شرح حديث / لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول
كتاب
الفضائل -باب فضل
الأذان
شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن
عثيمين رحمه الله
أحاديث رياض الصالحين
باب فضل الأذان الحديث رقم 1040
عن
أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ
قال: (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم
يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا
إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا) متفق عليه.
(الاستهام): الاقتراع (والتهجير)
التبكير إلى الصلاة.
الشَّرْحُ
قال
المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه (رياض الصالحين) باب الأذان يعني في فضله وما ورد
فيه والأذان هو الإعلام بالصلاة أي بدخول وقتها إن كانت مما يقدم أو بفعلها إن
كانت مما يؤخر هذا هو الأذان يعني ينادي الإنسان فيعلم الناس أن الوقت قد دخل في
صلاة المغرب والفجر والعصر والظهر إلا أن يبردوا بها وكذلك في العشاء إذا أخروها
فالأذان كذلك يؤخر وإلا فإنه يؤذن عند دخول الوقت لقول النبي ﷺ: (إذا حضرت الصلاة
فليؤذن لكم أحدكم) والأذان المشروع هو الذي يؤذن للصلوات الخمس وفرض في
السنة الثانية من الهجرة بعد أن هاجر النبي ﷺ
إلى ولكن ليست لها بل لأجل الإعلان أن وقت السحور قد حل والجمعة لها أذان أول من
سنة عثمان رضي الله عنه وهو أحد الخلفاء الراشدين الذين أمرنا باتباع سنتهم قال
بعض المتحذلقين الذين يدعون أنهم سلفيون سنيون إن أذان الجمعة الأول لا نقبله لأنه
بدعة لم يكن على عهد النبي ﷺ وهذا القول منهم
قدح للنبي ﷺ وقدح بالخلفاء الراشدين وقدح
بالصحابة رضي الله عنهم وهؤلاء المساكين وصلوا إلى هذا الحد من حيث لا يعلمون أما
كونه قدحا بالرسول ﷺ فلأن النبي قال: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي)
وبإجماع المسلمين أن عثمان رضي الله عنه من الخلفاء الراشدين وأما كونه قدح
بالخلفاء الراشدين فهو قدح بعثمان رضي الله عنه وهو منهم والقادح في واحد منهم
قادح في الجميع كما أن المكذب للرسول الواحد مكذب بجميع الرسل وأما كونه قدحا في
الصحابة فلأن الصحابة لم ينكروا على عثمان رضي الله عنه مع أنه لو أخطأ لأنكروا
عليه كما أنكروا عليه الإتمام في (منى) في الحج لكن في أذان الجمعة الأول لم
ينكروا عليه فهل هؤلاء المتحذلقون المخالفون أعلم بشريعة الله ومقاصدها من
الصحابة؟ لكن صدق رسول الله ﷺ (إن آخر هذه الأمة يلعن أولها آخرها) والعياذ بالله
ويقدح فيهم فالأذان الأول للجمعة أذان شرعي بإشارة النبي ﷺ
وسنة أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه وبإجماع الصحابة الإجماع السكوتي ولا عذر
لأحد وقطع الله لسان من يعترض على خلفاء هذه الأمة الراشدين وعلى الصحابة قد يقول
قائل لماذا لم يشرعه الرسول ﷺ والجمعة موجودة
في عهده؟ والجواب أن السبب هو أن الناس في عهد عثمان كثروا واتسعت المدينة
واحتاجوا إلى أذان ينبههم يكون قبل الأذان الأخير الذي يكون عند مجيء الإمام فكان
من الحكمة أن يؤذن وعثمان رضي الله عنه بني على أساس فهاهو النبي ﷺ يأمر بلالا أن يؤذن بآخر الليل لا لأن الصلاة حلت
ولكن ليوقظ النائم ويرجع القائم فهو مقصد شرعي ولا إشكال في شرعية أذان الجمعة
الأول إذا فالأذان الأول ليوم الجمعة مشروع بسنة الخلفاء الراشدين وإيماء سيد
المرسلين محمد وإجماع الصحابة الذين أدركوا هذا أما الأذان في آخر الليل فإنه
مشروع بسنة النبي ﷺ في رمضان لإيقاظ النائم
وإرجاع القائم لكن هل يشرع في غير رمضان؟ نقول لعله قياسا على فعل عثمان رضي الله
عنه نرى أنه لا بأس به وهنا مسألة ثانية الصلاة خير من النوم زعم بعض المتأخرين
أنها تقال في الأذان الأول الذي قبل الفجر وأخطئوا خطأ عظيما لأن النبي ﷺ أمر بلالا أن يقولها في أذان الفجر قال: (إذا أذنت الأول في صلاة الصبح فقل الصلاة خير من النوم)
ومعلوم أن الأذان للصلاة لا يكون إلا بعد دخول وقتها لقول النبي ﷺ: (إذا حضرت الصلاة
فليؤذن لكم أحدكم) وسمى أذانا أولا باعتبار الإقامة لأن الإقامة أذان ثان
كما قال النبي ﷺ: (بين
كل أذانين صلاة) وجاء في صحيح مسلم رحمه الله من حديث عائشة رضي الله عنها
قالت فإذا أذن للأذان الأول للفجر قام النبي ﷺ
حتى يأتيه المؤذن فيؤذنه لصلاة الفجر وهذا صريح في أن أذان الفجر الأول يكون بعد
دخول الوقت وأما الأذان آخر الليل فليس أذانا للفجر بل هو أذان للنائمين ليقوموا
وللقائمين ليرجعوا ويتسحروا إذا كان ذلك في رمضان والأذان من أفضل الأعمال وهو
أفضل من الإمامة يعني أن مرتبة المؤذن في الأجر أفضل من مرتبة الإمام لأن المؤذن
يعلن لتعظيم الله وتوحيد الله والشهادة للرسول بالرسالة وكذلك أيضا يدعو الناس إلى
الصلاة والفلاح في اليوم والليلة خمس مرات أو أكثر والإمام لا يحصل منه ذلك
والمؤذن لا يسمع صوته شجر ولا حجر ولا مدر إلا شهد له يوم القيامة ولهذا كان
الأذان مرتبته في الشرع أعلى من مرتبة الإمامة فإن قال قائل إذا كان كذلك لماذا لم
يكن الرسول ﷺ يؤذن ولا الخلفاء الراشدون أجاب
العلماء عن هذا بأن النبي ﷺ والخلفاء الراشدين
كانوا مشغولين بمصالح العباد لأنهم خلفاء أئمة يدبرون أمة الأمة والأذان في عهد
الرسول ﷺ ليس كالأذان في وقتنا الآن إذا أراد
الإنسان أن يؤذن ليس عليه سوى أن ينظر إلى الساعة ويعرف الوقت حل أو لم يحل لكن في
عهد الرسول ﷺ يراقبون الشمس ويتابعون الظل حتى
يعرفوا أن الشمس قد زالت وكذلك أيضا يراقبونها حتى يعرفوا أنها غربت ثم يراقبون
الشفق ثم يراقبون الفجر ففيه صعوبة عظيمة؟ لذلك كان النبي ﷺ والخلفاء الراشدون لا يتولون الأذان لا لأن فضلة أقل من الإمامة
ولكن لأنهم مشغولون بما هم فيه عن الأذان وقد بين النبي ﷺ
فضيلته بأن الناس لو يعلمون ما فيه النداء ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه
لاستهموا سبحان الله معنى هذا أن الناس لو يعلمون ما في الأذان من فضل وأجر لكانوا
يقترعون أيهم الذي يؤذن بينما الناس الآن مع الأسف يتدافعون هذا يقول أذن وهذا
يقول بل أذن أنت وهكذا فينبغي عليك إذا كنت في رحلة أن تحرص أن تكون أنت المؤذن
لكن معلوم أن الرحلة لها أمير سواء سفر أو نزهة فإذا نصب الأمير شخصا للأذان فليس
لأحد أن يتقدم ويؤذن لأنه صار مؤذنا راتبا وكذلك إذا قال لأحدهم أنت الإمام صار هو
الإمام ولا أحد يتقدم عليه لقول النبي ﷺ: (لا يؤمن رجل رجلا في سلطانه إلا بإذنه) وفق الله
الجميع لما فيه الخير والصواب.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ
جَنّات النَعيمْ
تقبل
الله منا ومنكم صالح الأعمال
شرح حديث / لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول
Reviewed by احمد خليل
on
3:59:00 م
Rating:
ليست هناك تعليقات: