شرح حديث / حوسب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير شيء

شرح حديث / حوسب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير شيء
المؤلف احمد خليل
تاريخ النشر
آخر تحديث
كتاب الجهاد: باب فضل السماحة في البيع والشراء

الدرر السنية 
شرح - حديث - حوسب - رجل - ممن - كان - قبلكم - فلم - يوجد - له - من - الخير - شيء
شرح حديث / حوسب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير شيء

أحاديث رياض الصالحين: باب فضل السماحة في البيع والشراء

 

١٣٧٩ - وَعَنْ أَبِي مَسْعُودُ الْبَدْرِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «حُوسِبَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قُبَلُكُمْ فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مِنَ الْخَيْرِ شَيْءٌ، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يُخَالِطُ النَّاسُ، وَكَانَ مُوسِرَا، وَكَانَ يَأْمَرُ غِلْمَانُهُ أَنْ يَتَجَاوَزُوا عَنِ الْمُعْسِرِ. قَالَ اللهُ عِزَّ وَجَلٍ: نَحْنُ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْهُ تَجَاوَزُوا عَنْهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

الشرح:

الإحْسانُ إلى الناسِ، والعَفْوُ عنهم والتَّجاوُزُ عن مُعْسِرِهِم من مَكارِمِ الشَّريعَةِ الإسْلاميَّةِ ومَحاسِنِها، ومن أعْظَمِ أسْبابِ نَجاةِ العبدِ يَومِ القِيامَةِ.

 

وفي هذا الحديثِ يَقولُ النَّبيُّ : «إنَّ رَجُلًا لم يعْمَلْ خيْرًا قَطُّ»، أي: لم يعْمَلْ خيْرًا أبدًا فيما مَضَى مِن عُمُرِه، ولعلَّ المُرادَ أنَّه لم يَعمَلْ من الخيرِ شيئًا قَطُّ إلَّا التَّوحيدَ، كما فسَّرها ابنُ مَسعودٍ في رِوايتِه عندَ أحمدَ: «لَمْ يَعمَلْ مِنَ الخَيرِ شَيئًا قَطُّ إلَّا التَّوحيدَ»؛ لأنَّ اللهَ تعالى، لا يَغفِرُ للذين يَموتون وهُمْ كُفَّارٌ، وهذا سائِغٌ في لسانِ العربِ أنْ يُؤتَى بلَفْظِ الكُلِّ والمُرادُ البعْضُ.

 

قال النَّبيُّ : «وكان يُدايِنُ الناسَ»، أي: يُعامِلُهُم ويُعطيهِم بالدَّيْنِ، فيقولُ لرَسولِهِ: يعني يقولُ: لعامِلِهِ عندَ وقْتِ جمْعِ هذا الدَّينِ من الناسِ، «خُذْ ما تيسَّر»، أي: خُذْ ما سَهُلَ للمديونِ أداؤُهُ، «واترُكْ ما عَسُرَ» يعني: ما شَقَّ أداؤُه عليه، «وتَجاوَزْ»، أي: لا تَتعرَّضْ له بمُطالَبَةِ ما يَشُقُّ عليه، واعْفُ عنهم، «لعلَّ اللهَ يتجاوَزُ عنا» يعني: يعفو عن ذُنوبِنا وخَطايانا، «فلمَّا هَلَكَ»، أي: ماتَ.

 

«قال اللهُ له: هل عَمِلْتَ خيرًا قَطُّ؟» وهذا سؤالُ العالِمِ بأحوالِ عِبادِهِ، وهو سُؤالُ تَقريرٍ للعبدِ؛ ليشْهَدَ على نَفسِهِ «قال: لا» وهذا العموم مُخصَّصٌ قَطعًا بأنَّه كان مُؤمِنًا، ولولا ذلك لَمَا تَجاوَزَ عنه، «إلَّا أنَّه كان لي غُلامٌ»، أي: خادِمٌ، "وكُنْتُ أُدايِنُ الناسَ، فإذا بعَثْتُه يَتَقاضَى"، أي: لِيَقْبِضَ الدَّينَ، «قلْتُ له: خُذْ ما تيسَّر، واترُكْ ما عَسُرَ، وتَجاوَزْ، لعلَّ اللهَ يَتجاوَزُ عنَّا، قال اللهُ تَعالى: قد تَجاوَزْتُ عنك»، أي: عَفَوْتُ عن ذُنوبِكَ، وغَفَرْتُها لك.

 

وفي الحديثِ: أنَّ اليَسيرَ مِنَ الحَسَنَاتِ إذا كان خالِصًا للهِ كفَّر كثيرًا من السَّيِّئاتِ.

وفيه: حصولُ الأجْرِ للآمِرِ به، وإنْ لم يَتولَّ ذلك بنَفْسِه.


الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

تعليقات

عدد التعليقات : 0