شرح حديث/ كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل
الأربعين النووية
شرح العلامة الشيخ عبد
العزيز بن عبد الله بن باز
شرح
حديث/ كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل
الحديث الأربعون: كن في الدنيا كأنك غريب.
عَنْ
اِبْنِ عُمَرْ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: أَخْذُ رَسُولِ اَللَّهِ ﷺ بِمَنْكِبِي فَقَال :
«كُنَّ فِي اَلدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ
عَابِرِ سَبِيلٍ» وَكَانَ اِبْن عُمَرْ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا-
يَقُولُ: إِذَا أَمْسَيْتُ فَلَا تَنْتَظِرُ اَلصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحَتْ
فَلَا تَنْتَظِرُ اَلْمَسَاءَ. وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ
حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ. رواه البخاري.
الشَّيْخ:
اَلحدِيث
الأرْبعون: عن اِبْن عُمَر -رَضِي اَللَّه عَنهُما- قال: أَخْذ رَسُول اَللَّه ﷺ بِمنْكِبي، فَقَال: «كُنَّ فِي اَلدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرِ
سَبِيلٍ»، اَلغرِيب أو عَابِر اَلسبِيل إِنَّما يَهتَم بِالزَّاد اَلذِي
يُوَصله، وَيَردَّه إِلى بِلاده، وليْس لَه الرَّغْبة فِي اَلوُقوف فِي محلِّ
اَلغُربة.
فالْمؤْمن
فِي هَذِه الدَّار كالْغريب أو عَابِر اَلسبِيل، يَنبَغِي لَه أن يَشتَغِل بِمَا
يُعدُّه لِآخرَته، وَبمَا يُوَصله إِلى دار السَّلَام، وَألَّا يَشتَغِل عن هذَا
بِمَا يَصُده عن دار السَّلَام، وعن أَسبَاب السَّعادة؛ وَلِهذَا كان اِبْن عُمَر
-رَضِي اَللَّه عَنْه- يَقُول: "إِذَا أَمْسَيْتُ فَلَا تَنْتَظِرُ
اَلصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحَتْ فَلَا تَنْتَظِرُ اَلْمَسَاءَ. وَخُذْ مِنْ
صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ".
وَمِن
فَوائِد هذَا اَلحدِيث: أنَّ تَقرَّب الأجل، وتحذِّر الرُّكون إِلى الدُّنْيَا
وَطُول الأمل، وأن تَأخُذ مِن صِحَّتك لِمرضك، وَمِن حَياتِك لِموْتك، وهكذَا مِن
غِنَاك لِفقْرك، وَمِن فَراغِك لِشغْلك، حَتَّى تَكُون أوْقاتك مَعمُورة
بِالْخَيْر، وترْك اَلشَّر، كمَا أنَّ اَلغرِيب وَعابِر السَّبْيل هَكذَا، إِنَّما
يَهتَم بِمَا يُوَصله إِلى وَطنِه، ويعيِّنه على قَطْع المسافة، فيتزَوَّد لِذَلك
بِمَا يُعَينه على السَّلامة فِي اَلطرِيق، هَكذَا اَلمُؤمن مُسَافِر فِي هذَا
الدَّار، يَقطَع مَراحِل كُلِّ يَوْم، يَقطَع مَراحِل كُلِّ لَيلَة؛ بل كُلُّ
سَاعَة يَقطَع مَراحِل تَوصلِه إِلى أَجلِه وتوصُّله إِلى مَصيرِه، فَإمَّا
الجنَّة وَإمَّا النَّار، هَكذَا الإنْسان فِي هَذِه الدَّار سَائِر مُسَافِر، والسَّاعات
والدَّقائق والثَّواني والْأيَّام واللَّيالي كُلهَا مَراحِل، كُلُّ مَرْحَلة
تَقربِه إِلى أَجلِه، تَقربُه مِن مَصيرِه.
نَسأَل
اَللَّه التَّوْفيق والْهداية.
الحمد
لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن
المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح
الأعمال
اللهم اخرجنا من ضلمات وهم الي نور فهم
ردحذف