Top Ad unit 728 × 90

أخبار المدونة

احاديث نبوية شريفة

شرح حديث/ يجمع خلق أحدكم في بطن أمة أربعين يوما

شرح أبو عبد الرحمن عصام الدين الصبابطى

شرح – حديث – يجمع – خلق – أحدكم – في – بطن – أمة – أربعين - يوما

شرح حديث/ يجمع خلق أحدكم في بطن أمة أربعين يوما


عنْ أبي عبدِ الرَّحمنِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ -رَضِي اللهُ عَنْهُ- قالَ: حدَّثنا رسولُ اللهِ ، وهو الصَّادِقُ المصْدُوقُ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذلِكَ، ثمَّ يُرْسَلُ إلَيْهِ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فيهِ الرُّوحَ، وَيُؤمَرُ بأرْبَعِ كَلِمَاتٍ: بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أوْ سَعِيدٌ. فو الله الَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ، إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقَ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلَ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فيَدْخُلَهَا، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ، فيَسْبِقَ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلَ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلَهَا» رواه البخاريُّ ومسلمٌ.

وفي طريق آخر: وفي رواية‏: "ثم يبعث اللّه ملكًا ويؤمر بأربع كلمات، ويقال‏: ‏اكتب عمله، وأجله، ورزقه، وشقي أو سعيد‏. ثم ينفخ فيه الروح".

 

الشرح:

فهذا الحديث الصحيح ليس فيه ذكر التصوير متى يكون، لكن فيه أن الملك يكتب رزقه وأجله، وعمله وشقي أو سعيد، قبل نفخ الروح وبعد أن يكون مضغة‏. ‏

وحديث أنس بن مالك الذي في الصحيح يوافق هذا وهو مرفوع قال: «‏إنَّ اللَّهَ وَكَّلَ بالرَّحِمِ ملَكًا، فيقولُ: يا ربِّ نُطفةُ، يا ربِّ علَقةٌ، يا ربِّ مُضغةٌ. فإذا أرادَ اللَّهُ أن يقضِيَ خلقَها، قال: يا ربِّ! أذَكَرٌ أم أنثى، شقيًّا أم سعيدًا، فما الرِّزقُ، فما الأجلُ؟ فيُكتَبُ كذلِك في بطنِ أمِّهِ» فبين في هذا أن الكتابة تكون بعد أن يكون مضغة.


وأما حديث حذيفة بن أسيد، فهو من أفراد مسلم، ولفظه‏: سمعت النبي
يقول‏:‏ «‏إذَا مَرَّ بالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً، بَعَثَ اللَّهُ إلَيْهَا مَلَكًا، فَصَوَّرَهَا وَخَلَقَ سَمْعَهَا وَبَصَرَهَا وَجِلْدَهَا وَلَحْمَهَا وَعِظَامَهَا، ثُمَّ قالَ: يا رَبِّ، أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟ فَيَقْضِي رَبُّكَ ما شَاءَ، وَيَكْتُبُ المَلَكُ، ثُمَّ يقولُ: يا رَبِّ، أَجَلُهُ؟ فيَقولُ رَبُّكَ ما شَاءَ، وَيَكْتُبُ المَلَكُ، ثُمَّ يقولُ: يا رَبِّ، رِزْقُهُ؟ فَيَقْضِي رَبُّكَ ما شَاءَ، وَيَكْتُبُ المَلَكُ، ثُمَّ يَخْرُجُ المَلَكُ بالصَّحِيفَةِ في يَدِهِ، فلا يَزِيدُ علَى ما أُمِرَ وَلَا يَنْقُصُ»‏‏‏.‏

فهذا الحديث، فيه أن تصويرها بعد اثنتين وأربعين ليلة، وأنه بعد تصويرها وخلق سمعها وبصرها، وجلدها ولحمها وعظامها، يقول الملك‏: ‏يا رب، أذكر أم أنثى‏؟ ومعلوم أنها لا تكون لحما وعظامًا حتى تكون مضغة، فهذا موافق لذلك الحديث في أن كتابة الملك تكون بعد ذلك، إلا أن يقال‏: ‏المراد تقدير اللحم والعظام.

‏‏ 
وقد روى هذا الحديث بألفاظ فيها إجمال بعضها أبين من بعض، فمن ذلك ما رواه مسلم أيضًا عن حذيفة، سمعت رسول اللّه 
 يقول‏: ‏‏‏«‏إنَّ النُّطفَةَ تَقعُ في الرَّحِمِ أَربعينَ لَيلةً، ثمَّ يَتسَوَّرُ علَيها الملَكُ الَّذي يَخلُقُهَا، فيقولُ: يا ربِّ أَذكَرٌ أو أُنثَى؟ فَيجعَلُه اللهُ ذَكَرًا أو أُنثَى، ثمَّ يقولُ: يا رَبِّ أَسَوِيٌّ أو غَيرُ سَوِيٍّ فَيجعَلُه اللهُ سَوِيًّا أو غَيرَ سَوِيٍّ ثمَّ يقولُ: يا رَبِّ ما رِزْقُه؟ ما أَجَلُه؟ وما خُلُقُه؟ ثمَّ يَجعَلُه اللهُ شَقِيًا أو سَعيدًا»  يَتَسَوَّرُ عليها، أي‏:‏ ينزل عليها‏‏‏.‏


فهذا فيه بيان أن كتابة رزقه وأجله، وشقاوته وسعادته، بعد أن يجعله ذكرًا أو أنثى، وسويًا، أو غير سوي‏.‏
وفي لفظ لمسلم قال‏:‏ «يَدْخُلُ المَلَكُ علَى النُّطْفَةِ بَعْدَ ما تَسْتَقِرُّ في الرَّحِمِ بِأَرْبَعِينَ -أَوْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ- لَيْلَةً، فيَقولُ: يا رَبِّ، أَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ؟ فيُكْتَبَانِ، فيَقولُ: أَيْ رَبِّ، أَذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى؟ فيُكْتَبَانِ، وَيُكْتَبُ عَمَلُهُ وَأَثَرُهُ وَأَجَلُهُ وَرِزْقُهُ، ثُمَّ تُطْوَى الصُّحُفُ، فلا يُزَادُ فِيهَا وَلَا يُنْقَصُ‏» فهذا اللفظ فيه تقديم كتابة السعادة والشقاوة، ولكن يشعر بأن ذلك يكتب بحيث مضت الأربعون.

ولكن هذا اللفظ لم يحفظه رواته كما حفظ غيره‏. ‏

ولهذا شك‏: ‏أبَعْدَ الأربعين، أو خمس وأربعين‏؟ وغيره إنما ذكر أربعين، أو اثنين وأربعين، وهو الصواب؛ لأن من ذكر اثنين وأربعين ذكر طرفي الزمان، ومن قال‏: أربعين حذفهما، ومثل هذا كثير في ذكر الأوقات، فقدم المؤخر وأخر المقدم‏. ‏أو يقال‏: ‏إنه لم يذكر ذلك بحرف‏ "‏ثم" ‏فلا تقتضي ترتيبًا، وإنما قصد أن هذه الأشياء تكون بعد الأربعين.

‏‏ 
وحينئذ فيقال‏: أحد الأمرين لازم، إما أن تكون هذه الأمور عقيب الأربعين، ثم تكون عقب المائة والعشرين، ولا محذور في الكتابة مرتين، ويكون المكتوب أولا فيه كتابة الذكر والأنثى‏. ‏

أو يقال‏: إن ألفاظ هذا الحديث لم تضبط حق الضبط‏.
‏‏ 
ولهذا اختلفت رواته في ألفاظه، ولهذا أعرض البخاري عن روايته، وقد يكون أصل الحديث صحيحًا، ويقع في بعض ألفاظه اضطراب، فلا يصلح حينئذ أن يعارض بها ما ثبت في الحديث الصحيح المتفق عليه، الذي لم تختلف ألفاظه، بل قد صدقه غيره من الحديث الصحيح، فقد تلخص الجواب أن ما عارض الحديث المتفق عليه‏: إما أن يكون موافقًا له في الحقيقة، وإما أن يكون غير محفوظ، فلا معارضة، ولا ريب أن ألفاظه لم تضبط، كما تقدم ذكر الاختلاف فيها، وأقربها اللفظ الذي فيه تقدم التصوير على تقدير الأجل والعمل، والشقاوة والسعادة، وغاية ما يقال فيه‏: إنه يقتضي أنه قد يخلق في الأربعين الثانية قبل دخوله في الأربعين الثالثة، وهذا لا يخالف الحديث الصحيح، ولا نعلم أنه باطل، بل قد ذكر النساء‏: أن الجنين يخلق بعد الأربعين، وأن الذكر يخلق قبل الأنثى‏.
‏‏ 
وهذا يقدم على قول من قال من الفقهاء‏: ‏إن الجنين لا يخلق في أقل من واحد وثمانين يومًا، فإن هذا إنما بنوه على أن التخليق إنما يكون إذا صار مضغة، ولا يكون مضغة إلا بعد الثمانين، والتخليق ممكن قبل ذلك، وقد أخبر به من أخبر من النساء، ونفس العلقة يمكن تخليقها، واللّه أعلم، وصلى اللّه على محمد وعلى آله وصحبه وسلم‏.


الحمد لله رب العالمين

اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

شرح حديث/ يجمع خلق أحدكم في بطن أمة أربعين يوما Reviewed by احمد خليل on 11:53:00 م Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.