باب تحريم الحسد
كتاب
الأمور المنهي عنها باب تحريم الحسد
شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله
باب تحريم الحسد
أحاديث رياض الصالحين: باب تحريم الحسد
وَهُوَ تمني زوالُ النعمة عن صاحبها؛
سواءٌ كَانَتْ نعمة دينٍ أَوْ دنيا، قَالَ الله تَعَالَى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ
فَضْلِهِ} [النساء: ٥٤].
وفِيهِ حديثُ أنسٍ السابق في الباب قبلَهُ.
١٥٧٧ -
وعَنْ أبي هُرَيرة -رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ- أنَّ النبيَّ ﷺ
قالَ: «إيَّاكُمْ والحسدَ، فإنَّ الحسدَ يأكُلُ
الحسناتِ كَما تَأْكُلُ النًارُ الحطبَ، أوْ قَالَ العُشْبَ» رواه أَبُو
داود، وضعفه الالباني.
الشرح:
قال النووي رحمه الله تعالى، في كتابه
(رياض الصالحين): باب تحريم الحسد.
الحسد: هو أن يكره الإنسان ما أنعم الله
به على غيره من علم أو مال أو أهل أو جاه أو غير ذلك، والحسد من كبائر الذنوب ومن
سمات اليهود -والعياذ بالله- كما قال الله تعالى عنهم: {وَدَّ
كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ
كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم} [البقرة: ١٠٩]، وقال تعالى:
{أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ
اللَّهُ مِن فَضْلِهِ} [النساء: ٥٤] أي: على ما
أعطاهم من فضله {فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ
الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا} [النساء: ٥٤]، وحذر النبي ﷺ من الحسد، وبين أنه
يأكل الحسنات كما تأكل النار العشب أو قال: الحطب.
ثم إن الحسد فيه اعتراض على قضاء الله وقدره؛ لأن الحاسد لم يرض
بقضاء الله وقدره، يعني: لم يرض أن الله أعطى هذا الرجل مالا أو أعطاه أهلا أو
أعطاه علما ففيه اعتراض على قضاء الله وقدره.
ثم إن الحسد جمرة في القلب -والعياذ بالله- كلما أنعم الله على عبده
نعمة احترق هذا القلب -والعياذ بالله- حيث أنعم الله تعالى، على عباده فتجده دائما
في نكد ودائما في قلق.
والحسد ربما يحصل منه بغي وعدوان على من آتاه الله من فضله، وربما
يشوه سمعته عند الناس ويقول فيه: كذا وكذا وهو كاذب أو صادق، لكن يريد أن يحسد هذا
الرجل على النعمة، فربما يحصل منه هذا العدوان على أخيه المسلم، ثم إن الحسد لا
يرد نعمة الله على عبده مهما حسدت ومهما بغيت فإنك لن تمنع قدر الله على عباده،
قال النبي ﷺ لعبد الله ابن عباس رضي الله عنهما: «واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد
كتبه الله عليك» وإلا فلن
يضروك فالواجب على الإنسان إذا رأى من نفسه حسدا لأحد أن يتقي الله وأن يوبخ نفسه
ويقول لها: كيف تحسدين الناس على ما آتاهم الله من فضله، كيف تكرهين نعمة الله على
عباده، يقول أرأيت لو كانت هذه النعمة عندك أتحبين أن أحدا يحسدك عليها ويوبخها،
يوبخ النفس، وكذلك يقول لها: أنت لو حسدت وكرهت ما أعطى الله من فضله فإن ذلك لن
يضر المحسود، بل هو ضرر على الحاسد، وأشبه ذلك مما يوبخ به نفسه، حتى يدع ما به من
الحسد وحينئذ يطمئن ويستريح ولا يتنكد، ولا يتكدر.
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق
والأعمال، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، وأصرف عنا سيئ الأخلاق لا يصرف عنا سيئها إلا
أنت. وفق الله الجميع.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ
جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
ليست هناك تعليقات: