باب الحج
كتاب الحج
شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن
عثيمين رحمه الله
باب الحج
قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ
الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ
غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: ٩٧].
١٢٧٩ - وعن ابن عمر - رضي
الله عنهما - أن رسول الله ﷺ قال: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام
الصلاة وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان» متفق عليه.
١٢٨٠ - وعن أبي هريرة - رضي
الله عنه – قال: خطبنا رسول الله ﷺ،
فقال: «يا أيها الناس إن الله
قد فرض عليكم الحج فحجوا» فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت، حتى
قالها ثلاثا. فقال رسول الله ﷺ: «لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم» ثم قال: «ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا
منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه» رواه مسلم.
الشرح
قال المؤلف - رحمه الله
تعالى - في كتابه (رياض الصالحين) باب وجوب الحج وفضله.
الحج: هو قصد
مكة للتعبد لله - سبحانه وتعالى - بأداء المناسك وهو أحد أركان الإسلام، بإجماع
المسلمين ودليل فرضه قول الله تبارك وتعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ
مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ
الْعَالَمِينَ}.
وهذه الآية نزلت
في العام التاسع من الهجرة وهو العام الذي يسمى عام الوفود وبها فرض الحج أما قوله
تعالى في سورة البقرة: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] ففيها فرض
الاتمام لا فرض الابتداء، ففرض الابتداء كان في السنة التاسعة في آية سورة آل
عمران وأما فرض الاستمرار والاتمام فكان في آية البقرة في سنة ست من الهجرة.
قال الله تعالى:
{وَلِلَّهِ
عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} على الناس يعني: على جميعهم لكن الكافر لا
نأمره بالحج حتى يسلم وأما المسلم فنأمره بأن يحج بهذا الشرط الذي اشترطه الله عز
وجل: {مَنِ
اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} يعني: من استطاع أن يصل إلى مكة فمن لم يستطع لفقره
فلا حج عليه ومن لم يستطع لعجزه نظرنا فإن كان عجزه لا يرجى زواله وعنده مال وجب
أن يقيم من يحج عنه.
وإن كان يرجى
زواله كمرض طارئ طرأ عليه في أيام الحج فإنه ينتظر حتى يعافيه الله ثم يحج بنفسه.
ثم ذكر المؤلف -
رحمه الله - حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي ﷺ قال: «بني الإسلام على خمس» وقد سبق الكلام عليه فلا حاجة إلى الإعادة
والشاهد من هذا قوله: وحج البيت الحرام والحج لا يجب إلا مرة إلا إذا نذر الإنسان
أن يحج فليحج لكن دون نذر لا يجب إلا مرة لأن النبي ﷺ حين سئل في كل عام قال: «لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم الحج مرة
فما زاد فهو تطوع» وهذا من نعمة الله - عز وجل - أنه لم يفرضه إلا مرة واحدة في العمر وذلك
لأن غالب الناس يشق عليهم الوصول إلى مكة وهذه من الحكمة تجد الصلوات الخمس مفروضة
كل يوم.
الجمعة مفروضة
في الأسبوع مرة لأن الجمعة يجب أن تكون في مسجد واحد فقط في البلد كله وهذا قد
يكون فيه مشقة لو قلنا للناس اجتمعوا في مسجد واحد كل يوم خمس مرات فيه مشقة ولهذا
لم تفرض الجمعة إلا في الأسبوع مرة.
الزكاة لم تجب
إلا في السنة مرة، الصيام لم يجب إلا في السنة مرة، الحج لا يجب إلا في العمر مرة،
وهذا من حكمة الله تعالى ورحمته حيث جعل هذه الفرائض مناسبة لأحوال العباد.
وقال النبي ﷺ: «لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم» ثم قال - عليه الصلاة والسلام -: «ذروني ما تركتكم» يعني: لا تسألوا عن أشياء أنا ساكت عنها
ما دمت ساكت عن الشيء فاسكتوا عنه لأن أعظم الناس جرما من سأل عن مسألة حلال فحرمت
من أجل مسألته أو عن مسألة غير واجبة فوجبت من أجل مسألته.
لكن بعد موت
النبي ﷺ لا بأس أن يسأل الناس العلماء عن أمور
دينهم لأن الشرع انتهى ما في تحليل ولا تحريم ولا إيجاب ولا إسقاط.
فهذا هو مراد
الرسول ﷺ بأن تسأل ولا تقل: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة:١٠١] اسأل.
ثم بين الرسول -
عليه الصلاة والسلام -: أن ما أهلك الذين من قبلنا كثرة سؤالهم واختلافهم على
أنبيائهم يعني أنهم يسألون، يسألون فهلكوا. وانظر إلى أصحاب البقرة حين قال لهم
موسى - عليه الصلاة والسلام - اذبحوا بقرة وخذوا جزءا منها واضربوا به القتيل وكان
القتيل من بين قبيلتين أو طائفتين قتل فادعت إحدى الطائفتين على الأخرى أنها قتلته
فأنكروا وهو ميت وليس يوجد شهود.
فجاءوا إلى موسى
- عليه الصلاة والسلام - فأمرهم بأمر الله أن يذبحوا بقرة، لو ذبحوا أي بقرة تلك
الساعة لحصل لهم المقصود لكن جعلوا يسألون: ما هي، ما لونها، ما هي حتى شددوا فشدد
الله عليهم، فذبحوها، وما كادوا يفعلون.
فالحاصل أن كثرة
المسائل والاختلاف على الأنبياء من أسباب الهلاك وهذا كله كما قلت في عهد النبوة
عهد التشريع.
أما الآن فاسأل
عن كل ما تحتاج إلى السؤال عنه ولا حرج عليك.
أما أغلوطات
المسائل، وألغاز المسائل والأشياء التي يقصد بها التشدد، والتعنت فهذه منهي عن
السؤال عنها لقول النبي ﷺ: «هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون» والله أعلم.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
باب الحج
Reviewed by احمد خليل
on
6:50:00 م
Rating:
ليست هناك تعليقات: