شرح حديث / ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار
كتاب الحج
شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن
عثيمين رحمه الله
شرح حديث /
ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار
١٢٨١ – عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:
سئل النبي ﷺ: أي العمل أفضل؟ قال: «إيمان بالله ورسوله» قيل: ثم ماذا؟ قال: «الجهاد في سبيل الله» قيل ثم ماذا؟ قال: «حج مبرور» متفق عليه.
المبرور: هو الذي لا يرتكب صاحبه فيه معصية.
١٢٨٢ - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول
الله ﷺ يقول: «من
حج فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه» متفق عليه.
١٢٨٣ - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله ﷺ قال: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» متفق عليه.
١٢٨٤ - وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قلت يا
رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ فقال: «لكن
أفضل الجهاد: حج مبرور» رواه البخاري.
١٢٨٥ - وعن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله ﷺ قال: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة» رواه مسلم.
١٢٨٦ - وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي ﷺ قال: «عمرة في رمضان
تعدل عمرة أو حجة معي» متفق عليه.
الشرح
هذه الأحاديث
ذكرها النووي - رحمه الله - في كتابه (رياض الصالحين) في باب: وجوب الحج وفضله.
وهي تدل على
أمور:
الأمر الأول: أن
الحج المبرور في المرتبة الثالثة بالنسبة لأفضل الأعمال فقد سئل النبي ﷺ أي الأعمال أفضل قال: «إيمان بالله» ثم ماذا قال: «الجهاد في سبيل الله» ثم قال الثالث: «حج مبرور» فالحج المبرور هو الذي اجتمعت فيه أمور.
الأمر الثاني:
أن يكون خالصا لله بأن لا يحمل الإنسان على الحج إلا ابتغاء رضوان الله والتقرب
إليه سبحانه وتعالى لا يريد رياءا ولا سمعة ولا أن يقول الناس فلان حج وإنما يريد
وجه الله.
الثالث: أن يكون
الحج على صفة حج النبي ﷺ
يعني: أن يتبع الإنسان فيه الرسول ﷺ ما استطاع.
الرابع: أن يكون
من مال مباح ليس حراما بأن لا يكون ربا، ولا من غش، ولا من ميسر، ولا غير ذلك من
أنواع المفاسد المحرمة بل يكون من مال حلال ولهذا قال بعضهم:
إذا حججت بمال
أصله سحت ...
فما حججت ولكن
حجت العير
يعني الإبل حجت
أما أنت فما حججت لماذا لأن مالك حراما.
الخامس: أن
يجتنب فيه الرفث والفسوق والجدال، لقول الله تعالى: {فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا
رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٧].
فيجتنب الرفث:
وهو الجماع ودواعيه.
ويجتنب الفسوق:
سواء كان في القول المحرم الغيبة النميمة والكذب أو الفعل كالنظر إلى النساء وما
أشبه ذلك لا بدَّ أن يكون قد تجنب فيه الرفث والفسوق.
والجدال:
المجادلة والمنازعة بين الناس في الحج هذه تنقص الحج كثيرا.
اللهم إلا جدالا
يراد به إثبات الحق وإبطال الباطل فهذا واجب فلو جاء إنسان مبتدع يجادل والإنسان
محرم فإنه لا يتركه بل يجادله ويبين الحق لأن الله أمر بذلك: {ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ
بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: ١٢٥] لكن الجدال من
غير داع يتشاحنون أيهم يتقدم، أو عند رمي الجمرات، أو عند المطار أو ما أشبه ذلك
هذا كله مما ينقص الحج فلابد من ترك الجدال فالحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.
ومن حج ولم
يرفث، ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه أي رجع من الذنوب نقيا لا ذنوب عليه كيوم ولدته
أمه.
وفي حديث عائشة
الذي سألت فيه النبي ﷺ نرى الجهاد أفضل الأعمال قال: لكن أفضل العمال حج مبرور هذا بالنسبة
للنساء.
فالنساء جهادهن
هو الحج أما الرجال فالجهاد في سبيل الله أفضل من الحج إلا الفريضة فإنها أفضل من
الجهاد في سبيل الله لأن الفريضة ركن من أركان الإسلام.
وفي هذه
الأحاديث عموما دليل على أن الأعمال تتفاضل بحسب العامل. ففي حديث أبي هريرة قال
رسول الله ﷺ:
أفضل الأعمال الإيمان بالله ثم الجهاد في سبيل الله ثم الحج وفي حديث ابن مسعود
أنه سأل النبي ﷺ: أي الأعمال أحب إلى الله قال: الصلاة على وقتها قال ثم أي قال: بر
الوالدين قال ثم أي قال: الجهاد في سبيل الله.
فكل يخاطب بما
يليق بحاله وكما قال رسول الله ﷺ للرجل: الذي قال: أوصني قال: لا تغضب قال أوصني قال: لا تغضب قال أوصني
قال: لا تغضب.
ما قال أوصيك
بتقوى الله وبالعمل الصالح لأن هذا الرجل يليق بحاله أن يوصي بترك الغضب لأنه غضوب
فالرسول ﷺ
يخاطب كل إنسان بما يليق بحاله ويعلم هذا بتتبع الأدلة العامة في الشريعة وبيان
مراتب الأعمال.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
شرح حديث / ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار
Reviewed by احمد خليل
on
8:05:00 م
Rating:
ليست هناك تعليقات: