كتاب الأذكار: باب فضل حلق الذكر والندب إلى ملازمتها والنهي عن مفارقتها
لغير عذر
الدرر السنية
شرح
حديث/ الا اخبركم عن النفر الثلاثة
أحاديث
رياض الصالحين: باب فضل حلق الذكر والندب إلى ملازمتها والنهي عن مفارقتها لغير
عذر
١٤٥٧ - وعن أَبي واقِدٍ الحارِثِ بن عَوْفٍ - رضيَ
اللَّه عنْهُ - أَنَّ رسُولِ اللَّهِ ﷺ
بيْنَما هُو جَالِسٌ في المسْجِدِ، والنَّاسُ معهُ، إِذ أَقْبلَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ،
فأَقْبَل اثْنَانِ إِلي رسولِ اللَّهِ ﷺ وذَهَب واحدٌ، فَوقَفَا عَلَى رسولِ اللَّهِ ﷺ. فَأَمَّا أَحدُهُما فرأَى فُرْجَةً في الحلْقَةِ،
فجَلَسَ فِيهَا وأَمَّا الآخَرُ، فَجَلَس خَلْفَهُمْ، وأَمَّا الثالثُ فَأَدبر
ذاهِبًا. فَلمَّا فَرَغَ رسُول اللَّهِ ﷺ
قَالَ: «أَلا أُخبِرُكم عَنِ النَّفَرِ الثَّلاثَةِ،
أَمَّا أَحدُهم، فَأَوى إِلي اللَّهِ فآواه اللَّه وأَمَّا الآخرُ فَاسْتَحْيي
فَاسْتَحْيَى اللَّهُ مِنْهُ وَأَمَّا الآخرُ، فأَعْرضَ، فأَعْرض اللَّهُ عنْهُ»
متفقٌ عَلَيْهِ.
الشرح
أنَّ
النَّبيَّ ﷺ كان جالسًا مع أصحابِه في المسجد،
فأقبَل ثلاثةُ نفَرٍ، أي: ثلاثة رجالٍ؛ أمَّا أحدُهم: فولَّى وأعرَض ولم يأتِ إلى
الحلقةِ، وأمَّا الثَّاني: فوجَد في الحلقة فُرجةً فجلَس، وأمَّا الثَّالثُ: فجلَس
خلف الحلقةِ، كأنَّه استحيَا أن يُزحِمَ النَّاس وأن يضيِّقَ عليهم، فلمَّا فرغ
النَّبيُّ ﷺ قال: ألَا أُخبِركم بنبأ القومِ،
أمَّا أحدهم: فأوى إلى اللهِ فآواه اللهُ - عزَّ وجلَّ - وهو الَّذي جلَس، فآواه -
اللهُ عزَّ وجلَّ - إليه؛ لأنَّه كان صادقَ النِّية في الجلوس مع النَّبيِّ ﷺ، فيسَّر اللهُ له، وأمَّا الثَّاني: فاستحيَا
فاستحيا اللهُ منه؛ لأنَّه ما زاحَم ولا تقدَّم، وأمَّا الثالثُ: فأعرَض فأعرَض
اللهُ عنه، لم يوفِّقْه لأنْ يجلسَ مع هؤلاء القومِ البَرَرةِ الأطهار.
في
الحديثِ: إثباتُ الحياء لله - عز وجل - ولكنَّه ليس كحياءِ المخلوقين، بل هو حياءُ
الكمالِ، يليقُ بالله - عز وجل.
وفيه:
أنَّ مَن قصَد المعلِّم ومجالستَه فاستحيا مِن قصْده، ولم يمنَعْه الحياءُ مِن
التعلُّم ومجالسة العلماء: أنَّ اللهَ يستحيي منه.
وفيه:
أنَّ مَن قصَد العلم ومجالسَه، ثمَّ أعرَض عنها، فإنَّ اللهَ يُعرِضُ عنه، ومَن
أعرَض عنه فقد تعرَّض لسخَطِه.
وفيه:
أنَّ مِن حُسنِ الأدب أنْ يجلِسَ المرءُ حيث انتهى به مجلسُه، ولا يُقِيم أحدًا.
وفيه:
ابتداءُ العالم جلساءَه بالعِلم قبل أن يُسأَلَ عنه.
وفيه:
مدحُ الحياءِ، والثَّناءُ على صاحبه.
وفيه:
ذمُّ مَن زهِد في العلم؛ لأنَّه لا يُحرَمُ أحدٌ مِن حلقةِ رسولِ الله ﷺ وفيه خيرٌ.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ
جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
