شرح حديث / إن أمي افتلتت نفسها وأراها لو تكلمت تصدقت
كتاب
عيادة المريض - باب
الصدقة عن الميت والدعاء له
شرح العلامة الشيخ محمد بن صالح بن
عثيمين رحمه الله
شرح حديث / إن أمي افتلتت نفسها وأراها لو تكلمت
تصدقت
أحاديث رياض الصالحين
باب الصدقة عن الميت والدعاء له: الحديث رقم 955 -
956
قال
الله تعالى ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ
يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا
بِالْإِيمَانِ﴾
955
- وعن عائشة رضي الله عنها أن رجلا قال للنبي ﷺ
إن أمي افتلتت نفسها وأراها لو تكلمت تصدقت فهل لها
من أجر إن تصدقت عنها قال (نعم) متفق عليه
956
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال (إذا
مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو
له) رواه مسلم
الشرح
قال
المؤلف في رياض الصالحين باب الصدقة عن الميت والدعاء له ثم ساق قول الله تعالى ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ
لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي
قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾.
﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ﴾ أي من بعد
الصنفين السابقين وهم المهاجرون والأنصار الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم
لأن هذه الأمة ثلاثة أقسام: مهاجرون أنصار ومن جاءوا من بعدهم وقد جمع الله ذلك في
آيتين في القرآن منها قوله تعالى ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ
وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾
وكذلك في سورة الحشر ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن
دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا
وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ
يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً
مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ
ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ
لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ﴾
فإذا رأيت الرجل يترحم على الصحابة ويستغفر لهم ويحبهم فاعلم أنه منهم أي يحشر
معهم وإذا رأيت الرجل يسب الصحابة ولا يترحم عليهم ولا يستغفر لهم فإنهم بريئون
منه وهو بريء منهم وليس له حظ في هذه الأمة لأن الصحابة هم الواسطة بيننا وبين
رسول الله ﷺ الذين بلغوا شريعة الله عن رسول
الله، والرسول ﷺ هو الواسطة التي بيننا وبين
ربنا الذي بلغنا كلام ربنا فإذا طعن أحد في الواسطة التي بيننا وبين رسول الله فهو
طعن في الشريعة كلها وخاصة الطعن في أبي بكر وعمر لأنهما أفضل اتباع الرسل على
الإطلاق ليس في أتباع موسى ولا إبراهيم ولا عيسى ولا محمد أفضل من أبي بكر وعمر
فمن طعن فيهما فإنه ليس في قلبه شيء من الإيمان والعياذ بالله وكذلك من سب الصحابة
وقدح فيهم فإنه قدح في دين الله عز وجل ولهذا قال ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ
لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ﴾
ثم استدل بحديث عائشة رضي الله عنها أن رجلا قال يا رسول الله إن أمي افتلتت نفسها
يعني ماتت ولو تكلمت لتصدقت أفأتصدق عنها قال نعم
فدل ذلك على جواز الصدقة على الميت فتنوي إذا أردت أن تتصدق أن هذه عن أمك عن أبيك
عن أخيك عن أختك عن أي إنسان مسلم ميت فإن ذلك ينفعه.
وأما
الدعاء للميت ففي حديث أبي هريرة إذا مات الإنسان انقطع عمله لأن دار العمل هي دار
الدنيا فإذا مات انتهى فليس هناك عمل بعد الموت إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من
ثلاث صدقة جارية يعني هو نفسه يضع وقفا عقارا أي شيء للفقراء أو علم ينتفع به يعني
من بعده أو ولد صالح يدعو له لأن غير الصالح لا يدعو لوالديه ولا يبرهما لكن
الصالح هو الذي يدعو لوالديه بعد موتهما ولهذا يتأكد علينا أن نحرص غاية الحرص على
صلاح أولادنا لأن صلاحهم صلاح لهم وخير لا حيث يدعون لنا بعد الموت وأفضل هذه
الثلاثة العلم الذي ينتفع به واضرب لكم مثلا بل أمثالا كثيرة أبو هريرة رضي الله
عنه من أفقه الصحابة بعد الرسول ﷺ يسقط أحيانا
على الأرض من شدة الجوع ومع ذلك أكثر المسلمين الآن لا يقرءون إلا رواياته فهو
الذي نقل لنا هذه الأحاديث وهي صدقة جارية إذا ما قورنت بأي صدقات أخرى في عهده.
الإمام
أحمد شيخ الإسلام ابن تيمية يدرسنا وهو في قبره لأن كتبه بين أيدينا أكبر خليفة
أكبر تاجر في عهد ابن تيمية رحمه الله هل وصل خيرهم إلينا اليوم أبدا إذا العلم
أنفع الثلاثة فالصدقة الجارية قد تتعثر والولد الصالح قد يموت لكن العلم النافع
الذي ينتفع به المسلمون باق إلى ما شاء الله فاحرص أخي على العلم فهو لا يعدله شيء
كما قال الإمام أحمد لمن صحت نيته فاحرص على العلم الشرعي وعلى مساعداته كالنحو
وما أشبه ذلك حتى ينفعك الله وينفع بك والله الموفق
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا
مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ
تقبل
الله منا ومنكم صالح الأعمال
شرح حديث / إن أمي افتلتت نفسها وأراها لو تكلمت تصدقت
Reviewed by احمد خليل
on
12:45:00 ص
Rating:
ليست هناك تعليقات: