هي: التَّسارّ بالحديث، وهي من الشيطان إذا كانت في شَرٍّ،
إذا كانت النجوى في شرٍّ وإرادة سوءٍ فهي من الشيطان، كما قال تعالى: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ
الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}
[المجادلة: ١٠]،
أما النجوى في حقٍّ وفي حاجةٍ فلا بأس بها، إذا لم يكن بينهما أحدٌ أو عندهما أكثر
من واحدٍ فلا بأس، أما إذا كانوا ثلاثةً فلا يتناجى اثنان دون الثالث، أو أربعة لا
يتناجى ثلاثة دون الرابع، وهكذا، أما إذا كان الباقي الذي ما دخل في النجوى أكثر
من واحدٍ فلا بأس؛ لأنَّهم إذا تناجوا والواحد معهم لا يعلم ما يقولون؛ قد يظن
أنهم يتناجون فيه، ويتهمهم، ويُحزنه ذلك، ولهذا قال ﷺ:
«إذا كنتم ثلاثةً فلا يتناجى اثنان دون الثالث؛ من
أجل أن ذلك يُحزنه»، وفي اللفظ الآخر: «حتى
تختلطوا بالناس».
فإذا كانوا ثلاثةً ليس لاثنين أن يتناجيا
دون الثالث، وإذا كانوا أربعةً ليس لثلاثةٍ أن يتناجوا دون الرابع، وإذا كانوا
خمسةً ليس لأربعةٍ أن يتناجوا دون الخامس، فإذا كان الباقي واحدًا فليس لهم
التناجي دونه، أما إذا كان الباقي أكثر من واحدٍ فلا حرج. وفَّق الله الجميع.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ
جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
ليست هناك تعليقات: