كتاب
السلام: باب استحباب المصافحةِ عندَ اللقاء وبشاشةِ الوجهِ وتقبيل يد الرجل
الصالح، وتقبيل ولده شفقةً
شرح
العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
شرح
حديث/ من لا يرحم لا يرحم
أحاديث رياض الصالحين: باب استحباب
المصافحةِ عندَ اللقاء وبشاشةِ الوجهِ وتقبيل يد الرجل الصالح، وتقبيل ولده
شفقةً، ومعانقة القادم من سفرٍ، كراهية الانحناء
٨٩٨- وعن أبي هُريرةَ رضي الله عنه، قَالَ:
قبَّل النَّبيُّ ﷺ الحَسَنَ بْنَ عَليٍّ رضي
الله عنهما، فَقَالَ الأقْرَعُ بن حَابس: إنَّ لِي عَشرةً مِنَ الْوَلَد ما
قَبَّلتُ مِنهُمْ أحَدًا! فَقَالَ رسولُ الله ﷺ:
«مَن لا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمْ» [١] متفقٌ
عَلَيهِ.
الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله،
وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الحديث كالذي قبله في الحثِّ على
إفشاء السلام والمصافحة والتقبيل عند الحاجة ورحمة الصغير، كل ذلك مشروعٌ كما
بيَّنه النبيُّ عليه الصلاة والسلام، فالمؤمن يقرأ السلام ويُفشيه بين الناس، ويُطْعِم
الطعام، ويرحم الصغير ويُقبِّله أيضًا، ويرحم الضعيف والمريض، إلى غير ذلك.
ولهذا كان النبيُّ يُقَبِّل الحسنَ بن عَليٍّ
بن أبي طالب ابن بنته، فقال له الأقرعُ بن حابسٍ: عندي عشرة من الولد ما قبَّلْتُ
منهم أحدًا! فقال النبي: «مَن لا يَرْحَم لا يُرْحَم»،
وفي لفظٍ: قال له الأقرعُ بن حابس: إنَّ لي عشرة ما قبَّلْتُ أحدًا! قال: «أوَ أَمْلِكُ لكَ أنْ نَزَعَ اللَّهُ مِن قَلْبِكَ
الرَّحْمَةَ»
[٢]، فالمؤمن يرحم.
ولما عُرِضَ عليه طفلٌ لإحدى بناته ونفسه
تقعقع في الموت بكى عليه الصلاة والسلام، فقال له سعدُ بن عبادة: ما هذا يا رسول
الله؟ قال: «إنها رحمةٌ، وإنَّما يرحمُ اللهُ من
عبادِه الرُّحماءَ»
[٣].
فالأخذ باليد، وبسط الوجه، وتقبيل
الصغير، وتقبيل الكبير أيضًا بين عينيه، أو على رأسه، أو على أنفه، وتقبيل يديه
ورجليه إذا دعت الحاجةُ إلى ذلك لمصلحةٍ شرعيةٍ؛ لا بأس، كما فعل الصحابةُ رضي
الله عنهم، وأرضاهم،
والمهم في هذا التَّواضع، وبسط السلام، والمصافحة، وطلاقة الوجه، وعدم التَّكبر. وفَّق
الله الجميع.
[١] صحيح البخاري: (٦٠١٣)، مسلم: (٧٣٧٦).
[٢] أخرجه البخاري في "الأدب المفرد"
(٩٠) باختلاف يسير، ومسلم: (٢٣١٧)، وابن ماجه: (٣٦٦٥)
كلاهما بنحوه.
[٣] أخرجه البخاري: (١٢٨٤)، ومسلم: (٩٢٣).
الْحمْد
لِلَّه ربِّ الْعالمين
اللَّهمَّ
اِرْحم مَوْتَانا مِن المسْلمين واجْمعْنَا بِهم فِي جَنَّات النَّعِيم
تَقبَل
اَللَّه مِنَّا ومنْكم صَالِح الأعْمال