شرح حديث / تعس عبد الدينار والدرهم
باب
فضل الزهد في الدنيا
شرح العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
شرح حديث / تعس عبد الدينار والدرهم
أحاديث
رياض الصالحين: باب فضل الزهد في الدنيا
٤٧٠ - وعن
أبي هريرة -رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ- عنْ رسولِ اللَّه ﷺ
قَالَ: «لَوْ كَانَ لِي مِثلُ أُحُدٍ ذَهَبًا،
لَسرَّني أَنْ لاَ تَمُرَّ علَيَّ ثَلاثُ لَيَالٍ وَعِندِي مِنْهُ شَيءٌ إلاَّ
شَيءٌ أُرْصِدُه لِدَينٍ» متفقٌ عليه.
٤٧١ - وعن
أبي هريرة -رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ- قال: قال رسول اللَّه ﷺ:
«أنْظُرُوا إلى منْ هَوَ أَسفَلُ منْكُمْ وَلا
تَنْظُرُوا إلى مَنْ فَوقَكُم فهُوَ أَجْدرُ أَن لا تَزْدَرُوا نعمةَ اللَّه
عَليْكُمْ» متفقٌ عَلَيْهِ وهذا لفظ مسلمٍ.
وفي
رواية البخاري، «إِذا نَظَر أَحَدُكُمْ إِلَى مَنْ
فُضلَ عليهِ في المالِ وَالخَلْقِ فلْينْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُ».
٤٧٢ - وعن
أبي هريرة -رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ- عن النَّبيّ ﷺ
قَالَ: «تَعِسَ عبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ
وَالقطيفَةِ وَالخَمِيصَةِ، إِنْ أُعطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعطَ لَمْ يَرْضَ»
رواه البخاري.
الشيخ:
هذه
الأحاديث الثلاثة كالتي قبلها في الحث على الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة
والإعداد لها، وعدم الاشتغال بما يصده عن الآخرة من المكاثرة في الدنيا، ولهذا
يقول ﷺ: «لو كان
لي مثل أحد ذهبا ما يسرني أن تمر على ثلاثة أيام وعندي منه دينار إلا دينار أرصده لدين»،
ولكن أقول به في عباد الله هكذا وهكذا وهكذا فهذا فيه الحث على الإنفاق والجود
والكرم وعدم كنز الأموال، ولكن ينفق في سبيل الله، قال تعالى: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا
جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا
لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ} [الحديد: ٧]، وقال تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ
خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: ٣٩]، ويقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح لما ذكر النار وذكر عرض العباد
عليهم قال: «ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه، وليس بينه
وبينه ترجمان، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر عن شماله فلا يرى إلا ما
قدم، وينظر تلقاء وجهه فلا يرى إلا النار، فاتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد
فبكلمة طيبة».
ويقول ﷺ: «انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من فوقكم فهو
أجدر الا تزدروا نعمة الله عليكم» الإنسان ينظر إلى من دونه في المال، وفي
المسكن، وفي الوظيفة حتى لا يزدري نعمة الله عليه، ولا ينظر إلى من فوقه من أهل
الأموال والوظائف الكبار والتجارات، فإن نظر إليهم ازدرى نعمة الله عليها وتنقصها،
فالمشروع للمؤمن أن ينظر إلى من دونه في المال والجاه والخلقة وغير ذلك حتى يعرف
قدر نعمة الله عليه، وأن الله فضله على كثير، أما إذا نظر إلى من فوقه فهو حري
بالا يشكر نعمة الله، وحري بأن يزدريها، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ويقول
ﷺ: «تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد
الخميصة، تعس عبد الخميلة، إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس وإذا شيك فلا
انتقش عبدها الذي يعمل لها، عبد الدينار، وعبد الدرهم، وعبد الخميصة والقطيفة الذي
يعمل لها من أجلها، إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط، لا يعمل للآخرة، ولكن يعمل
للدنيا، فهذا دعا عليه النبي ﷺ بالتعاسة، وفسر
هذا بقوله: إن أعطي رضي، وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش سماه عبدا
لها لأنه يعمل لها، يرضى لها، ويغضب لها، لا يغضب لله ويرضى لله، بل يغضب لما لم
يحصل له من الدنيا، ويرضى لما حصل، فهو عبد الدنيا ليس عبدا لله، فالواجب على
المؤمن أن يكون عبدا لله، وأن يستعين بنعم الله على طاعة الله، وأن يطلب المال من
جهته الحلال، وأن يكون همه ما يرضي الله ويقرب لديه، والا يكون غضبه للدنيا ورضاه
للدنيا. وفق الله الجميع.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ
جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
ليست هناك تعليقات: