شرح حديث / لا تجعلوا بيوتكم مقابر
كتاب
الفضائل -باب الحث على سور وآيات مخصوصة
شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن
عثيمين رحمه الله
شرح حديث / أي
آية من كتاب الله معك أعظم
باب
الحث على سور وآيات مخصوصة الحديث رقم 1025-1026
1025
-وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ
قال: (لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة (رواه
مسلم.
1026
-وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ:
(يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟
قلت: الله لا إله إلا هو الحي القيوم، فضرب في صدري وقال: (ليهنك العلم أبا المنذر (رواه
مسلم.
الشرح
هذه
الأحاديث في بيان فضل آيات أو سور من القرآن الكريم منها سورة البقرة نقل المؤلف
رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ
قال (لا تجعلوا بيوتكم مقابر) قال العلماء
معنى ذلك لا تتركوا الصلاة فيها يعني صلوا في بيوتكم وإنما سمى البيوت في حال عدم
الصلاة فيها مقابر لأن المقبرة لا تصح الصلاة فيها كما جاء في الحديث عن النبي ﷺ أنه قال (الأرض كلها
مسجد إلا المقبرة والحمام) وقال (لا تصلوا إلى
القبور ولا تجلسوا عليها) فالمقبرة لا تصح فيها صلاة النافلة ولا الفريضة
ولا سجدة التلاوة ولا سجدة الشكر ولا أي شيء من الصلوات إلا صلاة واحدة وهي صلاة
الجنازة إذا صلى على الجنازة في المقبرة فلا بأس سواء كان ذلك قبل الدفن أم بعده
لكن بعد الدفن لا يصلى عليها في أوقات النهي يعني مثلا لو جئت لحضور جنازة بعد
صلاة العصر ووجدت أنهم قد دفنوها فلا تصل عليها لأنه يمكنك أن تصلي في وقت آخر غير
وقت النهي كالضحى مثلا وأما إذا جئت وهم لم يدفنوها لكن قد وضعت في الأرض للدفن
فلا بأس أن تصلي عليها ولو كان ذلك بعد العصر لأنه في هذه الحال تكون صلاة لها سبب
والصلاة التي لها سبب ليس عنها وقت نهي.
ثم
أخبر ﷺ أن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ
فيه سورة البقرة يعني إذا قرأت في بيتك سورة البقرة فإن الشيطان يفر منها ولا يقرب
البيت والسبب أن في سورة البقرة (آية الكرسي) ويدل لهذا ما بعد الحديث الذي ذكره
المؤلف حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أن النبي ﷺ
سأله أي آية في كتاب الله أعظم قال آية الكرسي فضرب النبي ﷺ على صدره وقال ليهنك العلم يا أبا المنذر يعني هنأه حيث علم أن
أعظم آية في كتاب الله (آية الكرسي) لأن هذه
الآية مشتملة على عشر صفات من صفات الله عز وجل يقول عز وجل: ﴿
اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ
الْقَيُّومُ ﴾ففي هذا إخلاص
التوحيد لله عز وجل ومعنى ﴿ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ﴾أي
لا معبود بحق إلا هو جل وعلا فجميع المعبودات من دون الله معبودة بغير حق حتى وإن
سميت آلهة فإنما هي أسماء سموها ما أنزل الله بها من سلطان ﴿ الْحَيُّ الْقَيُّومُ
﴾يعني الكامل في حياته وفي قيوميته فهو الحي الكامل في حياته لم يسبق حياته عدم
ولا يلحقها فناء لأنه الأول الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده شيء قال الله
عز وجل: ﴿
كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾
]سورة الرحمن:26-27[قال
بعض السلف ينبغي لمن قرأ بهذه الآية ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ﴾ألا
يقف بل يقول ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَىٰ
وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾.
﴿ كُلُّ مَنْ ﴾لأجل أن يتبين في ذلك نقص المخلوقات وكمال الخالق جل وعلا فهو
سبحانه وتعالى الحي الكامل في حياته كذلك حياته لا يلحقها نقص بوجه من الوجوه
وحياة غيره كلها نقص انظر حياتك أنت إن جئت بالسمع فسمعك ناقص لا تسمع كل شيء
البصر كذلك الصحة كذلك وما أكثر الأمراض التي تصيب الناس وهكذا بقية أسباب الحياة
ناقصة.
أما
الرب عز وجل فهو كامل الحياة ﴿ الْقَيُّومُ ﴾معناها القائم بنفسه
القائم على غيره يعني معنى القائم بنفسه لا يحتاج لغيره ﴿ وَمَن
كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾]
سورة
ال عمران:97[و﴿ إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ ۖ وَلَا يَرْضَىٰ
لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ۖ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ﴾] سورة الزمر:7[فهو غني وفي الحديث القدسي أنه قال
جل وعلا )يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني( فهو قائم بنفسه لا يحتاج لأحد قائم على غيره
كل من سواه فإن القائم عليه هو الله عز وجل قال الله تعالى: ﴿ أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ﴾] سورة الرعد:33[يعني كمن لا يملك شيئا والقائم على
كل نفس بما كسبت هو الله عز وجل.
إذا﴿
الْقَيُّومُ ﴾له معنيان القائم بنفسه والقائم
على غيره﴿ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ﴾.
السنة
هي النعاس والنعاس هو مقدمة النوم والنوم معروف الله عز وجل لا تأخذه سنة ولا نوم
والإنسان تأخذه السنة ويأخذه النوم اختار أم لم يختر أحيانا ينام الإنسان وهو يصلي
ينعس وهو يكلم الناس لكن الله عز وجل لا تأخذه سنة ولا نوم لكمال حياته وكمال
قيوميته وفي الحديث الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال): إن الله
لا ينام ولا ينبغي له أن ينام (يعني
مستحيل غاية الاستحالة أن ينام عز وجل لأنه كامل الحياة كامل القيومية من يقوم على
الخلق لو نام الخالق لا أحد فهو جل وعلا لا تأخذه سنة ولا نوم والله أعلم.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ
جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
شرح حديث / لا تجعلوا بيوتكم مقابر
Reviewed by احمد خليل
on
5:21:00 م
Rating:
ليست هناك تعليقات: