باب النهي عن التجسس والتسمع لكلام من يكره استماعه
كتاب الأمور المنهي عنها: باب النهي عن التجسّس والتسمّع لكَلام مَن يكره استماعُهُ
شرح العلامة
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
باب النهي عن التجسس والتسمع لكلام من يكره استماعه
أحاديث رياض
الصالحين: باب تحريم الحسد
وَهُوَ
تمني زوالُ النعمة عن صاحبها؛ سواءٌ كَانَتْ نعمة دينٍ أَوْ دنيا، قَالَ الله
تَعَالَى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ
اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: ٥٤]. وفِيهِ حديثُ أنسٍ
السابق في الباب قبلَهُ.
١٥٧٧ -
وعَنْ أبي هُرَيرة -رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ- أنَّ النبيَّ ﷺ
قالَ: «إيَّاكُمْ والحسدَ، فإنَّ الحسدَ يأكُلُ
الحسناتِ كَما تَأْكُلُ النًارُ الحطبَ، أوْ قَالَ العُشْبَ» رواه أَبُو
داود، وضعفه الالباني.
أحاديث رياض الصالحين: باب النهي عن
التجسّس والتسمّع لكَلام مَن يكره استماعُهُ
قَالَ الله تَعَالَى: {وَلا تَجَسَّسُوا} [الحجرات: ١٢]، وقال
تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا
وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: ٥٨].
١٥٧٨ - وعنْ
أَبي هُريْرةَ -رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ- أنَّ رسُول اللَّه ﷺ قَالَ: «إيًاكُمْ والظَّنَّ،
فَإنَّ الظَّنَّ أكذبُ الحدِيثَ، ولا تحَسَّسُوا، وَلاَ تَجسَّسُوا وَلاَ تنافَسُوا
وَلاَ تحَاسَدُوا، وَلاَ تَباغَضُوا، وَلاَ تَدابَروُا، وكُونُوا عِباد اللَّهِ
إخْوانًا كَما أمركُمْ. المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ، لاَ يظلِمُهُ، وَلاَ يخذُلُهُ
وَلاَ يحْقرُهُ، التَّقوى ههُنا، التَّقوَى ههُنا» -ويُشير إِلَى صَدْرِه-
«بِحْسبِ أمرئ مِن الشَّرِّ أنْ يحْقِر أخاهُ
المسِلم، كُلُّ المُسلمِ عَلَى المُسْلِمِ حرَامٌ: دمُهُ، وعِرْضُهُ، ومَالُه،
إنَّ اللَّه لاَ يَنْظُرُ إِلَى أجْسادِكُمْ، وَلا إِلَى صُوَرِكُمْ، ولكنْ
يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وأعْمَالِكُمْ».
وَفِي رواية: «لاَ
تَحاسَدُوا، وَلا تَبَاغَضُوا، وَلا تَجَسَّسُوا، وَلاَ تحَسَّسُوا، وَلاَ
تَنَاجشُوا، وكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إخْوَانًا».
وفي روايةٍ: «لاَ
تَقَاطَعُوا، وَلا تَدَابَرُوا، وَلا تَبَاغَضُوا، وَلاَ تحَاسدُوا، وَكُونُوا
عِبَادَ اللَّهِ إخْوَانًا».
وفي رواية: «لا
تَهَاجَروا، وَلا يَبِعْ بَعْضُكُمِ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ».
رواه مسلم بكلِّ هذِهِ الروايات، وروى
البخاريُّ أكثَرَها.
١٥٧٩ - وعَنْ
مُعَاويةَ -رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُ- قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إنَّكَ إنِ
اتَّبعْتَ عَوْراتِ المُسْلِمينَ أفسَدْتَهُمْ، أوْ كِدْتَ أنْ تُفسِدَهُمَ»
حديثٌ صحيح.
رواهُ أبو داود
بإسناد صحيح.
١٥٨٠ -
وعنِ ابنِ مسعودٍ -رَضِّيَّ اللهُ
عَنْهُ- أنَّهُ أُتِيَ بِرَجُلٍ فَقيلَ لَهُ: هذَا فُلانٌ تَقْطُرُ لِحْيَتُهُ
خَمرًا، فقالَ: إنَّا قَدْ نُهينَا عنِ التَّجَسُّسِ، ولكِنْ إنْ يظهَرْ لَنَا شَيءٌ،
نَأخُذْ بِهِ، حَديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
رواه أَبُو داود بإسْنادٍ عَلي شَرْطِ
البخاري ومسلمٍ.
الشيخ:
الحمد لله، وصل الله وسلم على رسول الله،
وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد: فهذه الأحاديث مع الآيتين فيها
الحث على عدم الحسد والتجسس والتحسس والظن بلا دليل، والبيع على بيع البعض، وتتبع
عورات الناس، كل هذه الأخلاق تفسد المجتمع وتبذر الشحناء والعداوة، فالواجب الحذر
منها، يقول الله جل وعلا: {وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا
يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ} [الحجرات: ١٢]، ويقول جل
وعلا: {اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ
بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات: ١٢]، ويقول
سبحانه: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا
وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: ٥٨]، ويقول جل
وعلا: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ
إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ
مَسْئُولًا} [الإسراء: ٣٦].
فالواجب على المؤمن الحذر من كل ما يترتب
عليه أذية المسلمين، أو ظلم لهم، أو تجسس عليهم، أو غيبة، أو حسد، أو غير ذلك ما
يسبب الشحناء، وهكذا التحسس وهو التجسس بالقول، والتجسس بالفعل يقال له تجسس
وبالفعل يقال له تحسس، لا إن ظهر شيء يجب القيام فيه مما يوجب الحد أو التعزير،
أما التفتيش والتجسس ماذا فعل فلان أو ماذا فعل فلان أو فتش المغطى أو فتح الباب
أو ما أشبه ذلك لالتماس العورات لا يجوز، المسلم لا يلتمس عورة أخيه بل يحب له
الستر، من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة فلا ينبغي للمؤمن أن يكون حريصا
على التنقيب على العورات، قال جل وعلا: {إِنَّ
الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ
عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [النور: ١٩]، ولكن متى ظهر
شيء وقام فيه البينة يجب القيام بحق الله.
ولهذا قال ابن مسعود لما قيل له فلان
تقطر لحيته خمرا، قال: نهينا عن التجسس، لكن إن ظهر لنا شيء نأخذ به، فالواجب على
المسلمين أن يعتمدوا على البينات الشرعية والأحكام الظاهرة، وأن يحذروا ما حرم
الله عليهم من التجسس والحسد والتحسس والبيع على بيع بعض والعمل بالظن دون دليل،
وأن يحذروا الظلم للناس في جميع الأحوال لا بالقول ولا بالفعل لا في البدن ولا في
المال، هذا هو طريق النجاة وطريق الخير وطريق السعادة وطريق جمع الكلمة.
ولهذا في حديث معاوية يقول ﷺ: «إنك إن اتبعت عورات
الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم» فتتبع عورات الناس والتماس عورات الناس من
يسلم، متى ظهر شيء وجب أن يحكم فيه أمر الله، وأما التجسس وهو التفتيش عن الأشياء
المستورة والتحسس عنها بالقول هذا هو الذي لا يجوز. نسأل الله للجميع التوفيق.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ
جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
ليست هناك تعليقات: