الإعجاز العلمي في القرأن (أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما) - فذكر
شرح فضيلة
الدكتور زغلول النجار
من
أسرار القرآن
الإشارات الكونية في القرآن الكريم ومغزي دلالتها العلمية
في الوقت الذي ساد فيه الاعتقاد الخاطئ بأزلية الكون بلا بداية ولا نهاية, وعدم محدوديته إلي ما لا نهاية, وسكونه وثباته ( أي عدم حركته, علي الرغم من حركة بعض الأجرام فيه), بمعني أن هذا الكون اللانهائي الساكن كان موجودا منذ الأزل, وسيبقي إلي الأبد, وهي فرية أطلقها الكفار والملحدون من بني البشر في محاولة يائسة لنفي الخلق, والتنكر للخالق سبحانه وتعالي, في هذا الوقت نزل القرآن الكريم موجها أنظار هؤلاء الجاحدين من الكفار والمشركين والوثنيين إلي طلاقة القدرة الإلهية في إبداع خلق الكون من جرم ابتدائي واحد, وذلك في صيغة استفهام توبيخي, استنكاري, تقريعي يقول فيه ربنا تبارك وتعالي:
﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾ ( الأنبياء:30).
وهذه الآية الكريمة واضحة الدلالة علي أن الكون الذي نحيا فيه كون مخلوق له بداية, بدأ الله تعالي خلقه من جرم ابتدائي واحد مرحلة الرتق, وهو القادر علي كل شيء, ثم أمر الله تعالي بفتق هذا الجرم الابتدائي فانفتق مرحلة الفتق وتحول إلي غلالة من الدخان مرحلة الدخان, وخلق الله تعالي من هذا الدخان كلا من الأرض والسماء أي جميع أجرام السماء وما ينتشر بينها من مختلف صور المادة والطاقة مما نعلم وما لا نعلم وتعرف هذه المرحلة باسم مرحلة الإتيان بكل من الأرض والسماء, وقد جاء وصف المرحلتين الأخيرتين في الآية الحادية عشرة من سورة فصلت, والتي يقول فيها ربنا تبارك وتعالي موبخا كلا من الذين كفروا بالله تعالي فأنكروا الخلق, أو أشركوا مع الله تعالي معبودا آخر:
﴿ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ۚ ذَٰلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِّلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ استوى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا ۚ وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12) ﴾.( فصلت:9 ـ11).
وهذه الآيات القرآنية الكريمة في كل من سورتي الأنبياء وفصلت تعرض لخلق السماوات والأرض في إجمال وشمول وإيجاز, كما تعرض لعدد من الحقائق الكونية الأخرى, وتربط بينها وبين عقيدة الإيمان بالله الخالق, الواحد الأحد, الفرد الصمد, لأن عقيدة التوحيد تقوم علي أساس من الحق الذي قامت به السماوات والأرض, وكل ما فيهما من صور الخلق, ولكننا سوف نقصر حديثنا هنا علي الإشارات الواردة في تلك الآيات عن خلق السماوات والأرض, وقبل أن نفعل ذلك لابد من تأكيد حقيقة الدلالة العلمية للآيات الكونية الواردة في كتاب الله الخالق.
الدلالة العلمية للآيات الكونية في القرآن الكريم
من المسلمات أن الآيات الكونية لم ترد في كتاب الله الخالد من قبيل الإخبار العلمي المباشر للإنسان, وذلك لأن التحصيل العلمي قد ترك لاجتهاد الناس, يجمعون شواهده جيلا بعد جيل, وأمة بعد أمة, نظرا للطبيعة التراكمية للمعارف المكتسبة, ولمحدودية حواس الإنسان وقدرات عقله, ومحدودية كل من مكانه في بقعة محددة من الأرض وزمانه أي عمره.
ومع تسليمنا بهذا الفهم, وتسليمنا كذلك بأن الآيات الكونية التي أشار إليها ربنا تبارك وتعالي في محكم كتابه جاءت في مقام الاستدلال علي طلاقة القدرة الإلهية في إبداع الخلق, وللاستشهاد علي أن الله تعالي الذي أبدع هذا الخلق قادر علي إفنائه, وعلي إعادة خلقه من جديد, كما تأتي هذه الآيات الكونية في مقام الاستدلال علي وحدانية الخالق العظيم بغير شريك, ولا شبيه, ولا منازع, وتتراءي هذه الوحدانية لكل ذي بصيرة في جميع جنبات الكون, وفي كل أمر من أموره, في السماوات وفي الأرض, في الأنفس وفي الآفاق, في كل سنة من سنين الكون, وفي كل ناموس من نواميسه, وفي كل جزئية من جزئياته من الذرة إلي الخلية الحية إلي المجرة, كما تتراءي في وحدة بناء الكون, ووحدة لبناته وتأصل عناصره التي ترد كلها إلي غاز الأيدروجين وفي وحدة كل من المادة والطاقة, وفي تواصل كل من المكان والزمان, وفي وحدة بناء الخلية الحية, وفي وحدة الحياة والممات والمصير, لكل حي.
الإشارات الكونية في القرآن الكريم ومغزي دلالتها العلمية
في الوقت الذي ساد فيه الاعتقاد الخاطئ بأزلية الكون بلا بداية ولا نهاية, وعدم محدوديته إلي ما لا نهاية, وسكونه وثباته ( أي عدم حركته, علي الرغم من حركة بعض الأجرام فيه), بمعني أن هذا الكون اللانهائي الساكن كان موجودا منذ الأزل, وسيبقي إلي الأبد, وهي فرية أطلقها الكفار والملحدون من بني البشر في محاولة يائسة لنفي الخلق, والتنكر للخالق سبحانه وتعالي, في هذا الوقت نزل القرآن الكريم موجها أنظار هؤلاء الجاحدين من الكفار والمشركين والوثنيين إلي طلاقة القدرة الإلهية في إبداع خلق الكون من جرم ابتدائي واحد, وذلك في صيغة استفهام توبيخي, استنكاري, تقريعي يقول فيه ربنا تبارك وتعالي:
﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾ ( الأنبياء:30).
وهذه الآية الكريمة واضحة الدلالة علي أن الكون الذي نحيا فيه كون مخلوق له بداية, بدأ الله تعالي خلقه من جرم ابتدائي واحد مرحلة الرتق, وهو القادر علي كل شيء, ثم أمر الله تعالي بفتق هذا الجرم الابتدائي فانفتق مرحلة الفتق وتحول إلي غلالة من الدخان مرحلة الدخان, وخلق الله تعالي من هذا الدخان كلا من الأرض والسماء أي جميع أجرام السماء وما ينتشر بينها من مختلف صور المادة والطاقة مما نعلم وما لا نعلم وتعرف هذه المرحلة باسم مرحلة الإتيان بكل من الأرض والسماء, وقد جاء وصف المرحلتين الأخيرتين في الآية الحادية عشرة من سورة فصلت, والتي يقول فيها ربنا تبارك وتعالي موبخا كلا من الذين كفروا بالله تعالي فأنكروا الخلق, أو أشركوا مع الله تعالي معبودا آخر:
﴿ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ۚ ذَٰلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِّلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ استوى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا ۚ وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12) ﴾.( فصلت:9 ـ11).
وهذه الآيات القرآنية الكريمة في كل من سورتي الأنبياء وفصلت تعرض لخلق السماوات والأرض في إجمال وشمول وإيجاز, كما تعرض لعدد من الحقائق الكونية الأخرى, وتربط بينها وبين عقيدة الإيمان بالله الخالق, الواحد الأحد, الفرد الصمد, لأن عقيدة التوحيد تقوم علي أساس من الحق الذي قامت به السماوات والأرض, وكل ما فيهما من صور الخلق, ولكننا سوف نقصر حديثنا هنا علي الإشارات الواردة في تلك الآيات عن خلق السماوات والأرض, وقبل أن نفعل ذلك لابد من تأكيد حقيقة الدلالة العلمية للآيات الكونية الواردة في كتاب الله الخالق.
الدلالة العلمية للآيات الكونية في القرآن الكريم
من المسلمات أن الآيات الكونية لم ترد في كتاب الله الخالد من قبيل الإخبار العلمي المباشر للإنسان, وذلك لأن التحصيل العلمي قد ترك لاجتهاد الناس, يجمعون شواهده جيلا بعد جيل, وأمة بعد أمة, نظرا للطبيعة التراكمية للمعارف المكتسبة, ولمحدودية حواس الإنسان وقدرات عقله, ومحدودية كل من مكانه في بقعة محددة من الأرض وزمانه أي عمره.
ومع تسليمنا بهذا الفهم, وتسليمنا كذلك بأن الآيات الكونية التي أشار إليها ربنا تبارك وتعالي في محكم كتابه جاءت في مقام الاستدلال علي طلاقة القدرة الإلهية في إبداع الخلق, وللاستشهاد علي أن الله تعالي الذي أبدع هذا الخلق قادر علي إفنائه, وعلي إعادة خلقه من جديد, كما تأتي هذه الآيات الكونية في مقام الاستدلال علي وحدانية الخالق العظيم بغير شريك, ولا شبيه, ولا منازع, وتتراءي هذه الوحدانية لكل ذي بصيرة في جميع جنبات الكون, وفي كل أمر من أموره, في السماوات وفي الأرض, في الأنفس وفي الآفاق, في كل سنة من سنين الكون, وفي كل ناموس من نواميسه, وفي كل جزئية من جزئياته من الذرة إلي الخلية الحية إلي المجرة, كما تتراءي في وحدة بناء الكون, ووحدة لبناته وتأصل عناصره التي ترد كلها إلي غاز الأيدروجين وفي وحدة كل من المادة والطاقة, وفي تواصل كل من المكان والزمان, وفي وحدة بناء الخلية الحية, وفي وحدة الحياة والممات والمصير, لكل حي.
وتتراءي
وحدانية الخالق سبحانه وتعالي في تعميم الزوجية علي جميع المخلوقات من الأحياء
والجمادات, حتي يبقي الخالق في علاه, متفردا بالوحدانية فوق جميع خلقه.
ومع تسليمنا بكل ذلك فإن القرآن الكريم يبقي كلام الله الخالق, الذي أوحي به إلي خاتم أنبيائه ورسله ﷺ , وتعهد سبحانه وتعالي بحفظه باللغة نفسها التي أوحاه بها اللغة العربية فحفظ كلمة كلمة, وحرفا حرفا تحقيقا للوعد الإلهي الذي قطعه ربنا تبارك وتعالي علي ذاته العلية فقال عز من قائل:
﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ ( الحجر:9)
ولما كان القرآن الكريم هو كلام الله الخالق, وكان الكون من صنعته وإبداع خلقه, فلابد أن يكون كل حرف وكلمة وآية في القرآن الكريم حقا مطلقا, وأن تكون كل الإشارات الكونية فيه ناطقة بالحقيقة المطلقة للكون ومكوناته, ولو وعي المسلمون ذلك حق الوعي لكان لهم قصب السبق في الكشف عن العديد من حقائق هذا الكون قبل غيرهم من الأمم بقرون عديدة, وكان هذا السبق من أفضل وسائل الدعوة إلي دين الله الخاتم في زمن التقدم العلمي والتقني الذي نعيشه.
(1) العلوم المكتسبة وخلق السماوات والأرض
للعلوم المكتسبة شواهد تؤيد فكرة الانفجار العظيم منها ما يلي:
(1) توسع الكون كدليل علي الانفجار العظيم:
علي الرغم من تأكيد القرآن الكريم الذي أنزل قبل أكثر من ألف وأربعمائة من السنين حقيقة توسع الكون يقول الحق تبارك وتعالي:
﴿ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ﴾ (الذاريات:47)
فقد بقي الفلكيون إلي مطلع العشرينيات من القرن الماضي مصرين علي ثبات الكون وعدم تغيره
وفي السنوات من1914 ـ1925 م أثبت الفلكي الأمريكي ف.م سلايفر
أن معظم المجرات التي قام برصدها خارج مجرتنا درب اللبانة تتباعد عنا وعن بعضها بعضا بسرعات كبيرة.
وفي سنة1929 م تمكن الفلكي الأمريكي الشهير إدوين هبل من تأكيد ظاهرة توسع الكون, وتوصل إلي الاستنتاج الصحيح أن سرعة تباعد المجرات الخارجية عن مجرتنا تتناسب تناسبا طرديا مع بعدها عنا, وفي سنة1934 م اشترك هو وأحد من مساعديه في قياس أبعاد وسرعات تحرك32 من تلك المجرات الخارجية بعيدا عن مجرتنا وعن بعضها بعضا.
من جانب آخر استطاع علماء كل من الفيزياء النظرية والفلكية تأكيد حقيقة توسع الكون بتوظيف القوانين الرياضية في عدد من الحسابات النظرية, ففي سنة1917 م أطلق ألبرت آينشتاين نظرية النسبية العامة لشرح طبيعة الجاذبية كقوة مؤثرة في الكون المدرك, وأشارت المعادلات الرياضية المستنتجة من تلك النظرية إلي أن الكون الذي نحيا فيه كون غير ثابت, فهو إما أن يتمدد وإما أن ينكمش وفقا لعدد من القوانين المحددة له, وجاءت هذه النتيجة علي عكس ما كان يعتقد آينشتاين وجميع معاصريه من الفلكيين وعلماء الفيزياء النظرية, ولقد أصاب آينشتاين الذعر حينما أدرك أن معادلاته تنبئ ـ رغم أنفه ـ بأن الكون في حالة تمدد مستمر, فعمد إلي إدخال معامل من عنده أطلق عليه اسم الثابت الكوني ليلغي به تمدد الكون, ويؤكد ثباته واستقراره برغم دوران الأجرام التي يحتويها, وحركاتها المتعددة, ثم عاد آينشتاين ليعترف ـ أمام سيل ملاحظات الفلكيين عن تمدد الكون ـ بأن تصرفه هذا كان أكبر خطأ علمي اقترفه في حياته.
في السنوات1917 ـ1924 م قام الروسي ألكساندر فريدمان بإدخال عدد من التحسينات علي معادلات آينشتاين, وقدم نموذجين لتفسير نشأة الكون يبدأ كل منهما بحالة متفردة تتميز بكثافة لا نهائية, وتتمدد منها إلي حالات ذات كثافة أقل.
وتحدث فريدمان عن انحناء الكون, وعن تحدبه تبعا لكمية المادة الموجودة فيه, فإن كانت تلك المادة أقل من قدر معين كمية حرجة وجب أن يستمر تمدد الكون إلي الأبد, وفي هذه الحالة يكون نظام الكون مفتوحا, أما إذا كانت كمية المادة بالكون أقل من الكمية الحرجة غدت الجاذبية علي قدر من القوة بحيث تحدب الكون إلي درجة تتوقف عندها عملية التمدد في لحظة معينة من المستقبل, عندها يبدأ الكون في الانطواء علي ذاته ليعود إلي حالة الكثافة اللانهائية الأولي التي بدأ بها الكون, وفي هذه الحالة يكون نظام الكون مغلقا.
وقد أثبت كل من وليام دي سيتر في سنة1917 م وآرثر إدنجتون في سنة1930 م أن الكون كما صورته معادلات آينشتاين هو كون غير ثابت, ولكن تصور كل منهما للكون كان تصورا بدائيا, فبينما كان نموذج آينشتاين للكون نموذجا ماديا دون حركة, ونموذج دي سيتر حركيا دون مادة, جاء نموذج إدنجتون وسطا بين النموذجين بمعني أن الكون بدأ بحالة ساكنة, ثم أخذ في التمدد نظرا لطغيان قوي الدفع للخارج علي قوي الجاذبية, ولكن انطلاقا من فكر الإلحاد السائد في عصره اضطر إدنجتون إلي فرض ماض لا نهائي للكون ليتخلص من حقيقة الخلق, وشبح الانفجار الكبير والذي سماه بالبداية الكارثة.
في السنوات1934,1932 م اقترح ريتشارد تولمان نموذجا متذبذبا للكون يبدأ وينتهي بعملية الانفجار الكبير. وأخيرا اقترح آلان جوت نموذج الكون المتضخم, والذي يقترح فيه أن الكون المبكر تمدد في أول الانفجار تمددا رأسيا سريعا جدا مع سطوع فائق. ثم أخذت معدلات التوسع في التباطؤ إلي معدلاتها الحالية,
ومن منطلق إنكار الخلق ينادي الفلكيون المعاصرون بفكرة الكون المفتوح أي الذي يتمدد إلي ما لا نهاية ولكن حسابات الكتل المفقودة
تؤكد انغلاق الكون, هذا الانغلاق الذي سيقف بتمدده عند لحظة في المستقبل يعود الكون فيها إلي الانكماش والتكدس علي ذاته ليعاود سيرته الأولي.
وبالتدريج بدأت فكرة تمدد الكون إلي حد ما في المستقبل تلقي القبول من الغالبية الساحقة من علماء الفلك والفيزياء الفلكية والنظرية, وان بقيت أعداد منهم يدعون إلي ثبات الكون حتي مشارف الخمسينيات من القرن العشرين, ومن هذه الأعداد جامعة كمبردج المكونة من كل من هيرمان بوندي, وتوماس جولد, وفريد هويل. وقد قام هذا الفريق بنشر سلسلة من المقالات والبحوث في السنوات1946 م,1949,1948 م دفاعا عن النموذج الثابت للكون
ثم اضطروا إلي الاعتراف بحقيقة تمدده بعد ذلك بسنوات قليلة, ومن عجائب القدر بهؤلاء الجاحدين لحقيقة الخلق, المتنكرين لجلال الخالق سبحانه وتعالي المنادين كذبا بأزلية العالم, أن يكون أحد زعمائهم وهو فريد هويل الذي حمل لواء الادعاء بثبات الكون واستقراره وأزليته
لسنوات طويلة هو الذي يعلن بنفسه في سخرية لاذعة تعبير الانفجار الكبير للكون
وذلك في سلسلة أحاديث له عبر الاذاعة البريطانية في سنة1950 م ينتقد فيها ظاهرة تمدد الكون, ويحاول إثبات بطلانها, ثم جاء بعد ذلك بسنوات ليكون من أشد المدافعين عنها.
وكانت نظرية خلق الكون من جرم أولي واحد عالي الكثافة قد توصل إليها البلجيكي جورج لوميتر في سنة1927 م وذلك في رسالة تقدم بها إلي معهد ماشوسيتس للتقنية, دافع فيها وفي عدد من بحوثه التالية عن حقيقة تمدد الكون, ولم تلق أبحاثه أي انتباه إلي أن جاء إدنجتون في سنة1930 م ليلفت إليها الأنظار ومن هنا أطلق علي لوميتر لقب صاحب فكرة الانفجار الكبير في صورتها الأولي.
(2) بقايا الإشعاع الكوني كدليل علي الانفجار العظيم:
في سنة1948 م أعلن كل من جورج جامو وزميله رالف ألفر أن تركيز العناصر في الجزء المدرك من الكون يشير إلي أن الجرم الأولي الذي بدأ به الكون كان تحت ضغط وفي درجة حرارة لا يكاد العقل البشري أن يتصورهما, وعند انفجاره انتقلت تلك الحرارة إلي سحابة الدخان الكوني التي نتجت عن ذلك الانفجار, وسمحت بعدد من التفاعلات النووية التي أدت إلي تكون العناصر الأولية من مثل الأيدروجين والهيليوم.
وفي السنة نفسها1948 م قدم كل من الفر وهيرمان اقتراحا بأن الجرم الابتدائي للكون كان له إشعاع حراري يشابه إشعاع الأجسام المعتمة, وأن هذا الإشعاع تناقصت شدته مع استمرار تمدد الكون وتبرده, ولكن لابد أن تبقي منه بقية في صفحة السماء, إذا أمكن البحث عنها وتسجيلها, كانت تلك البقية الإشعاعية من أقوي الأدلة علي بدء خلق الكون بعملية الانفجار الكبير.
وفي سنة1964 م تمكن اثنان من علماء مختبرات بل للأبحاث وهما أرنو بنزياس وروبرت ويلسون بمحض المصادفة من اكتشاف تلك البقايا الأثرية للإشعاع الحراري الكوني علي هيئة ضوضاء لاسلكية محيرة تفد بانتظام إلي الهوائي الذي كانا قد نصباه لغاية أخري من جميع الجهات في السماء حيثما وجه الهوائي, وقدروها بثلاث درجات مطلقة ـ270 درجة مئوية ـ.
ومع تسليمنا بكل ذلك فإن القرآن الكريم يبقي كلام الله الخالق, الذي أوحي به إلي خاتم أنبيائه ورسله ﷺ , وتعهد سبحانه وتعالي بحفظه باللغة نفسها التي أوحاه بها اللغة العربية فحفظ كلمة كلمة, وحرفا حرفا تحقيقا للوعد الإلهي الذي قطعه ربنا تبارك وتعالي علي ذاته العلية فقال عز من قائل:
﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ ( الحجر:9)
ولما كان القرآن الكريم هو كلام الله الخالق, وكان الكون من صنعته وإبداع خلقه, فلابد أن يكون كل حرف وكلمة وآية في القرآن الكريم حقا مطلقا, وأن تكون كل الإشارات الكونية فيه ناطقة بالحقيقة المطلقة للكون ومكوناته, ولو وعي المسلمون ذلك حق الوعي لكان لهم قصب السبق في الكشف عن العديد من حقائق هذا الكون قبل غيرهم من الأمم بقرون عديدة, وكان هذا السبق من أفضل وسائل الدعوة إلي دين الله الخاتم في زمن التقدم العلمي والتقني الذي نعيشه.
(1) العلوم المكتسبة وخلق السماوات والأرض
للعلوم المكتسبة شواهد تؤيد فكرة الانفجار العظيم منها ما يلي:
(1) توسع الكون كدليل علي الانفجار العظيم:
علي الرغم من تأكيد القرآن الكريم الذي أنزل قبل أكثر من ألف وأربعمائة من السنين حقيقة توسع الكون يقول الحق تبارك وتعالي:
﴿ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ﴾ (الذاريات:47)
فقد بقي الفلكيون إلي مطلع العشرينيات من القرن الماضي مصرين علي ثبات الكون وعدم تغيره
وفي السنوات من1914 ـ1925 م أثبت الفلكي الأمريكي ف.م سلايفر
أن معظم المجرات التي قام برصدها خارج مجرتنا درب اللبانة تتباعد عنا وعن بعضها بعضا بسرعات كبيرة.
وفي سنة1929 م تمكن الفلكي الأمريكي الشهير إدوين هبل من تأكيد ظاهرة توسع الكون, وتوصل إلي الاستنتاج الصحيح أن سرعة تباعد المجرات الخارجية عن مجرتنا تتناسب تناسبا طرديا مع بعدها عنا, وفي سنة1934 م اشترك هو وأحد من مساعديه في قياس أبعاد وسرعات تحرك32 من تلك المجرات الخارجية بعيدا عن مجرتنا وعن بعضها بعضا.
من جانب آخر استطاع علماء كل من الفيزياء النظرية والفلكية تأكيد حقيقة توسع الكون بتوظيف القوانين الرياضية في عدد من الحسابات النظرية, ففي سنة1917 م أطلق ألبرت آينشتاين نظرية النسبية العامة لشرح طبيعة الجاذبية كقوة مؤثرة في الكون المدرك, وأشارت المعادلات الرياضية المستنتجة من تلك النظرية إلي أن الكون الذي نحيا فيه كون غير ثابت, فهو إما أن يتمدد وإما أن ينكمش وفقا لعدد من القوانين المحددة له, وجاءت هذه النتيجة علي عكس ما كان يعتقد آينشتاين وجميع معاصريه من الفلكيين وعلماء الفيزياء النظرية, ولقد أصاب آينشتاين الذعر حينما أدرك أن معادلاته تنبئ ـ رغم أنفه ـ بأن الكون في حالة تمدد مستمر, فعمد إلي إدخال معامل من عنده أطلق عليه اسم الثابت الكوني ليلغي به تمدد الكون, ويؤكد ثباته واستقراره برغم دوران الأجرام التي يحتويها, وحركاتها المتعددة, ثم عاد آينشتاين ليعترف ـ أمام سيل ملاحظات الفلكيين عن تمدد الكون ـ بأن تصرفه هذا كان أكبر خطأ علمي اقترفه في حياته.
في السنوات1917 ـ1924 م قام الروسي ألكساندر فريدمان بإدخال عدد من التحسينات علي معادلات آينشتاين, وقدم نموذجين لتفسير نشأة الكون يبدأ كل منهما بحالة متفردة تتميز بكثافة لا نهائية, وتتمدد منها إلي حالات ذات كثافة أقل.
وتحدث فريدمان عن انحناء الكون, وعن تحدبه تبعا لكمية المادة الموجودة فيه, فإن كانت تلك المادة أقل من قدر معين كمية حرجة وجب أن يستمر تمدد الكون إلي الأبد, وفي هذه الحالة يكون نظام الكون مفتوحا, أما إذا كانت كمية المادة بالكون أقل من الكمية الحرجة غدت الجاذبية علي قدر من القوة بحيث تحدب الكون إلي درجة تتوقف عندها عملية التمدد في لحظة معينة من المستقبل, عندها يبدأ الكون في الانطواء علي ذاته ليعود إلي حالة الكثافة اللانهائية الأولي التي بدأ بها الكون, وفي هذه الحالة يكون نظام الكون مغلقا.
وقد أثبت كل من وليام دي سيتر في سنة1917 م وآرثر إدنجتون في سنة1930 م أن الكون كما صورته معادلات آينشتاين هو كون غير ثابت, ولكن تصور كل منهما للكون كان تصورا بدائيا, فبينما كان نموذج آينشتاين للكون نموذجا ماديا دون حركة, ونموذج دي سيتر حركيا دون مادة, جاء نموذج إدنجتون وسطا بين النموذجين بمعني أن الكون بدأ بحالة ساكنة, ثم أخذ في التمدد نظرا لطغيان قوي الدفع للخارج علي قوي الجاذبية, ولكن انطلاقا من فكر الإلحاد السائد في عصره اضطر إدنجتون إلي فرض ماض لا نهائي للكون ليتخلص من حقيقة الخلق, وشبح الانفجار الكبير والذي سماه بالبداية الكارثة.
في السنوات1934,1932 م اقترح ريتشارد تولمان نموذجا متذبذبا للكون يبدأ وينتهي بعملية الانفجار الكبير. وأخيرا اقترح آلان جوت نموذج الكون المتضخم, والذي يقترح فيه أن الكون المبكر تمدد في أول الانفجار تمددا رأسيا سريعا جدا مع سطوع فائق. ثم أخذت معدلات التوسع في التباطؤ إلي معدلاتها الحالية,
ومن منطلق إنكار الخلق ينادي الفلكيون المعاصرون بفكرة الكون المفتوح أي الذي يتمدد إلي ما لا نهاية ولكن حسابات الكتل المفقودة
تؤكد انغلاق الكون, هذا الانغلاق الذي سيقف بتمدده عند لحظة في المستقبل يعود الكون فيها إلي الانكماش والتكدس علي ذاته ليعاود سيرته الأولي.
وبالتدريج بدأت فكرة تمدد الكون إلي حد ما في المستقبل تلقي القبول من الغالبية الساحقة من علماء الفلك والفيزياء الفلكية والنظرية, وان بقيت أعداد منهم يدعون إلي ثبات الكون حتي مشارف الخمسينيات من القرن العشرين, ومن هذه الأعداد جامعة كمبردج المكونة من كل من هيرمان بوندي, وتوماس جولد, وفريد هويل. وقد قام هذا الفريق بنشر سلسلة من المقالات والبحوث في السنوات1946 م,1949,1948 م دفاعا عن النموذج الثابت للكون
ثم اضطروا إلي الاعتراف بحقيقة تمدده بعد ذلك بسنوات قليلة, ومن عجائب القدر بهؤلاء الجاحدين لحقيقة الخلق, المتنكرين لجلال الخالق سبحانه وتعالي المنادين كذبا بأزلية العالم, أن يكون أحد زعمائهم وهو فريد هويل الذي حمل لواء الادعاء بثبات الكون واستقراره وأزليته
لسنوات طويلة هو الذي يعلن بنفسه في سخرية لاذعة تعبير الانفجار الكبير للكون
وذلك في سلسلة أحاديث له عبر الاذاعة البريطانية في سنة1950 م ينتقد فيها ظاهرة تمدد الكون, ويحاول إثبات بطلانها, ثم جاء بعد ذلك بسنوات ليكون من أشد المدافعين عنها.
وكانت نظرية خلق الكون من جرم أولي واحد عالي الكثافة قد توصل إليها البلجيكي جورج لوميتر في سنة1927 م وذلك في رسالة تقدم بها إلي معهد ماشوسيتس للتقنية, دافع فيها وفي عدد من بحوثه التالية عن حقيقة تمدد الكون, ولم تلق أبحاثه أي انتباه إلي أن جاء إدنجتون في سنة1930 م ليلفت إليها الأنظار ومن هنا أطلق علي لوميتر لقب صاحب فكرة الانفجار الكبير في صورتها الأولي.
(2) بقايا الإشعاع الكوني كدليل علي الانفجار العظيم:
في سنة1948 م أعلن كل من جورج جامو وزميله رالف ألفر أن تركيز العناصر في الجزء المدرك من الكون يشير إلي أن الجرم الأولي الذي بدأ به الكون كان تحت ضغط وفي درجة حرارة لا يكاد العقل البشري أن يتصورهما, وعند انفجاره انتقلت تلك الحرارة إلي سحابة الدخان الكوني التي نتجت عن ذلك الانفجار, وسمحت بعدد من التفاعلات النووية التي أدت إلي تكون العناصر الأولية من مثل الأيدروجين والهيليوم.
وفي السنة نفسها1948 م قدم كل من الفر وهيرمان اقتراحا بأن الجرم الابتدائي للكون كان له إشعاع حراري يشابه إشعاع الأجسام المعتمة, وأن هذا الإشعاع تناقصت شدته مع استمرار تمدد الكون وتبرده, ولكن لابد أن تبقي منه بقية في صفحة السماء, إذا أمكن البحث عنها وتسجيلها, كانت تلك البقية الإشعاعية من أقوي الأدلة علي بدء خلق الكون بعملية الانفجار الكبير.
وفي سنة1964 م تمكن اثنان من علماء مختبرات بل للأبحاث وهما أرنو بنزياس وروبرت ويلسون بمحض المصادفة من اكتشاف تلك البقايا الأثرية للإشعاع الحراري الكوني علي هيئة ضوضاء لاسلكية محيرة تفد بانتظام إلي الهوائي الذي كانا قد نصباه لغاية أخري من جميع الجهات في السماء حيثما وجه الهوائي, وقدروها بثلاث درجات مطلقة ـ270 درجة مئوية ـ.
في
الوقت نفسه كان كل من روبرت دايك وتلميذه ببلز قد استنتجا من معادلاتهما الرياضية
الفلكية أن النسب المقدرة لغازي الأيدروجين والهيليوم في الكون تؤكد الكمية
الهائلة من الإشعاع التي نتجت عن الانفجار الكبير وتدعم نظريته, ومع تمدد الكون
ضعف هذا الإشعاع بالتدريج وانخفضت درجة حرارته إلي بضع درجات قليلة فوق الصفر
المطلق ـ273 درجة مئويةـ.
في سنة1965 م قام كل من بنزياس وولسون بتصحيح قيمة البقايا الأثرية للإشعاع الحراري الكوني إلي2.73 من الدرجات المطلقة, وأثبتا أنها من الموجات الكهرومغناطيسية المتناهية في القصر, وتقدر قيمتها اليوم بأقل قليلا من قيمتها السابقة2.726 من الدرجات المطلقة.
في سنة1989 م أرسلت مؤسسة ناسا الأمريكية إلي الفضاء قمرا صناعيا لجمع المعلومات حول الإشعاع الحراري الكوني أطلق عليه اسم كوب وزود بأجهزة فائقة الحساسية أثبتت وجود تلك الأشعة الأثرية المتبقية عن عملية الانفجار العظيم.
وكان في هذا الاكتشاف التفسير المنطقي لسبب الأزيز اللاسلكي المنتظم الذي يعج به الكون والذي يأتي إلينا من مختلف أطراف الكون المدرك, والذي بقي علي هيئة صدي لعملية الانفجار الكبير, وقد منح كل من بنزياس وولسون جائزة نوبل في سنة1978 م علي اكتشافهما الذي كان فيه الدليل المادي الملموس لدعم نظرية الانفجار الكبير, والارتقاء بها إلي مقام الحقيقة شبه المؤكدة, ودفع بالغالبية الساحقة من علماء الفلك والفيزياء الفلكية إلي الاعتقاد بصحتها, وسبحان الخالق الذي أنزل في محكم كتابه من قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة قوله الحق:
﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾ ( الأنبياء:30).
في سنة1965 م قام كل من بنزياس وولسون بتصحيح قيمة البقايا الأثرية للإشعاع الحراري الكوني إلي2.73 من الدرجات المطلقة, وأثبتا أنها من الموجات الكهرومغناطيسية المتناهية في القصر, وتقدر قيمتها اليوم بأقل قليلا من قيمتها السابقة2.726 من الدرجات المطلقة.
في سنة1989 م أرسلت مؤسسة ناسا الأمريكية إلي الفضاء قمرا صناعيا لجمع المعلومات حول الإشعاع الحراري الكوني أطلق عليه اسم كوب وزود بأجهزة فائقة الحساسية أثبتت وجود تلك الأشعة الأثرية المتبقية عن عملية الانفجار العظيم.
وكان في هذا الاكتشاف التفسير المنطقي لسبب الأزيز اللاسلكي المنتظم الذي يعج به الكون والذي يأتي إلينا من مختلف أطراف الكون المدرك, والذي بقي علي هيئة صدي لعملية الانفجار الكبير, وقد منح كل من بنزياس وولسون جائزة نوبل في سنة1978 م علي اكتشافهما الذي كان فيه الدليل المادي الملموس لدعم نظرية الانفجار الكبير, والارتقاء بها إلي مقام الحقيقة شبه المؤكدة, ودفع بالغالبية الساحقة من علماء الفلك والفيزياء الفلكية إلي الاعتقاد بصحتها, وسبحان الخالق الذي أنزل في محكم كتابه من قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة قوله الحق:
﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾ ( الأنبياء:30).
وبدء
خلق الكون بعملية انفجار كبري هو من دلائل طلاقة القدرة الإلهية لأنه من المعروف
أن الانفجار بطبيعته يؤدي إلي تناثر المادة وبعثرتها ولا يخلف وراءه إلا الدمار,
أما هذا الانفجار الكوني الفتق بعد الرتق فقد أدي إلي إبداع نظام كوني له تصميم
دقيق محكم الأبعاد والعلاقات والتفاعلات, منضبط الكتل والأحجام والمسافات,
منتظم الحركة والجري والتداخلات, مبني علي الوتيرة نفسها من أدق دقائقه إلي أكبر
وحداته علي الرغم من تعاظم أبعاده, وكثرة أجرامه, وتعقيد علاقاته, وانفجار
هذه نتائجه لا يمكن أن يكون قد تم بغير تدبير حكيم وتقدير مسبق عظيم لا يقدر عليه
إلا رب العالمين, وقد أشار العالم البريطاني المعاصر ستيفن وهوكنج إلي شيء من
ذلك في كتابه المعنون تاريخ موجز للزمن الذي نشره في كندا سنة1988 م ولكن
إشاراته جاءت علي استحياء شديد نظرا لجو الإلحاد الذي يسود الغرب بصفة عامة في زمن
العلم والتقنية الذي نعيشه, والكتاب مملوء بالاستنتاجات المؤكدة لحقيقة الخلق,
وعظمة الخالق سبحانه وتعالي.
القرآن الكريم وخلق السماوات والأرض
في الوقت الذي ساد فيه الاعتقاد الخاطئ بأن الكون الذي نحيا فيه كان منذ الأزل, وسيبقي إلي الأبد, وأنه كون لا نهائي, أي لا تحده حدود, وأنه كون ساكن, ثابت في مكانه, لا يتغير, وأن النجوم مثبتة في السماء التي تدور بنجومها كقطعة واحدة حول الأرض, وأن الكون شامل للعناصر الأربعة: التراب, والماء, والهواء, والنار, وحول هذه الكرات الأربع تدور السماء بنجومها, وغير ذلك من الخرافات والأساطير, في هذا الوقت جاء القرآن الكريم مؤكدا أن الكون مخلوق له بداية, ولابد أنه ستكون له في يوم من الأيام نهاية, وكل مخلوق محدود بحدود لا يتجاوزها, ومؤكدا أن جميع أجرام السماء في حركة دائبة, وجري مستمر إلي أجل مسمي, وأن السماء ذاتها في توسع دائب إلي أجل مسمي, وأن السماوات والأرض كانتا في الأصل جرما واحدا ففتقهما الله ( تعالي) فتحولت مادة هذا الجرم الأول إلي الدخان الذي خلقت منه الأرض والسماء, وأن هذا الكون سوف يطوي ليعود كهيئته الأولي جرما واحدا مفردا ينفتق مرة أخري إلي غلالة من الدخان تخلق منها أرض غير أرضنا الحالية, وسماوات غير السماوات التي تظلنا في حياتنا الدنيا, وهنا تتوقف رحلة الحياة الأولي وتبدأ رحلة الآخرة.
وقد لخص لنا ربنا ( تبارك وتعالي) عملية خلق السماوات والأرض وإفنائهما, وإعادة خلقهما في صياغة كلية شاملة من قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة, وذلك في خمس آيات من آيات القرآن الكريم علي النحو التالي:
(1) ﴿ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ﴾ ( الذاريات:47).
(2) ﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾ ( الأنبياء:30).
(3) ﴿ ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ ( فصلت:11).
(4) ﴿ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ۚ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ۚ وَعْدًا عَلَيْنَا ۚ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ﴾ ( الأنبياء:104).
(5) ﴿ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ۖ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ ( إبراهيم:48).
وهذه الآيات القرآنية الكريمة تشير إلي عدد من حقائق الكون الكبرى والتي منها:
(1) توسع الكون منذ اللحظة الأولي لخلقه وإلي أن يشاء الله.
(2) ابتداء خلق الكون من جرم أولي واحد ( مرحلة الرتق الأول).
(3) فتق هذا الجرم الأولي أي انفجاره ( مرحلة الفتق الأول).
(4) تحول المادة في الجرم الأولي عند فتقه إلي الدخان ( مرحلة الدخان).
(5) خلق كل من الأرض والسماوات من الدخان الكوني ( مرحلة الإتيان بكل من الأرض والسماء).
(6) حتمية عودة الكون بكل ما فيه ومن فيه إلي جرم ابتدائي واحد مشابه للجرم الأولي الذي ابتدأ منه الخلق ( مرحلة الرتق الثاني أو طي السماء أو الانسحاق الشديد للكون).
(7) حتمية فتق هذا الجرم الثاني أي انفجاره ( مرحلة الفتق للرتق الثاني).
(8) حتمية تحول الرتق الثاني بعد فتقه إلي غلالة من الدخان الكوني.
(9) إعادة خلق أرض غير أرضنا الحالية وسماوات غير السماوات التي تظللنا اليوم وبداية رحلة الآخرة.
وهذه الحقائق الكونية لم يستطع الإنسان إدراك شيء منها إلا في القرن العشرين, حين توصل العلم الحديث إلي إثبات توسع الكون
في الثلث الأول من ذلك القرن, ثم اندفع بهذه الملاحظة الصحيحة إلي الاستنتاج المنطقي أننا إذا عدنا بهذا الاتساع إلي الوراء مع الزمن, فلابد أن تلتقي جميع صور المادة والطاقة المنتشرة في الكون, كما يلتقي كل من المكان والزمان, وجميع ما في الكون من موجودات في نقطة واحدة تكاد تقترب من الصفر أي العدم علي هيئة ابتدائية للكون
أو ( مرحلة الرتق), وأن تلك الهيئة الأولية كانت متناهية في الصغر, كما كانت بالقطع في مستوي من الكثافة ودرجة الحرارة لا يكاد العقل البشري أن يتصورهما فانفجرت ( مرحلة الفتق), ونتج عن هذا الانفجار الكوني العظيم ( الفتق بعد الرتق) تحول هذا الجرم الأولي للكون ـ المتناهي في ضآلة الحجم وضخامة الكثافة وشدة الحرارة ـ إلي غلالة من الدخان ( مرحلة الدخان الكوني) الذي خلق الله ( تعالي) منه الأرض والسماء ( مرحلة الإتيان بكل من الأرض والسماء).
ويتوقف العلم المكتسب عند ملاحظة أن عملية التوسع الكوني لا يمكن لها أن تستمر إلي ما لا نهاية, وذلك لأن قوة الدفع إلي الخارج الناتجة عن الانفجار الكوني التي بدأت بعنف بالغ حتي اليوم في تناقص مستمر, وسوف يؤدي هذا التناقص التدريجي في سرعة توسع الكون إلي الوصول به إلي مرحلة تتغلب فيها قوي الجاذبية علي قوي الدفع إلي الخارج, فيبدأ الكون في الانكماش والتكدس علي ذاته حتي يعود إلي حالة مشابهة تماما لحالته الأولي التي ابتدأ منها خلق الكون ( مرحلة الرتق الأولي), وتعرف هذه المرحلة المستقبلية باسم مرحلة الرتق الثانية
القرآن الكريم وخلق السماوات والأرض
في الوقت الذي ساد فيه الاعتقاد الخاطئ بأن الكون الذي نحيا فيه كان منذ الأزل, وسيبقي إلي الأبد, وأنه كون لا نهائي, أي لا تحده حدود, وأنه كون ساكن, ثابت في مكانه, لا يتغير, وأن النجوم مثبتة في السماء التي تدور بنجومها كقطعة واحدة حول الأرض, وأن الكون شامل للعناصر الأربعة: التراب, والماء, والهواء, والنار, وحول هذه الكرات الأربع تدور السماء بنجومها, وغير ذلك من الخرافات والأساطير, في هذا الوقت جاء القرآن الكريم مؤكدا أن الكون مخلوق له بداية, ولابد أنه ستكون له في يوم من الأيام نهاية, وكل مخلوق محدود بحدود لا يتجاوزها, ومؤكدا أن جميع أجرام السماء في حركة دائبة, وجري مستمر إلي أجل مسمي, وأن السماء ذاتها في توسع دائب إلي أجل مسمي, وأن السماوات والأرض كانتا في الأصل جرما واحدا ففتقهما الله ( تعالي) فتحولت مادة هذا الجرم الأول إلي الدخان الذي خلقت منه الأرض والسماء, وأن هذا الكون سوف يطوي ليعود كهيئته الأولي جرما واحدا مفردا ينفتق مرة أخري إلي غلالة من الدخان تخلق منها أرض غير أرضنا الحالية, وسماوات غير السماوات التي تظلنا في حياتنا الدنيا, وهنا تتوقف رحلة الحياة الأولي وتبدأ رحلة الآخرة.
وقد لخص لنا ربنا ( تبارك وتعالي) عملية خلق السماوات والأرض وإفنائهما, وإعادة خلقهما في صياغة كلية شاملة من قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة, وذلك في خمس آيات من آيات القرآن الكريم علي النحو التالي:
(1) ﴿ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ﴾ ( الذاريات:47).
(2) ﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾ ( الأنبياء:30).
(3) ﴿ ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ ( فصلت:11).
(4) ﴿ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ۚ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ۚ وَعْدًا عَلَيْنَا ۚ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ﴾ ( الأنبياء:104).
(5) ﴿ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ۖ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ ( إبراهيم:48).
وهذه الآيات القرآنية الكريمة تشير إلي عدد من حقائق الكون الكبرى والتي منها:
(1) توسع الكون منذ اللحظة الأولي لخلقه وإلي أن يشاء الله.
(2) ابتداء خلق الكون من جرم أولي واحد ( مرحلة الرتق الأول).
(3) فتق هذا الجرم الأولي أي انفجاره ( مرحلة الفتق الأول).
(4) تحول المادة في الجرم الأولي عند فتقه إلي الدخان ( مرحلة الدخان).
(5) خلق كل من الأرض والسماوات من الدخان الكوني ( مرحلة الإتيان بكل من الأرض والسماء).
(6) حتمية عودة الكون بكل ما فيه ومن فيه إلي جرم ابتدائي واحد مشابه للجرم الأولي الذي ابتدأ منه الخلق ( مرحلة الرتق الثاني أو طي السماء أو الانسحاق الشديد للكون).
(7) حتمية فتق هذا الجرم الثاني أي انفجاره ( مرحلة الفتق للرتق الثاني).
(8) حتمية تحول الرتق الثاني بعد فتقه إلي غلالة من الدخان الكوني.
(9) إعادة خلق أرض غير أرضنا الحالية وسماوات غير السماوات التي تظللنا اليوم وبداية رحلة الآخرة.
وهذه الحقائق الكونية لم يستطع الإنسان إدراك شيء منها إلا في القرن العشرين, حين توصل العلم الحديث إلي إثبات توسع الكون
في الثلث الأول من ذلك القرن, ثم اندفع بهذه الملاحظة الصحيحة إلي الاستنتاج المنطقي أننا إذا عدنا بهذا الاتساع إلي الوراء مع الزمن, فلابد أن تلتقي جميع صور المادة والطاقة المنتشرة في الكون, كما يلتقي كل من المكان والزمان, وجميع ما في الكون من موجودات في نقطة واحدة تكاد تقترب من الصفر أي العدم علي هيئة ابتدائية للكون
أو ( مرحلة الرتق), وأن تلك الهيئة الأولية كانت متناهية في الصغر, كما كانت بالقطع في مستوي من الكثافة ودرجة الحرارة لا يكاد العقل البشري أن يتصورهما فانفجرت ( مرحلة الفتق), ونتج عن هذا الانفجار الكوني العظيم ( الفتق بعد الرتق) تحول هذا الجرم الأولي للكون ـ المتناهي في ضآلة الحجم وضخامة الكثافة وشدة الحرارة ـ إلي غلالة من الدخان ( مرحلة الدخان الكوني) الذي خلق الله ( تعالي) منه الأرض والسماء ( مرحلة الإتيان بكل من الأرض والسماء).
ويتوقف العلم المكتسب عند ملاحظة أن عملية التوسع الكوني لا يمكن لها أن تستمر إلي ما لا نهاية, وذلك لأن قوة الدفع إلي الخارج الناتجة عن الانفجار الكوني التي بدأت بعنف بالغ حتي اليوم في تناقص مستمر, وسوف يؤدي هذا التناقص التدريجي في سرعة توسع الكون إلي الوصول به إلي مرحلة تتغلب فيها قوي الجاذبية علي قوي الدفع إلي الخارج, فيبدأ الكون في الانكماش والتكدس علي ذاته حتي يعود إلي حالة مشابهة تماما لحالته الأولي التي ابتدأ منها خلق الكون ( مرحلة الرتق الأولي), وتعرف هذه المرحلة المستقبلية باسم مرحلة الرتق الثانية
[
أو الرتق بعد الفتق أو طي السماء أو مرحلة الانسحاق الشديد للكون كما يحلو لبعض
الفلكيين المعاصرين تسميتها].
وقد أخبرنا ربنا ( تبارك وتعالي) من قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة أنه ( سبحانه) قد تعهد بإعادة السماوات والأرض إلي سيرتها الأولي وذلك بقوله في محكم كتابه ( عز من قائل):
﴿ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ۚ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ۚ وَعْدًا عَلَيْنَا ۚ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ﴾ ( الانبياء:104).,
وليس من قبيل المصادفة أن ترد الآيتان رقم (30) وهي المتعلقة بخلق الكون( الفتق بعد الرتق), ورقم (104) وهي المتعلقة بإفناء الكون( الرتق بعد الفتق) في سورة واحدة وهي سورة الأنبياء.
ولولا أن الله ( تعالي) قد تعهد بإعادة خلق أرض غير أرضنا, وخلق سماء غير سمائنا, وأخبرنا بذلك من قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة في محكم كتابه وذلك بقوله ( عز من قائل):
﴿ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ۖ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ ( إبراهيم:48).
ما كان أمام العلوم المكتسبة من سبيل إلي معرفة ذلك.
هذه الحقائق الكونية الكبرى في خلق السماوات والأرض, لم يستطع الانسان الوصول إلي إدراك شيء منها إلا في منتصف القرن العشرين أو بعد ذلك, حين تبلورت نظرية فلكية باسم نظرية الانفجار العظيم
وهذه النظرية هي الأكثر قبولا عند علماء الفلك وعلماء الفيزياء الفلكية والنظرية في تفسير نشأة الكون, وقد سبق القرآن الكريم بالإشارة إليها من قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة وذلك بقول الحق تبارك وتعالي.
﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾ ( الأنبياء:30).
والرتق: في اللغة عكس الفتق, لأن الرتق هو الضم والالتحام والالتئام سواء كان ذلك طبيعيا أو صناعيا, يقال رتقت الشيء فارتتق أي فالتأم والتحم.
والفتق: لغة هو الفصل والشق والانشطار.
والمعني الواضح لنا من هذه الآية الكريمة أن السموات والأرض كانتا في الأصل شيئا واحد متصلا, ملتئما, وملتحما, ففتقه ربنا تبارك وتعالي بأمر منه سبحانه إلي الأرض التي نحيا عليها, وإلي سبع سماوات من فوقنا.
والقرآن الكريم هنا يعطي الصورة الكلية الجامعة لهذا الحدث الكوني العظيم, ويترك التفاصيل لجهود العلماء والمفكرين الذين يتفكرون في خلق السموات والأرض, والذين تجمعت ملاحظاتهم العلمية الدقيقة في صفحة السماء لتؤكد في منتصف القرن العشرين صدق ما قد أنزله الله تعالي في آخر كتبه, وعلي خاتم أنبيائه ورسله ( عليه وعليهم أجمعين أفضل الصلاة وأزكي التسليم من قبل ألف وأربعمائة من السنين.
هذا السبق القرآني بحقيقة الفتق بعد الرتق يجعلنا نرتقي بنظرية الانفجار الكوني العظيم إلي مقام الحقيقة, ونكون هنا قد انتصرنا بالقرآن الكريم للعلم المكتسب, وليس العكس, والسبب في لجوئنا إلي تلك النظرية لحسن فهم دلالة الآية القرآنية رقم30 من سورة الأنبياء هو أن العلوم المكتسبة لا يمكن لها أن تتجاوز مرحلة التنظير في القضايا التي لا تخضع لحس الانسان المباشر أو ادراكه المباشر من مثل قضايا الخلق والافناء وإعادة الخلق خلق الكون, خلق الحياة, وخلق الانسان وصدق الله العظيم اذ يقول:
﴿ مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا ﴾ ( الكهف:51).
كذلك فإن نظرية الانسحاق الكوني العظيم
يرتقي بها إلي مقام الحقيقة قول ربنا تبارك وتعالي:
﴿ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ۚ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ۚ وَعْدًا عَلَيْنَا ۚ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ﴾ ( الانبياء:104).
هذا السبق القرآني بالإشارة إلي حقيقة الفتق بعد الرتق أو ما يعبر عنه بالانفجار الكوني العظيم, وإلي حقيقة توسيع السماء أو تمدد الكون, وإلي حقيقة الخلق من الدخان, وإلي حقيقة الرتق بعد الفتق طي المساء أو الانسحاق الكوني العظيم, وإلي حقيقة إعادة خلق أرض غير الأرض وسماوات غير السماوات الحالية, وإلي العديد غيرها من الحقائق التي صاحبت خلق السماوات والأرض أو التي تلازمهما اليوم, أو التي سوف تحدث عند إفناء الكون, هو من أعظم الشهادات بأن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق, ولا يمكن له أن يكون كلام أحد غير الله, كما يشهد لهذا النبي الخاتم ﷺ بأنه كان موصولا بوحي السماء, ومعلما من قبل خالق السماوات والأرض, حيث انه لم يكن لأحد من الخلق علم بهذه الحقائق الكونية الكبرى في زمن الوحي, ولا لقرون متطاولة من بعد نزوله:
وتشهد هذه الآيات الكونية الواردة في كتاب الله وأمثالها من الآيات القرآنية الأخرى المتعلقة بالكون وظواهره وبعض مكوناته بالدقة والشمول والكمال, وبالصياغة المعجزة التي يفهم منها أهل كل عصر معني من المعاني يتناسب مع المستوي العلمي للعصر, وتظل هذه المعاني تتسع باستمرار مع اتساع دائرة المعرفة الانسانية في تكامل لا يعرف التضاد, وهذا عندي من أبلغ جوانب الإعجاز في كتاب الله.
وقد أخبرنا ربنا ( تبارك وتعالي) من قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة أنه ( سبحانه) قد تعهد بإعادة السماوات والأرض إلي سيرتها الأولي وذلك بقوله في محكم كتابه ( عز من قائل):
﴿ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ۚ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ۚ وَعْدًا عَلَيْنَا ۚ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ﴾ ( الانبياء:104).,
وليس من قبيل المصادفة أن ترد الآيتان رقم (30) وهي المتعلقة بخلق الكون( الفتق بعد الرتق), ورقم (104) وهي المتعلقة بإفناء الكون( الرتق بعد الفتق) في سورة واحدة وهي سورة الأنبياء.
ولولا أن الله ( تعالي) قد تعهد بإعادة خلق أرض غير أرضنا, وخلق سماء غير سمائنا, وأخبرنا بذلك من قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة في محكم كتابه وذلك بقوله ( عز من قائل):
﴿ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ۖ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ ( إبراهيم:48).
ما كان أمام العلوم المكتسبة من سبيل إلي معرفة ذلك.
هذه الحقائق الكونية الكبرى في خلق السماوات والأرض, لم يستطع الانسان الوصول إلي إدراك شيء منها إلا في منتصف القرن العشرين أو بعد ذلك, حين تبلورت نظرية فلكية باسم نظرية الانفجار العظيم
وهذه النظرية هي الأكثر قبولا عند علماء الفلك وعلماء الفيزياء الفلكية والنظرية في تفسير نشأة الكون, وقد سبق القرآن الكريم بالإشارة إليها من قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة وذلك بقول الحق تبارك وتعالي.
﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾ ( الأنبياء:30).
والرتق: في اللغة عكس الفتق, لأن الرتق هو الضم والالتحام والالتئام سواء كان ذلك طبيعيا أو صناعيا, يقال رتقت الشيء فارتتق أي فالتأم والتحم.
والفتق: لغة هو الفصل والشق والانشطار.
والمعني الواضح لنا من هذه الآية الكريمة أن السموات والأرض كانتا في الأصل شيئا واحد متصلا, ملتئما, وملتحما, ففتقه ربنا تبارك وتعالي بأمر منه سبحانه إلي الأرض التي نحيا عليها, وإلي سبع سماوات من فوقنا.
والقرآن الكريم هنا يعطي الصورة الكلية الجامعة لهذا الحدث الكوني العظيم, ويترك التفاصيل لجهود العلماء والمفكرين الذين يتفكرون في خلق السموات والأرض, والذين تجمعت ملاحظاتهم العلمية الدقيقة في صفحة السماء لتؤكد في منتصف القرن العشرين صدق ما قد أنزله الله تعالي في آخر كتبه, وعلي خاتم أنبيائه ورسله ( عليه وعليهم أجمعين أفضل الصلاة وأزكي التسليم من قبل ألف وأربعمائة من السنين.
هذا السبق القرآني بحقيقة الفتق بعد الرتق يجعلنا نرتقي بنظرية الانفجار الكوني العظيم إلي مقام الحقيقة, ونكون هنا قد انتصرنا بالقرآن الكريم للعلم المكتسب, وليس العكس, والسبب في لجوئنا إلي تلك النظرية لحسن فهم دلالة الآية القرآنية رقم30 من سورة الأنبياء هو أن العلوم المكتسبة لا يمكن لها أن تتجاوز مرحلة التنظير في القضايا التي لا تخضع لحس الانسان المباشر أو ادراكه المباشر من مثل قضايا الخلق والافناء وإعادة الخلق خلق الكون, خلق الحياة, وخلق الانسان وصدق الله العظيم اذ يقول:
﴿ مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا ﴾ ( الكهف:51).
كذلك فإن نظرية الانسحاق الكوني العظيم
يرتقي بها إلي مقام الحقيقة قول ربنا تبارك وتعالي:
﴿ يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ۚ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ۚ وَعْدًا عَلَيْنَا ۚ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ﴾ ( الانبياء:104).
هذا السبق القرآني بالإشارة إلي حقيقة الفتق بعد الرتق أو ما يعبر عنه بالانفجار الكوني العظيم, وإلي حقيقة توسيع السماء أو تمدد الكون, وإلي حقيقة الخلق من الدخان, وإلي حقيقة الرتق بعد الفتق طي المساء أو الانسحاق الكوني العظيم, وإلي حقيقة إعادة خلق أرض غير الأرض وسماوات غير السماوات الحالية, وإلي العديد غيرها من الحقائق التي صاحبت خلق السماوات والأرض أو التي تلازمهما اليوم, أو التي سوف تحدث عند إفناء الكون, هو من أعظم الشهادات بأن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق, ولا يمكن له أن يكون كلام أحد غير الله, كما يشهد لهذا النبي الخاتم ﷺ بأنه كان موصولا بوحي السماء, ومعلما من قبل خالق السماوات والأرض, حيث انه لم يكن لأحد من الخلق علم بهذه الحقائق الكونية الكبرى في زمن الوحي, ولا لقرون متطاولة من بعد نزوله:
وتشهد هذه الآيات الكونية الواردة في كتاب الله وأمثالها من الآيات القرآنية الأخرى المتعلقة بالكون وظواهره وبعض مكوناته بالدقة والشمول والكمال, وبالصياغة المعجزة التي يفهم منها أهل كل عصر معني من المعاني يتناسب مع المستوي العلمي للعصر, وتظل هذه المعاني تتسع باستمرار مع اتساع دائرة المعرفة الانسانية في تكامل لا يعرف التضاد, وهذا عندي من أبلغ جوانب الإعجاز في كتاب الله.
الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ
جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
الإعجاز العلمي في القرأن (أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما) - فذكر
Reviewed by احمد خليل
on
2:59:00 ص
Rating:
ليست هناك تعليقات: