كتاب الفضائل باب الحث على حضور الجماعة في الصبح
والعشاء
شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن
عثيمين رحمه الله
شرح حديث / من
صلى العشاء في جماعة
أحاديث
رياض الصالحين: باب الحث على حضور الجماعة في الصبح والعشاء
١٠٧٨
- عن عُثْمان بن عفان -رضي اللَّه عنْه- قال: سُمعتْ رسول اللَّه ﷺ يقول: «مِن صلَّى العشَاء فِي جماعة فكأنَّمَا قام نِصْف اللَّيْل،
ومن صلَّى الصُّبْح فِي جماعة فكأنَّمَا صلَّى اللَّيْل كُلُّه» رواه
مُسْلم.
وفي رِواية التِّرْمذي عن عُثْمان بن
عفان -رضي اللَّه عنْه- قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «مِن شهد العشَاء فِي جماعة كان لَه قِيام نِصْف لَيْلة، ومن
صلَّى العشَاء والْفَجْر فِي جماعة كان لَه كقيام لَيْلة» قال التِّرْمذي:
حديث حُسْن صحيح.
١٠٧٩
- وعن أبي هُريْرة -رضي اللَّه عنْه- أنَّ رسول اللَّه ﷺ قال: «ولو يعْلمون مَا فِي العتَمة والصُّبْح لِأتوهَّمَا ولو
حبْوًا» مُتَّفق عليْه.
وقد
سبق بِطوله (اُنْظر الحدِيث رقْم: ١٠٤٠).
١٠٨٠
- وعن أبي هُريْرة -رضي اللَّه عنْه- قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لَيْس صلاة أثْقل على المنافقين مِن صلاة الفجْر والْعشاء
ولو يعْلمون مَا فِيهمَا لِأتوهَّمَا ولو حبْوًا» مُتَّفق عليْه.
الشرح:
قال
المؤلف النووي رحمه الله، في كتابه رياض الصالحين باب فضل صلاة الفجر وصلاة
العشاء. يعني: في جماعة، ونص على هاتين الصلاتين لما فيهما من الأجر الكثير ففي
حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه، أن الإنسان إذا صلى العشاء والفجر في جماعة
فكأنما صلى الليل كله، أي: فكأنه قام يصلي الليل كله، العشاء نصف الليل والفجر نصف
الليل وهذا فضل عظيم يعني: كأنك قائم الليل كله وأنت في فراشك إذا صليت الفجر في
جماعة والعشاء في جماعة.
وقال
ﷺ
كما في حديث أبي هريرة: «لو يعلمون ما في العتمة وصلاة الفجر لأتوهم ولو
حبوا» العتمة هي العشاء والفجر معروف لو يعلمون ما فيهما من الأجر والثواب لأتوهم يحبون
على الأرض كما يحبو الصبي لما فيهما من الأجر العظيم، وكذلك الحديث الذي بعده لأبي
هريرة أيضا أن أثقل الصلوات على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر؛ لأن المنافقين
يصلون رياء وسمعه، وصلاة العشاء والفجر ظلمة لا يشاهدون فهم يأتون إليهما كرها،
لكن الظهر والعصر والمغرب يأتون؛ لأن الناس يشاهدونهم فهم يراءون الناس ولا يذكرون
الله إلا قليلا والعشاء والفجر ما فيهما مراءاة؛ لأنها ظلمة وفي عهد النبي ﷺ لم تكن توجد أنوار ولا
سرج فلا يشاهدهم أحد فيكون حضورهم العشاء والفجر ثقيلا عليهم لفوات المراءاة هذا
من وجه.
ومن
وجه آخر أن صلاة العشاء والفجر وقت الراحة والنوم ففي عهد الرسول ﷺ كان الناس لا يسهرون
كما يسهر الناس اليوم ينامون مبكرين بعد صلاة العشاء، والفجر يقومون ومنهم من يمن
الله عليه بقيام ومنهم من يقوم لصلاة الفجر فهما ثقيلتان على المنافقين فينبغي
للإنسان أن يحرص على صلاة العشاء والفجر، لكن صلاة العشاء ليست أفضل من صلاة العصر
فصلاة العصر أفضل ولهذا صارت صلاة الفجر قرينة للعصر وقرينة للعشاء فهي قرينة
للعصر، كما سبق: «من صلى البردين دخل الجنة»
وقال ﷺ:
«إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر فإن
استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس (الفجر) وصلاة قبل غروبها (العصر) فافعلوا»
وهي أي: صلاة الفجر مع العشاء أيضا إذا اجتمعتا فكأنما قام الإنسان الليل كله.
وكذلك
أيضا لو يعلم الناس ما في العشاء والفجر لأتوهما ولو حبوا فاحرص أخي المسلم على
جميع الصلوات كن محافظا عليها.
فإن الله -عز وجل- يقول: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي
صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُم ْعَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ
هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُروجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا
عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ
مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُون
وَالَّذِينَ همْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى
صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ
الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالدُونَ} [المؤمنين: ١-١١] فذكر الله الصلاة
في أول الأوصاف الحميدة وفي آخرها.
وقال
تعالى في سورة المعارج: {إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ
هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا
إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ}
[المعارج: ١٩-٢٣].
وفي
آخر الأوصاف الحميدة قال: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ
صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [المعارج: ٢٩]، وفي هذا يعرف أن الصلاة أعظم
الأعمال بعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، جعلني الله وإياكم من
مقيمي الصلاة ومؤتي الزكاة المحافظين على أداء فرائض الله واجتناب محارمه.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ
جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال