Top Ad unit 728 × 90

أخبار المدونة

احاديث نبوية شريفة

أن النبي صل الله عليه وسلم كان أول ما قدم المدينة نزل على أجداده

 فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر

أن – النبي – صل – الله – عليه – وسلم – كان – أول – ما – قدم – المدينة – نزل – على - أجداده

أن النبي صل الله عليه وسلم كان أول ما قدم المدينة نزل على أجداده


فتح الباري شرح صحيح البخاري: كتاب الإيمان بَابٌ: الصَّلاَةُ مِنَ الإِيمَانِ، وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: ١٤٣] يَعْنِي: صَلاَتَكُمْ عِنْدَ البَيْتِ

 

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ أَوَّلَ مَا قَدِمَ المَدِينَةَ نَزَلَ عَلَى أَجْدَادِهِ، أَوْ قَالَ أَخْوَالِهِ مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَنَّهُ «صَلَّى قِبَلَ بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ البَيْتِ، وَأَنَّهُ صَلَّى أَوَّلَ صَلاَةٍ صَلَّاهَا صَلاَةَ العَصْرِ، وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ» فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ صَلَّى مَعَهُ، فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ وَهُمْ رَاكِعُونَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ قِبَلَ مَكَّةَ، فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ البَيْتِ، وَكَانَتِ اليَهُودُ قَدْ أَعْجَبَهُمْ إِذْ كَانَ يُصَلِّي قِبَلَ بَيْتِ المَقْدِسِ، وَأَهْلُ الكِتَابِ، فَلَمَّا وَلَّى وَجْهَهُ قِبَلَ البَيْتِ، أَنْكَرُوا ذَلِكَ.

قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ فِي حَدِيثِهِ هَذَا: أَنَّهُ مَاتَ عَلَى القِبْلَةِ قَبْلَ أَنْ تُحَوَّلَ رِجَالٌ وَقُتِلُوا، فَلَمْ نَدْرِ مَا نَقُولُ فِيهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: ١٤٣].

 

الشرح:

قوله: (باب) هو مرفوع بتنوين وبغير تنوين، والصلاة: مرفوع على التنوين.

فقوله: وقول الله مرفوع عطفا على الصلاة وعلى عدمه مجرور مضاف، قوله يعني: صلاتكم وقع التنصيص على هذا التفسير من الوجه الذي أخرج منه المصنف حديث الباب فروى الطيالسي والنسائي من طريق شريك وغيره عن أبي إسحاق عن البراء في الحديث المذكور فأنزل الله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} صلاتكم إلى بيت المقدس، وعلى هذا فقول المصنف عند البيت: مشكل مع أنه ثابت عنه في جميع الروايات ولا اختصاص لذلك بكونه عند البيت، وقد قيل: إن فيه تصحيفا والصواب يعني: صلاتكم لغير البيت، وعندي أنه لا تصحيف فيه بل هو صواب.

 

ومقاصد البخاري في هذه الأمور دقيقة وبيان ذلك: أن العلماء اختلفوا في الجهة التي كان النبي يتوجه إليها للصلاة وهو بمكة فقال بن عباس وغيره: كان يصلي إلى بيت المقدس لكنه لا يستدبر الكعبة بل يجعلها بينه وبين بيت المقدس، وأطلق آخرون: أنه كان يصلي إلى بيت المقدس، وقال آخرون: كان يصلي إلى الكعبة فلما تحول إلى المدينة استقبل بيت المقدس وهذا ضعيف ويلزم منه دعوى النسخ مرتين والأول أصح لأنه يجمع بين القولين، وقد صححه الحاكم وغيره من حديث بن عباس وكأن البخاري أراد الإشارة إلى الجزم بالأصح من أن الصلاة لما كانت عند البيت كانت إلى بيت المقدس واقتصر على ذلك اكتفاء بالأولوية لأن صلاتهم إلى غير جهة البيت وهم عند البيت إذا كانت لا تضيع فأحرى أن لا تضيع إذا بعدوا عنه فتقدير الكلام يعني: صلاتكم التي صليتموها عند البيت إلى بيت المقدس.

 

قوله: (حدثنا عمرو بن خالد) هو بفتح العين وسكون الميم وهو أبو الحسن الحراني نزيل مصر أحد الثقات الأثبات ووقع في رواية القابسي عن عبدوس كلاهما عن أبي زيد المروزي، وفي رواية أبي ذر عن الكشميهني: عمر بن خالد بضم العين وفتح الميم وهو تصحيف نبه عليه من القدماء أبو على الغساني وليس في شيوخ البخاري من اسمه عمر بن خالد ولا في جميع رجاله بل ولا في أحد من رجال الكتب الستة.

قوله: (حدثنا زهير) هو بن معاوية أبو خيثمة الجعفي الكوفي نزيل الجزيرة وبها سمع منه عمرو بن خالد.

 

قوله: (حدثنا أبو إسحاق) هو السبيعي وسماع زهير منه فيما قال أحمد بعد أن بدأ تغيره، لكن تابعه عليه عند المصنف إسرائيل بن يونس حفيده وغيره.

قوله: (عن البراء) هو بن عازب الأنصاري صحابي بن صحابي وللمصنف في التفسير من طريق الثوري عن أبي إسحاق سمعت البراء فأمن ما يخشى من تدليس أبي إسحاق.

قوله: (أول) بالنصب أي: في أول زمن قدومه، "وما" مصدرية قوله أو قال أخواله: الشك من أبي إسحاق وفي إطلاق أجداده أو أخواله مجاز لأن الأنصار أقاربه من جهة الأمومة لأن أم جده عبد المطلب بن هاشم منهم وهي سلمى بنت عمرو أحد بني عدي بن النجار وإنما نزل النبي بالمدينة على إخوتهم بني مالك بن النجار ففيه على هذا مجاز ثان.

قوله: (قبل بيت المقدس) بكسر القاف وفتح الموحدة أي: إلى جهة بيت المقدس.

 

قوله: (ستة عشر شهرا أو سبعة عشر) كذا وقع الشك في رواية زهير هذه هنا، وفي الصلاة أيضا عن أبي نعيم عنه، وكذا في رواية الثوري عنده، وفي رواية إسرائيل عند المصنف وعند الترمذي أيضا، ورواه أبو عوانة في صحيحه عن عمار بن رجاء وغيره عن أبي نعيم فقال: (ستة عشر) من غير شك، وكذا لمسلم من رواية أبي الأحوص وللنسائي من رواية زكريا بن أبي زائدة وشريك ولأبي عوانة أيضا من رواية عمار بن رزيق بتقديم الراء مصغرا كلهم عن أبي إسحاق، وكذا لأحمد بسند صحيح عن بن عباس وللبزار والطبراني من حديث عمرو بن عوف: (سبعة عشر) وكذا للطبراني عن بن عباس والجمع بين الروايتين سهل بأن يكون من جزم (بستة عشر) لفق من شهر القدوم وشهر التحويل شهرا والغى الزائد، ومن جزم بسبعة عشر عدهما معا ومن شك تردد في ذلك وذلك أن القدوم كان في شهر ربيع الأول بلا خلاف وكان التحويل في نصف شهر رجب من السنة الثانية على الصحيح وبه جزم الجمهور، ورواه الحاكم بسند صحيح عن بن عباس وقال بن حبان: (سبعة عشر شهرا وثلاثة أيام) وهو مبني على أن القدوم كان في ثاني عشر شهر ربيع الأول وشذت أقوال أخرى ففي بن ماجه من طريق أبي بكر بن عياش عن أبي إسحاق في هذا الحديث ثمانية عشر شهرا وأبو بكر سيئ الحفظ وقد اضطرب فيه فعند بن جرير من طريقه في رواية سبعة عشر، وفي رواية ستة عشر وخرجه بعضهم على قول محمد بن حبيب: أن التحويل كان في نصف شعبان، وهو الذي ذكره النووي في الروضة وأقره مع كونه رجح في شرحه لمسلم رواية ستة عشر شهرا لكونها مجزوما بها عند مسلم ولا يستقيم أن يكون ذلك في شعبان إلا إن الغى شهري القدوم والتحويل، وقد جزم موسى بن عقبة بأن التحويل كان في جمادى الآخرة ومن الشذوذ أيضا رواية ثلاثة عشر شهرا، ورواية تسعة أشهر أو عشرة أشهر، ورواية شهرين، ورواية سنتين وهذه الأخيرة يمكن حملها على الصواب وأسانيد الجميع ضعيفة والاعتماد على القول الأول فجملة ما حكاه تسع روايات.

 

قوله: (وأنه صلى أول) بالنصب لأنه مفعول صلى، "والعصر" كذلك على البدليه واعربه بن مالك بالرفع، وفي الكلام مقدر لم يذكر لوضوحه أي: أول صلاة صلاها متوجها إلى الكعبة صلاة العصر، وعند بن سعد حولت القبلة في صلاة الظهر أو العصر على التردد وساق ذلك من حديث عمارة بن أوس قال: صلينا إحدى صلاتي العشاءين والتحقيق أن أول صلاة صلاها في بني سلمة لما مات بشر بن البراء بن معرور الظهر وأول صلاة صلاها بالمسجد النبوي العصر وأما الصبح فهو من حديث بن عمر بأهل قباء وهل كان ذلك في جمادى الآخرة أو رجب أو شعبان أقوال.

 

قوله: (فخرج رجل) هو عباد بن بشر بن قيظي كما رواه بن منده من حديث طويلة بنت أسلم، وقيل: هو عباد بن نهيك بفتح النون وكسر الهاء، وأهل المسجد الذين مر بهم قيل: هم من بني سلمة وقيل: هو عباد بن بشر الذي أخبر أهل قباء في صلاة الصبح كما سيأتي بيان ذلك في حديث بن عمر حيث ذكره المصنف في كتاب الصلاة ونذكر هناك تقرير الجمع بين هذين الحديثين وغيرهما مع التنبيه على ما فيهما من الفوائد إن شاء الله تعالى.

قوله: (أشهد بالله) أي: أحلف، قال الجوهري يقال: أشهد بكذا أي: أحلف به.

قوله: (قبل مكة) أي: قبل البيت الذي في مكة، ولهذا قال: (فداروا كما هم قبل البيت) "وما" موصولة والكاف للمبادرة، وقال الكرماني: للمقارنة وهم مبتدأ وخبره محذوف.

 

قوله: (قد أعجبهم) أي: النبي ، وأهل الكتاب هو بالرفع عطفا على اليهود من عطف العام على الخاص، وقيل المراد: النصارى لأنهم من أهل الكتاب وفيه نظر لأن النصارى لا يصلون لبيت المقدس فكيف يعجبهم، وقال الكرماني: كان إعجابهم بطريق التبعية لليهود. قلت: وفيه بعد لأنهم أشد الناس عداوة لليهود ويحتمل أن يكون بالنصب والواو بمعنى مع أي: يصلي مع أهل الكتاب إلى بيت المقدس واختلف في صلاته إلى بيت المقدس وهو بمكة. فروى بن ماجه من طريق أبي بكر بن عياش المذكورة صلينا مع رسول الله نحو بيت المقدس ثمانية عشر شهرا، وصرفت القبلة إلى الكعبة بعد دخول المدينة بشهرين، وظاهره أنه كان يصلي بمكة إلى بيت المقدس محضا، وحكى الزهري خلافا في أنه هل كان يجعل الكعبة خلف ظهره أو يجعلها بينه وبين بيت المقدس. قلت: وعلى الأول فكان يجعل الميزاب خلفه، وعلى الثاني كان يصلي بين الركنين اليمانيين وزعم ناس أنه لم يزل يستقبل الكعبة بمكة فلما قدم المدينة استقبل بيت المقدس. ثم نسخ وحمل بن عبد البر هذا على القول الثاني ويؤيد حمله على ظاهره إمامة جبريل ففي بعض طرقه أن ذلك كان عند باب البيت.

قوله: (أنكروا ذلك) يعني: اليهود، فنزلت: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ} [البقرة: ١٤٢] الآية. وقد صرح المصنف بذلك في روايته من طريق إسرائيل.

 

قوله: (قال زهير) يعني: بن معاوية بالإسناد المذكور بحذف أداة العطف كعادته ووهم من قال: إنه معلق وقد ساقه المصنف في التفسير مع جملة الحديث عن أبي نعيم عن زهير سياقا واحدا.

قوله: (أنه مات على القبلة) أي: قبلة بيت المقدس قبل أن تحول رجال، "وقتلوا" ذكر القتل لم أره إلا في رواية زهير وباقي الروايات إنما فيها ذكر الموت فقط، وكذلك روى أبو داود والترمذي وبن حبان والحاكم صحيحا عن بن عباس والذين ماتوا بعد فرض الصلاة وقبل تحويل القبلة من المسلمين عشرة أنفس فبمكة من قريش: عبد الله بن شهاب، والمطلب بن أزهر الزهريان، والسكران بن عمرو العامري وبأرض الحبشة منهم: حطاب بالمهملة بن الحارث الجمحي، وعمرو بن أمية الأسدي، وعبد الله بن الحارث السهمي، وعروة بن عبد العزى، وعدي بن نضلة العدويان، ومن الأنصار بالمدينة: البراء بن معرور بمهملات، وأسعد بن زرارة فهؤلاء العشرة متفق عليهم، ومات في المدة أيضا إياس بن معاذ الأشهلي، لكنه مختلف في إسلامه ولم أجد في شيء من الأخبار أن أحدا من المسلمين قتل قبل تحويل القبلة، لكن لا يلزم من عدم الذكر عدم الوقوع فإن كانت هذه اللفظة محفوظة فتحمل على أن بعض المسلمين ممن لم يشتهر قتل في تلك المدة في غير الجهاد ولم يضبط اسمه لقلة الاعتناء بالتاريخ إذ ذاك. ثم وجدت في المغازي ذكر رجل اختلف في إسلامه وهو سويد بن الصامت فقد ذكر بن إسحاق أنه لقي النبي قبل أن تلقاه الأنصار في العقبة فعرض عليه الإسلام فقال: إن هذا القول حسن، وانصرف إلى المدينة فقتل بها في وقعة بعاث بضم الموحدة وإهمال العين وآخره مثلثة وكانت قبل الهجرة، قال فكان قومه يقولون: لقد قتل وهو مسلم، فيحتمل أن يكون هو المراد وذكر لي بعض الفضلاء أنه يجوز أن يراد من قتل بمكة من المستضعفين كأبوي عمار. قلت: يحتاج إلى ثبوت أن قتلهما بعد الإسراء.

 

تنبيه في هذا الحديث من الفوائد: الرد على المرجئة في إنكارهم تسمية أعمال الدين إيمانا.

وفيه: أن تمني تغيير بعض الأحكام جائز إذا ظهرت المصلحة في ذلك.

وفيه: بيان شرف المصطفى ، وكرامته على ربه لإعطائه له ما أحب من غير تصريح بالسؤال.

وفيه بيان ما كان في الصحابة من الحرص على دينهم والشفقة على إخوانهم وقد وقع لهم نظير هذه المسألة لما نزل تحريم الخمر، كما صح من حديث البراء أيضا فنزل: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} إلى قوله: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [المائدة: ٩٣]، وقوله تعالى: {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلً} [الكهف: ٣٠]، ولملاحظة هذا المعنى عقب المصنف هذا الباب بقوله: باب حسن إسلام المرء فذكر الدليل على أن المسلم إذا فعل الحسنة أثيب عليها.


الحمد لله رب العالمين

اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

أن النبي صل الله عليه وسلم كان أول ما قدم المدينة نزل على أجداده Reviewed by احمد خليل on 6:21:00 م Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.